الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٣٣ صباحاً

متى ستفيق الحكــومـــة لمعــالجــة ظاهرة الاغتراب المُزمِن ؟

د. علي مهيوب العسلي
الجمعة ، ١٥ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
إن الكثيرين من المتابعين لأحوال المرّحلين قد استغربوا هذا الترحيل من قبل الشقيقة الكبرى باعتبارها الدولة الراعية للمبادرة الخليجية والمهتمة حد الغثيان بتأهيل اليمن واليمنيين للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي ،فيأتي منها هذا الترحيل لآلاف المغتربين اليمنيين ،وهو قرار خاطئ إن من الناحية الدينية ،أو من الناحية الأخلاقية ، أو حتى من الناحية السياسية حيث سيجلب لها مشاكل لا تُعد ولا تُحصى خصوصا وأن هناك قوى كثيرة تترصد للشقيقة الكبرى باعتبارها رأس كل مشكلة في اليمن ، يلقى هذا الطرح رواجا شاسعا على امتداد ما تبقى من الجغرافيا اليمنية. إذن هو قرار غير موفق على الأقل بالزمن ،فاللحظة التاريخية التي تمر بها اليمن هي جد خطيرة ،نتيجة للتحديات العديدة التي تواجهها اليمن من استحقاق الانتقال السلمي للسلطة الى التحدي تشظي اليمن جراء السياسات الخاطئة التي مارسها النظام السابق وبمباركة وتأييد سعودي قلّ نظيره في تاريخ اليمن ،الى تحدي صعدة وما تنتظره السعودية من الحرب الدائرة في دماج التي تدار نيابة عنها ،وهي مدعمة منها على الأقل في شقها العروبي – السني- بينما إيران تتكفل بالشق الحوثي –الاثني عشري(الحوثي)- ،في ظل هكذا تحديات وأخرى غيرها كثير ومن أبرزها التحدي الاقتصادي الذي أمّلت النخب السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية على السعودية في معالجة كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية السيئة في اليمن التي تعرضت لها خلال الثلاث السنوات الماضية على أقل تقدير،ونظرا للانشغالات اليمنية هذه الأيام بالحوار الوطني الذي أزِف على الانتهاء ، وفي انتظار مخرجات الحوار الوطني ، تأتي الجارة الكبرى لتصب الماء على الزيت بترحيلها آلاف مؤلفة من المغتربين اليمنين وفي ظروف صحية غاية في التعقيد وللامتهان الأدمي الذي لاقوه نفسيا وجسميا !؛ لمن قررت ترحيلهم وهذا الأمر قد جُرب في التسعينات عندما قررت السعودية ترحيل أكثر من مليون مغترب لا لشيء !؛ وإنما لأن مواقف السلطة السياسية أنداك لم يُعجبها ، فأرادت أن تعاقبه ، ولكن من خلا معاقبة الشعب اليمني مع كل أسف ، وكادت الوحدة اليمنية أن تتضرر بالصميم لكن لطف الله وعنايته قد أوقفت ما كانت السعودية تُريد إحداثه في اليمن ، وها هي اليوم تُكرر نفس اللعبة ،وثقتي ويقيني أن عناية الله مازالت حاضرة لمخارجة اليمن وما يَعترضه من تحديات..

وبدلا من أن تقوم حكومة الوفاق بالاحتساب لهذا المتغير "الترحيل" الذي لم يكن طارئا على الاطلاق ،فإنها تعامت ولم تفيق إلا والمغتربين في حرض، فقامت بإجراءات من ضمنها استقطاع قسط يوم كامل من مرتبات الموظفين لمواجهة هذا المتغير..

ومن خلال المهتمين والمتابعين لمأساة العائدين والمتواجدين في منفذ حرض والذين يؤكدون أن لا تواجد للحكومة في استقبال العائدين هناك!؛وعليه يترتب سؤال جوهري وحقيقي ما سِر استقطاع قسط يوم من رواتب الموظفين؟؛ إذا كانت الحكومة لا تقوم بما يملي عليه الواجب ابتداء من الخدمات الصحية والإيواء والإعاشة المؤقتة للعائدين !؛فهل هذا الجانب الإنساني وجدته الحكومة الفاشلة أصلا فرصة للاستغلال من أجل حل مشكلات أخرى تعاني منها الحكومة !

إذن فإن كثير من الناس يراهنون - ومعهم كل الحق لأن الحكومة غير متواجدة بإمكانيتها في الحدود – من أن المبالغ المستقطعة لم ولن تصل إلى العائدين ، حيث كل واحد من العائدين سيذهب إلى حال سبيله وسيواجه مشكلته بنفسه!؛ولقد تبارى كثيرون في المزايدة على المرحلّين من منظمات مدنية ..إلى تكتلات ثورية .. إلى احزاب من وحي ثورة الشباب كحزب العدالة والبناء.. إلى مؤسسات لم تعد لها من وظيفة فقد عفى عليها الزمن كمجلس النواب ، الذي تبرع بعشرة ملاين من الريالات لمن ؟؛الله أعلم ..فالكل يزايد عليهم وتحولت كل الفعاليات السياسية والثورية إلى تبني قضية المغتربين فجأة ومن دون مقدمات ..إنها المزايدة التي هي عادة النظام الرسمي العربي في كل الأوقات والأزمان ،في المزايدة في قضية العرب الأولى قضية فلسطين دون عمل شيء لها ،وقضية المغتربين اصبحت مماثلة لها بالشكل واليس المضمون ،فلم نرى من أي من الفعاليات السياسية في البلد ان تبادر برؤى وحلول ناجعه لتفاقمها ،وهي مشكلة مُزمنة ظاهرة الاغتراب لليمنين.. أي لم نرى أي اهتمام بحلها لا من الحكومة ، ولا من الحوار الوطني ،ولا من مجلس النواب ، ولا حتى من الوزارة المخصصة لذلك ..

فمتى ستفيق حكومة اليمن من سُباتها وتحوِّل بحق هذه المشكلة (نقطة الضعف) إلى فرصة لبناء اليمن والاعتماد على النفس (نقطة القوة) ؟؛ من خلال إطلاق مناخ آمن ومحفز للاستثمارات تؤمن توفير فرص العمل للعمالة اليمنية الواعدة في بناء اليمن وتنميته ، كما بنت من قبله من يتنكرون لهذه العمالة اليوم وفي المقدمة من كل دول الخليج العربي الشقيقة الكبرى العربية السعودية!