السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً

تلفزيون

د . محمد نائف
السبت ، ٢٦ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
العنوان أعلاه هو عنوان قصة قصيرة جداً قرأتها، فعلمتني أو بالأحرى ذكرتني بأمور كنت قد غَفلت عنها. أرجو أن تذكركم بأشياء غفلتم عنها وتكون بذلك من قبل الذكرى التي تنفع المؤمنين وخير ما قَلَ ودَلَ وإليكم القصة:

طلبت المعلمة من طلبتها في المدرسة الابتدائية أن يكتبوا موضوعاً يطلبون فيه من الله أن يعطيهم ما يريدون.. وبعد العودة إلى منزلها جلست تقرأ ما كتبوا فأثار عاطفتها موضوع فدمعت عيناها.. وصادف ذلك دخول زوجها البيت، فسألها: ما يبكيكِ يا حبيبتي؟ فقالت: موضوع التعبير الذي كتبه أحد الطلبة. اقرأه بنفسك! فأخذ يقرأ: إلهي، أسألك هذا المساء طلباً خاصاً جداً! اجعلني تلفازاً! فأنا أريد أن أحل محله! أريد أن أعيش مث…له! لأحتل مكاناً خاصاً في المنزل! فتتحلَّق أسرتي حولي! ويأخذون كلامي مأخذ الجد! وأصبح مركز اهتمامهم، فيسمعونني دون مقاطعة أو توجيه أسئلة. أريد أن أتلقى العناية التي يتلقاها التلفاز حتى عندما لا يعمل، أريد أن أكون بصحبة أبي عندما يصل إلى البيت من العمل، حتى وهو تَعِب، وأريد من أمي أن ترغب فيَّ حتى وهي منزعجة أو حزينة، وأريد من إخوتي وأخواتي أن يتخاصموا ليختار كل منهم صحبتي. أريد أن أشعر بأن أسرتي تترك كل شيء جانباً كل حين، لتقضي بعض الوقت معي! وأخيراً وليس آخراً، أريد منك يا إلهي أن تجعلني أستطيع إسعادهم وأن أرفِّه عنهم جميعاً. يا ربِّ إني لا… أطلب منك الكثير أريد فقط أن أعيش مثل أي تلفاز. انتهى الزوج من القراءة فقال: يا إلهي، إنه فعلاً طفل مسكين ما أسوأ أبويه، فبكت المعلمة مرة أخرى وقالت: إنه الموضوع الذي كتبه ولدنا..!! وقد تذكرت ذاك البروفسور الإنجليزي الذي لم يدخل التلفاز بيته، ولما سُئِل عن السبب قال: لأن التلفاز يفرض رأيه علينا، ولا يسمح لنا بأن نناقشه، وينغص حياتنا الاجتماعية..

عزيزي القارئ إن كنت قد قرأت حتى النهاية واستوعبت ما قرأت، أتمنى أن تكون قد أثرت فيك هذه القصة القصيرة جداً ذات المعاني الكثيرة والكبيرة بحيث تتأمل وتعكس ذلك على حياتك. ليس بالضرورة أن يكون ما يود أن يكون عليه ابنك أو ابنتك أو زوجِك أو زَوجَتك أو والدك أو والدتك أو أخوك أو أختك "تلفاز"، فقد يكون ما يطلبونه أن يجعلهم الله "رُبطة قاتك"، أو جهاز كمبيوترك، أو كتابك، أو عملك، أو هاتفك المحمول، أو صديقك الذي تقضي معظم وقتك بصحبته بعيداً عنهم، أو ... أو ... أو...