الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٥٥ مساءً

أيها الجنوبيون أحذروا مستنقع دماج!!

د . عبدالله محمد الجعري
الاثنين ، ٠٤ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
إن حقيقة الصراع في دماج هو أنه صراع بين القوى الشمالية المتصارعة هناك وليس كما تصوره وتروج له تلك القوى ومطابخها الإعلامية على أنه صراع طائفي بين الشيعة والسنة ولكنه في الأساس صراع سياسي ولعبة بين تلك القوى مغلف بغطاء ديني طائفي الخاسر الأكبر في هذا الصراع هم أبناء الجنوب الذين هم وقود هذا الصراع والذين يدفع ويزج بهم إلى دماج بدافع الجهاد بفعل التأثير الإعلامي الموجه للآلة الإعلامية في الشمال وبفعل تنامي وتعالى الصرخات من القوى الدينية هناك والتي تصور هذا الصراع على أنه استئصال للسنة علماً أن دماج تأريخياً هي زيدية بامتياز، وهنا أتساءل لماذا يصّر الشيخ الحجوري على التمسك بدماج بالذات؟ مع أن أرض الله واسعة يمكن له أن يقيم مركزه في أي منطقة ليس فيها نفوذ زيدي وما إصراره على البقاء في دماج رغم المخاطر التي تحيق بطلبة العلم هناك إلّا دليل على أن وراء الأكمة ما وراءها، ثم لماذا بالذات تتعالى الصرخات من حزب الإصلاح لتأجيج وحشد أبناء الجنوب وبكل ما أوتي من قوة للزج بهم في دماج باسم الجهاد المقدس، في حين أنه كان الأولى بحزب الإصلاح والقوى الدينية الأخرى في الشمال (الشيخ الحجوري ومن على شاكلته) التي تربطهم ببعضهم أواصر قوية ومتينة أن يحشدوا للجهاد من مناطق السنة في الشمال، فلماذا أبناء الجنوب بالذات؟ وهذا ما يزيد من شكي ليرقى به إلى درجة اليقين من أن الأمر منسق ومدروس ومعد له من هذه القوى لتحقيق غايات ومصالح سياسية لها بالذات، وإلّا فلماذا لم نسمع أصوات هذه القوى الدينية الشمالية أو نرى هذا الزخم الإعلامي منها لما حدث من حرب وتدمير في أبين عموماً ولودر على وجه الخصوص، إذ لم نسمع أو نلمس موقفاً إيجابياً أو فتوى من الشيخ الحجوري أو غيره أو شيوخ الإصلاح وأفضل ما قاله الشيخ الزنداني بشأن الحرب على أبين كمكرمة منه جادت بها قريحته حين سئل عن مشروعية الحرب على أبين من قبل القاعدة قال:"لمن سأله وهل تضمن لي عدم انفصال الجنوب؟" فأي ربط جميل أيها الشيخ الجليل؟! كما أن الشيخ الحجوري لم يدن أو يحرم ما حدث لأبناء أبين بل لزم الصمت أتدرون لماذا؟ لأن الشيخ الحجوري يعلم أن القاعدة التي تقتل أبناء أبين والجنوب عموماً هي من الشمال يقودها العليان (صالح وجنراله علي محسن).

إن الحرب في دماج لعبة قذرة تقودها تلك القوى التقليدية في الشمال تهدف من وراءها تحقيق عدداً من المكاسب السياسية ومنها اشغال الرئيس هادي ومن ثم إفشاله وتوجيه أنظار المجتمع المحلي والإقليمي والدولي إلى ما يحدث في دماج وتسويقه على أنه الخطر الداهم في حين أنه في حقيقته صراع بين قوى فقدت الكثير من أماكن التواجد السياسي لها فأرادت أن تقول للداخل وللعالم نحن لازال لنا وجود ولا تزال كثير من خيوط اللعبة السياسية بأيدينا.

بمعنى أن أساس الصراع الدائر اليوم في دماج ما هو إلّا نتيجة وانعكاس للصراع الخفي القديم الجديد بين صالح وحزبه من جهة وحزب الإصلاح من الجهة المقابلة، مع دخول الحوثي كطرف جديد يحاول فرض نفسه في المعادلة السياسية القادمة وفرض واقعاً جديداً له على الأرض. وقد لا أكون مخطئاً أن قلت أنه صراع مفتعل الهدف منه هو الالتفاف على كل ما تحقق في مؤتمر حوار صنعاء من مكاسب لقضية الجنوب وقضية صعدة اللتان غدتا على المحك وفرضتا نفسيهما كأمر واقع لطالما رفضته تلك القوى التقليدية المتنفذة في الشمال، والتي عودتنا هذه القوى طيلة تأريخها السياسي أنه حينما تضيق عليها الدائرة تلجأ إلى اختلاق الأزمات والحروب وخير دليل على ما أقول هو تفجيرها لحرب صيف 1994م عقب توقيعها على وثيقة العهد والاتفاق بعد أن ضيقت هذه الوثيقة الخناق على تلك القوى التقليدية المتنفذة.

أخيراً أًناشد وأطلب من كل أبناء الجنوب إلى عدم الانصياع لتلك الأصوات المنادية للجهاد في دماج وأن لا ينخدعوا بما تروج له تلك القوى الظلامية من الخطر الداهم على أهل السنة أنما الخطر الحقيقي هو أن يستدرج أبناء الجنوب إلى مستنقع دماج فالحذر الحذر يا أبناء الجنوب فلا تقاتلوا نيابة عن الإصلاح أو المؤتمر يكفي الخطأ الذي وقعنا فيه في حرب صيف 1994م حين حاربنا نيابة عنهم، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.