الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٩ مساءً

الخليج وصمت الضجيج.!

د . أشرف الكبسي
الاثنين ، ٠٧ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً


بينما تتهاوى الدول العربية الواحدة تلو الأخرى ، وتتساقط شعوبها تباعاً كأنظمتها الحاكمة في حدائق الربيع الموحل ، ومستنقع الثورات الشائك ، تبقى دول الخليج كما كانت لعقود ، عصية على المؤثرات ، منيعة على التغيير والمتغيرات ، ما يثير الكثير من التساؤلات ، عن الحصانة التي يمتلكها هذا الكيان الثري المتماسك ، خلافاً لبعده العروبي الفقير المتهالك ، والإسلامي المتعارك ، ولسان حاله يقول بلكنة نفطية: لا تعطني حرية وعدالة وديمقراطية... أعطني فقط نفطاً وقاعدة أمريكية..!

يتحدث الخليج لغة براغماتية بحته ، فلا تعلو نبرته الملكية بالقومية العربية ، أو الإسلامية الجهادية إلا لمواجهة خصومه ، عرباً وفرساً وعجم ، مسلمين وكافرين ، أعداء أنظمته لا أعداء العروبة والدين ، كما أن تلك اللغة تبدو دافئة بالقيم الإنسانية والحقوقية ، تجاه شعب سوريا ، لكنها باردة تتجمد لصقيعها حقوق شعوبها ومياه البحرين..!
فهل استعاض نظام الخليج بالقواعد الأمريكية عن القواعد الأخلاقية ، وبالقيم النفطية عن الكرامة والحرية ، وبالأبراج العالية عن الأصالة والبادية ، ببرج العرب عن مصير العرب ، ببرج خليفة عن سنن الخليفة ، بالكعبة عن رب الكعبة ، وبالحرير عن المقاومة والتحرير..؟

ما إن تصل إلى دولة خليجية – إن تمكنت من الوصول - حتى تدرك أنك عربي من الدرجة الثانية ، وإنسان من الدرجة الثالثة ، ويتبين لك أن الثراء لغة ودين الأثرياء ، ودونه كل انتماء ، فإما أن تقف في طابور العمالة الأسيوية ، بلا تفضيل ، على قاعدة (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالكفالة) لتؤدي بصمت (سياسي) واستكانة (حقوقية) دور الأخ البائس غير الشقيق، أو أن تعود أدراجك إلى فوضى الحرية وعبث الفقر وصمت الضجيج..!

للخليج – وإلى حين – التمتع بحصانة الثراء ، وقوة قواعد حلفائه ، وتوارث السلطة والشعب في إطار الأسرة الواحدة ، بمعزل عن أكذوبة (الحكم الرشيد) و(المصير المشترك) ، بمنأى عن تطلعات مواطنيه ومعاناة وشقاء إخوته الأشقياء ، فقط عليه الكف عن نقع الوجه العربي في النفط الخام لتمديد بقاءه...كما أن على دويلاته وهي تعيش سباقاً بينياً محموماً على مضمار سياسات التأثير والنفوذ إقليمياً ودولياً ، التعايش مع القلق الذي يصاحب صاحب القصر ، عندما تحيط به بساتين الربيع وأكواخ الفقر..!