الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٧ مساءً

أهمية المؤسسة التعليمية في تنمية الوعي الأمني-1

توفيق الكهالي
السبت ، ٠٥ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله معلمنا وقدوتنا وصفوة خلقه محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام وبعد :
عندما يثار الحديث حول أهمية المؤسسات التعليمية فهو ينصرف إلى البناء الفوقي والأمن الفكري وهو ما قصد من العنوان (أهمية المؤسسات التعليمية في تنمية الوعي الأمني) إذا يعد الأمن الفكري هو رصيد الأمة في مواجهة الحياة بكافة صنوفها .

فالمؤسسات التعليمية لها نصيب كبير في بناء فكر الإنسان وإعداده لمواجهة الحياة بكافة أصنافها وضروبها وأطيافها، كما أن الوعي الأمني يعّول عليه كثيراً في صحة المعتقد، والعيش بانسجام داخل نسيج المجتمع الواحد؛ مثمناً أهمية الولاء والانسجام والوحدة والترابط بين أفراد الأمة. كما أن الوعي الأمني يهدي الإنسان للسلوك الذي يتعامل به مع الإنسان والمادة بشكل متوافق لا يضّر بنفسه، ولا يضّر بمن يتعامل معه في مناحي الحياة المختلفة.

قال الله تعالى الذين ءامنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم اؤلئك لهم الأمن([1]). يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: أن هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له، ولم يشركوا به شيئاً هم الآمنون يوم القيامة([2]). حيث يعد الأمن من العذاب في الحياة الآخرة غاية ونعمة عظيمة يبشر الله بها عبادة الصالحين، وفي الحياة الدنيا يعدّ استتباب الأمن في حياة الأفراد والشعوب ذا أهمية خاصة أولاها الإسلام ما تستحقه من اهتمام وتقدير إذ كانت نعمة الأمن هي المطلب الأول الذي طلبه سيدنا إبراهيم عليه السلام من ربه، قال الله تعالى (واذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد امنا وارزق اهله من الثمرات ([3]). كما بين الله سبحانه وتعالى أن نعمة الأمن إحدى النعمتين التي أمتَنَّ بها على قريش قال الله تعالى ( لايلاف قريش ايلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف) )([4]).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم معافى في جسده، آمناً في سربه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا)([5]). فرتب الحاجات: الصحة أولا، ووضع الأمن ثانيا، والطعام والشراب ثالثا، وهذه هي الحاجات الأساسية لحياة الفرد والمجتمع([6]). "إن الأمن الصحيح والشامل هو الأساس والمنطلق لكل منا شط الحياة. و هو الأساس والمنطلق للتنمية والتطور، وهو الســلاح الفاعــل في مواجهة الخوف، وهو الصيانة لمنجزات الحاضر، وهو الحامي- بعد الله - لتطلعات المستقبل"([7]). ومن السمات الرائعة لمظاهر الوعي الأمني في المجتمع الإسلامي تربية الأجيال على مكارم الأخلاق، فلا مكانة للأنانية في مجتمع تسوده قيم ومبادئ سلوكية على درجة كبيرة من التفهم لروح الجماعة وتعاونها وتكاتفها، وتبادل المنفعة التي تنبعث من ذات الأفراد وتبرعهم الشخصي للمساعدة إلى أن تصل إلى درجة المشاركة في الحفاظ على الأمن ([8]). ولقد أتضح بما لا يدع مجالاً للشك بأن مهمة الأجهزة الأمنية في مجال توفير الأمن وبالتحديد في مجال مكافحة الجريمة لا يمكن أن تعطي النتائج المرجوة إلا بتعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية؛ سواء كان ذلك بشكل فردي أو جماعي عن طريق المبادرة الشخصية أو عن طريق المبادرات المنظمة بواسطة اللجان الأهلية والعامة في المجتمع([9])، ولن يتحقق ذلك إلا في ظل وعي أمني عال لتقدير أهمية مثل تلك الأعمال