السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٨ صباحاً
الجمعة ، ٠٤ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
يصدق عليناالمثل الشعبي ( إذا كثرت الديكة فسد الليل ) والمعنى أن سكون الليل المفضي للإستقرار يفسده صياح الديكة المتعدد طوال ساعات الليل فلا ينقطع حتى الصباح ، وكذا البلدان التي يكثرفيها الأوصياء على الناس يكثرون الصياح متغنين حب الأوطان وتقديم المصالح الوطنية وأنهم يملكون الحلول والرؤية الواضحة التي تقودهم والآخرين إلى بر الأمان ، ويؤكدون أنهم الوريث الشرعي والوحيد لحكم البلاد وقيادة الشعوب ، لأنهم المخلصون لوطنهم ولا يرتبطون بأجندات خارجية هنا أو هناك !! ولا فرق بين ديكة تظل طوال الليل تهتك أستار السكون وراحة النفس والبال ، تفرض نفسها على بقية الخلق من دونها وصية للتنبيه على الوقت تصيح كل ساعة وساعة و من يفرضون الوصاية على الخلق وتظل أجهزتهم الإعلامية الرسمية منها والخاصة تضج مسامع الناس بالتحقير من هذا والتسفيه بهذا وتخوين هذا والتشكيك بوطنية هذا ونزاهة ذاك !! وأما هو فناصع البياض معصوم من الفشل لا يقع في الأخطاء ولا يجوز محاسبته ومراقبته !! هكذا هم نخبنا السياسية والعلمية والأدبية وحتى الإقتصادية والعسكرية ينزعهم العرق الفرعوني ( ما علمت لكم إلها غيري ، ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) .

في بلاد الغرب النصارى وبلدان الوثنية عبدة الشيطان والبقر وغيرها من الإلهيات يتنافسون مع اختلاف مشاربهم الفكرية وحتى العقدية في خدمة أوطانهم دون ضجيج أو بلبلة ، الكل يقدم برنامجه السياسي والإنتخابي عبروسائله الإعلامية المتاحة بعقلية التنافس الإيجابي الوطني وليس بعقلية ممارسة الوصاية والتحقير من الآخر ! .

البون واضح وجلي بين العمل السياسي والحزبي في بلاد الغرب والشرق تنظيرا وممارسة ، فما نراه نحن حقا محضا لنا لا نقبل شراكة الآخرين فيه ،عند غيرنا هو حق للآخر ويسعهم ما يسع غيرهم ، ولذلك أقاموا نهضة وبنوا بلدانهم وجعلوها حديثة حضارية بمعناها المادي المحض ، والقانون عندهم يحكم الجميع دون استثناء ، مؤسساتهم الرسمية بنوها لتكون وللأبد ملكا لكل الشعب تخدم الجميع وتعمل وفق الأليات التي ينتفع منها الجميع ، لا توجد لديهم مؤسسات تمسك بزمامها عائلات حاكمة أو لها صلة بالحاكم من قريب أوبعيد ، وإعلامهم ليس مختزلا بين منهج التمجيد والتقديس والتبجيل للعائلة الحاكمة ، إنهم حين تحمى المعارك الإنتخابية لا تكون دعاياتهم وابلا من التخوين وكيلا من التزييف والتضليل وخداع الجماهير بالوعود والأماني ! بل إن حملاتهم الدعائية تقديم البرامج المدروسة وتحليل الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة السابقة تحليلا علميا دون استغلال ذلك الإستغلال السيء والذي نسميه عندنا ( مكايدات ) .

التعددية السياسية والحزبية في بلادنا العربية والإسلامية جرت علينا الويلات وفرقتنا شذر مذر ، وفي بلاد غيرنا أفادتهم أيما فائدة ، ذلك لأننا اتخذنا من التعددية السياسية والحزبية معارك تصفية حسابات ، ومغنما ماليا للثراء ، وتنفيسا للكبت والعدوانية التي نمت لدينا منذ النشأة ، وإثباتا لحضور الذات والأنا على حساب الوطن والمواطنين . إن العمل الحزبي والسياسي عندتا إن وضعنا له تعريفا يكاد أن يكون الأقرب إلى ( الصياح السياسي الحزبي الأشبه بجنون الديكة في مسكن واحد ) .. إنني لا أقصد الإهانة لكل القيادات الحزبية والسياسية لكنني أقصد من يسيئون من القيادات الحزبية والسياسية للعملية السياسية والحزبية مستخفا ومحقرا نضالات الآخرين ، يستطيب جر الآخرين للمهاترات والمكايدات وتعكير الأجواء ليحيل طوال مواسم الأنشطة السياسية الضجيج الأشبه بديكة الليل المفسدة للحياة السياسية والحزبية ، متى يصل سياسيونا إلى اليوم الذي يتنافس الجميع لا لإقصاء الآخر وإنما لإشراك الآخر في تنفيذ برامجه التي يؤمن بموضوعيتها وواقعيتها ونفعها الوطن والمواطن ، أتمنى أن يكون جميع نخبنا السياسية والحزبية ديكا لكنها لا تصيح جميعا في وقت واحد طوال الليل وإنما يتوزعون مهامهم حفاظا على سكون الليل واستقرار الوطن .