الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣١ صباحاً

بلقيس الربيع العربي

علي الذهب
السبت ، ١٥ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ١٠:١٠ مساءً
فتاة الثلاثة عقود، من سلالة ذي الكلاع، توكل عبدالسلام كرمان، أرَضَتُنا المباركة، دابة الأرض التي سقط رأسها حيا بعد نصف عام من صعود على عبدالله صالح إلى كرسي السلطة ذي القوائم الفولاذية، الذي استعصى على كل ذي قوة من ذكور قومه في معتركات السياسة والحرب.

مثلُ كل صبية، كانت تنطلق إلى مدرستها، تغض الطرف، تمشي إلى جانب الطريق، تذرعه ذهابا وجيئة. كانت وهي ترتل بخشوع مفردات النشيد الوطني في صحن مدرستها كل صباح؛ تخنقها مفرداته التي تمضي ببطء؛ مفردة مفردة، حرفا حرفا، ومع ذلك تنطلق توكل بتوكلٍ، ودون خور، بمثابرة الفتيات اللائي ينافسن الصبية، ويثرن في نفوسهم قلق التفوق.

هبَّت، ولكن لا كهبة أرَضَة مِنسأة النبي سليمان عليه السلام، أجل، هبت بقوة ضعفها، ونبل غايتها، ودبيب آمالها الكبار التي امتلأت بها كراساتها، وصدر منضدتها، وجدران غرفتها، حين كانت تسطر عليها: سيرحل. ثم تعالت هتافاتها مع رعية مدرجات الجعاشن المنكوبين الذين أعرض عنهم رئيسهم إعراض شيخهم المتسلط.

جاءت بعزيمة ناعمة ومتوكلة على الله، تأكل بصبرٍ حكيم قوائم كرسي العقود الثلاثة الفولاذي، من مُلك فتى سنحان، شيئا فشيئا، عاما عاما، يوما يوما، ساعة ساعة، فيخرُّ على حين غفلةٍ صنعها من حوله ندماؤه؛ مدبجو القصائد الكهنوتية، ومنجمو السياسةالمنافقون، وناقشو الخرائط الحربية الخراصون.
سقط الكرسي.. وثالثة عيوننا تبصِّرنا وتعلمنا كيف يكون التبصر والإبصار.