الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤٥ صباحاً

فتنة الحوثيين وبعبع الصراع الطائفي

نجيب المجيدي
الخميس ، ٣١ اكتوبر ٢٠١٣ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
شَهد اليومين السابقين هجوم غير مسبوق للجماعات الحوثية على "دمّاج" مدينة العلم الشرعي ومنارة علوم الحديث في اليمن.. سكان هذه المدينة من مختلف الجنسيات, يأتون لطلب العلم ويعيشون حياة قاسية في سبيل ذلك, يضاعف من قسوتها الحصار المضروب عليهم من الفصائل الحوثية المسلحة, والهجمات التي تتم ضدهم بين الفَينَة والأخرى.

رغم شناعة الجرائم التي تتم هناك, إلا أن المتابع يفاجأ بالصمت المطبق حيال مايجري, لا يوجد تصعيد إعلامي للقضية, ولا تحرّك رسمي للدفاع عن هؤلاء الطلاب, اللهم إلا بعض اللجان الرئاسية التي تتعامل مع الفصائل الحوثية المسلحة هناك بدبلوماسية تضع الكثير من علامات الاستفهام حول حقيقة مهام هذه اللجان, ومن يسهم في اتخاذ القرارات فيها.

إن ما يجري في صعدة هو حركة تمرّد, وانشقاق عن الدولة الهزيلة في صنعاء, ومع ذلك تُواجَه دعوات الكثير من الناشطين والحقوقيين - الذين يطالبون بالسيطرة على هذه الجماعة – باتهامات بالعنصرية وإثارة الصراع الطائفي. فهل يصنّف هذا كصراع طائفي حقاً؟

إن الصراع الطائفي (sectarian strife) هو صراع قائم بين طائفتين أو أكثر مبني على الاعتقاد الديني أو الفكري. ورغم أن هناك أطرافاً تسعى لوضع اليمن في هذا المأزق, إلا أن ما يحدث الآن على الساحة لايمكن بحال من الأحوال توصيفه كصراع طائفي, ببساطة لأنه لم تسجل أي حالات اعتداء من فئة أو جماعة غير الحوثي ضد الحوثيين كقبيلة أو كطائفة دينية, وكل ما حدث حتى الآن كان رد فعل ناتج عن الاعتداءات المتواصلة والمتكررة التي يشنها مسلحوا الفصيل الحوثي المتمرّد على من يصنفونهم كأعداء.

إن من يتابع تصرفات هذه الجماعة, كوضعهم للنقاط الأمنية, وتشكيلهم لقوات رسمية تدير شؤون المحافظة كالمرور والأمن وحتى فصائل الجيش, وسعيهم الحثيث لامتلاك الأسلحة المتوسطة والثقيلة, هذا كله يشير بشكل قاطع إلى رغبة جامحة للتمرّد على الدولة, والاستيلاء على شمال الشمال في اليمن, وهي منطقة استراتيجيّة لدى دولة إقليمية كبرى تخطط لاستغلالها فيما يبدو في صراعها ضد الجارة الكُبرى, أو على أقل تقدير استخدامها في الضغط لتحقيق مكاسب في المنطقة.

هذا من جهة, ومن جهة أخرى فطموح الجماعة لحكم كامل اليمن, وليس هذا فقط, بل الاحتفاظ بالحكم كحق حصري إلهي لا يمكن التنازل عنه, هذا الطموح لا يخفى على أحد, خاصة بعد الخطاب الأخير لعبدالملك الحوثي بمناسبة عيد الغدير, حيث ترك التقية أخيراً (في هذا الموضوع فقط) وصرّح بذلك.

ختاماً أقول إن التعبئة الخاطئة لأتباع الحوثي, والجرائم التي تتم يومياً وثقافة الكراهية والعنصرية التي تُغسل بها أدمغة "الزنابيل" هي ما سيقودنا لحرب طائفية, ولذلك يجب التعامل بكل حزم مع هذه الجماعة, والقبض على القيادات المؤججة لهذا الصراع, ومحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى وتهديد السّلم والأمن العام.

والله ولي التوفيق,