الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٠ مساءً

الأهم من شكل الدولة..!

د . محمد ناجي الدعيس
السبت ، ١٢ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
إن التغيير هو عملية التحرك من حالة حاضرة تمر بمرحلة انتقالية تهدف للوصول إلى الحالة المنشودة في المستقبل. وتبدأ هذه العملية بإدراكنا الحاجة للتغيير وإدارة عملية التغيير في هذه الحالة الانتقالية هي مرحلة حاسمة في عملية التغيير. ومن هنا تنشأ مشكلات إدخال التغيير أو مأسسته، والتي من المفترض التغلب عليها، وهذه المشكلات تسمى مقاومة عملية التغيير من قبل من يشعرون بأن مصالحهم سوف تتضرر جرّاء عملية التغيير، وهنا تكون الحاجة كبيرة لبذل كل ما يمكن من جهد لمقاومة ردود الأفعال والمعوقات المحتملة لإدخال التغيير في النظام.

ومن العبثية أن يتبنى عملية التغيير وينادي بها شخص أو قائد وقلبه غير مؤمن بمبادئها كعقيدته التي يموت دونها، وبمعنى آخر تصبح عملية التغيير جزءاً لا يتجزأ من ثقافة قائد التغيير وأعمال منظومته وكل من ينتسب لها، وحتى تتحقق عملية التغيير المنشودة لدى الأفراد والجماعات في إطار المنظمة أو الدولة المأمولة هناك بعض من القواعد والشروط التي لا بد من توافرها، وعلى رأس تلك الشروط توافر القيادة المثالية التي يتم اختيارها من صفوة المسؤولين، تكون ذات صفات قيادية تملك رسالة ورؤية بموجبها تستطيع إدارة عملية التغيير بنجاح، مع الالتزام الشديد بخطوات التغيير المرسومة وآلياتها من قبل المكونات كافة، ومن المفترض أيضاً فهم ثقافة المجتمع المعني بالتغيير ومستويات التغير التي قد تكون مؤثرة وفعّالة فيه، لأن اختيار المستويات التغييرية التي تتفق وثقافة المجتمع أمر مهم لتجنب ردود الأفعال العنيفة، والى جانب كل ذلك من الضروري بناء بيئة عمل جاذبة تساعد على التغيير، من خلال تغيير العمليات والهياكل والنظم المؤسسية وفق ما تقتضيه مبادئ وأسس وأهداف التغيير المرسومة. أي لا بد من توفر قاعدة بيانات مستوفية لكل جوانب التغيير يمكن الرجوع إليها عند الحاجة، وهي من أهم الأدوات اللازمة لإتمام عملية التغيير والوصول بها إلى الأهداف المنشودة.. وما نعيشه من واقع أليم هو بسبب أقلية تنادي بعملية التغيير دون إيمان بها وهي لا تتجاوز حدود شفاههم..

وكما أسلفت بأن مقاومة التغيير أمر حتمي، إذا ما شعر الأفراد المعنيون بالتغيير أنهم سيصبحون أسوأ حالاً أو كما في اعتقادهم ذلك وخصوصاً الفاسدون منهم، سواء كان هذا بصورة واضحة أو ضمنية.. وإذا كانت إدارة عملية التغيير والقائمين عليه عديمي الكفاءة قد تتسبب في إحداث هذه المقاومة، بينما الإدارة الناجحة المفعمة بالفكر اشبكي والإرادة الصلبة تجعل مقاومة التغيير من ضمن أولوياتها فتقترح السبل والإجراءات الكفيلة بجعل التغيير أمراً مقبولاً ومرحباً به من قبل الإفراد والفئات المجتمعية المعنية به.

إن عملية التغيير التي ينشدها الشعب اليمني من قادة مؤتمر الحوار الوطني وأعضاءه هو التوعية تسبق أفعالهم أقوالهم في إنكار الذّات لإظهار وطن مؤسسي كما تريده الأغلبية لا الأقلية، فالصراع القائم والمحتدم بين الأطراف المتحاورة في عملية التغيير على شكل الدولة اليمنية القادمة هو أمرٌ في غاية الغرابة، لأن المحرك الأساس للدولة هو العنصر البشري وعقليته، فإذا لم يتغير نمط تفكيره عن الأمس في إدارة الدولة وشؤون حياته، ففي اعتقادي لن تحدث عملية التغيير للدولة المأمولة ولو كان شكلها يتطابق وأي من الدول المتقدمة لن نجدها إلا دولة يمنية بشكلها في منتصف الخمسينات من القرن الماضي، وما يحدث من صراع داخل مؤتمر الحوار تارة على المبادرة وحيناً على شكل الدولة، وأخرى ضد فكر أو جماعة معيّنة..الخ، ما هي إلا مقاومات وإن اختلفت في الأسلوب ضد عملية التغيير المطلوبة ومنتجها، من أقلية ترى أن في مخرجات الحوار مصادرة لمصالحها المزعومة التي اغتصبتها من شعبٍ بأسره وصادرتها.. ألا يُعد سرقة جهاز تلفون المبعوث ألأممي الأستاذ / جمال بن عمر وسط أعضاء الحوار هو إصرار من تلك الأقلية لممارسة الفعل الذي أوجب عملية التغيير؟ هل تلك العقلية فكرت في سرقة جهاز تلفون الضيف بن عمر قائد عملية التغيير بعد عجزها في محاولة سرقة ضميره كنوع من الاعتراف بالهزيمة وخيبة الأمل في مقاومة عملية التغيير؟ تلك الأفعال غير الإنسانية ترى أن أي تردد أو تأجيل لإجراء عملية التغيير إلى الغد قد يخلق نوعاً من الصراع الانفعالي لدى الشخص أو الأشخاص المسؤولين الأمر الذي يثبط من همتهم، فتقوم بردود أفعال لا أخلاقية ضد عملية التغيير ولو كانت تلك الأفعال تسيء لكل فرد من أفراد المجتمع اليمني.

ويعد الإعلان عن نتائج الحوار الوطني هو الخطوة الأولى نحو عملية التغيير الوطني المأمول في شتى المجالات المؤسسية، ومن الجهل الشديد ظن البعض أنها نهاية المطاف لعملية التغيير، وأشدد هنا أن الأهم في عملية التغيير الوطني ليس شكل الدولة بقدر ما يكون في تغيير العنصر البشري ونمط تفكيره بما يتوافق ومتغيرات كل المكونات الوطنية والإقليمية والدولية لأنه هو من سيقود المشروع الوطني القادم نحو الأفضل لا الأسوأ..! والكن السؤال هو : هل ستقف الأقلية عند هذه المرحلة عن مقاومة عملية التغيير بتلك الأساليب التي لا تحمل سوى ملة الكفر بالتغيير نحو الأفضل لوطن وأغلبيته؟