الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٤ مساءً

الدولة اليمنية في كف عفريت القبيلة

يحي محمد القحطاني
الاثنين ، ١٨ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
قضية اليمن ليست في شكل الحكم والدولة أو شكل النظام،إنها باختصار إيجاد دولة ‏‏المؤسسات والقانون،فمنذ أكثر من1200عام مازال هيكل الدولة اليمنية،يستند إلى القبيلة في إدارة شؤونها والحفاظ على سلطتها،فوقفت حجر عثرة أمام تطوير بنية الدولة في العقود الماضية،ومعظم مناطق اليمن لم يتخطى أوضاع سكانه حالة مجتمعات ما قبل الدولة،لأن رموز القبيلة يريدون أن تبقى القبيلة،بسلاحها وغطرستها،والمليشيات بدلا عن الجيش والأمن،فغابت الدولة وظهر ثلاثي الشر(القاعدة،أصحاب الفوضى الخلاقة،الحراك ألانفصالي في الجنوب والشمال)وبدأ كل طرف بتحريك قاعدته،وبرز الوجه القبيح للقبيلة المدججة بالسلاح والمعتاشة على التقطعات وإثارة الفوضى والحروب،ما جعل البعض يؤكد أن قيام المجتمع المدني باليمن يبدو أمرا شبه مستحيل،لأن القبيلة ستبقى في صدام مع مشروع الدولة المدنية الحديثة.

وسيمنع نفوذها أي إمكانية لتطبيق القانون المدني،ومن ثم ستبقى القبيلة(خط أحمر لا يمكن تجاوزه)وسيظل الصراع بين القبيلة ومشروع الدولة المدنية قائما،أما دولة القانون فإنها تعني بكل بساطة أن القانون فوق الجميع،وأن ليس هناك أي فرد في الدولة أين كان ومهما كان منصبه,لا يخضع لحكم القانون بما فيهم رئيس الدولة نفسه,إذا ما فعل إي شي مخالف،إن ذلك يعني أن كل أفراد الشعب,بل وحتى المقيمين الغرباء عن البلد,هم سواء أمام القانون,ليست هناك أفضلية لأحد على أحد،فالظالمين سوف يجتنبوا الظلم خوفا من القانون الذي لن يتساهل معهم,وسيقل عدد المظلومين إن لم يختفي لان هناك قانون يقف إلى صفهم وينصفهم،فدولة القانون تعني أن جميع الأفراد فيها متساوون في الحقوق والواجبات,وليس هناك فرق بين من كان من أكبر قبيلة,أو من ليست له قبيلة،وهذا لن يكون إلا في ظل دولة مدنية حديثة.

أما اليوم في زمن الفوضى التي اجتاحت اليمن فقد تعطلت السلطة السياسية،وسقطت كل معالم الدولة بمفهومها الدستوري والقانوني والوضعي,وبكل مؤسساتها السياسية والأمنية والقضائية,تحت شعار(الصلح خير)وأن العدالة مسألة نسبية،ليحل التحكيم القبلي(الهجر)محل القانون في اليمن،نعم أنه عصر الدولة القبيلة والقبيلة الدولة،في صورة أحفاده من بقايا قبيلة الجهل والجهالة،في آخر نسخة لها،والحقيقة التي لاجدال فيها تؤكد أنه،حيثما تواجدت القبيلة كان الجهل والتخلف هوا السائد فيهم،وتضاءلت فرص الديمقراطية والعدالة في المجتمع،وظهر الفساد والظلم،واختفت سيادة القانون،وأصبح نظام المحدش والمربع والتعشيرة والعشيرة،وكذا العقيرة،يحل محل سيادة القانون،في ظل دولة إخواننا في الله(الخلافة الراشدة للإقصاء والعزل للقوى المخالفة لهم).

والرفاق من ألاشتراكيين(العدالة ألاجتماعية على الطريقة الميكيافلية)والكهنة من الناصريين(الحرية والاشتراكية على الطريقة الشمشونية)هؤلاء جميعا ظلوا طيلة ألأزمة السياسية يبشرونا بها صباحا ومساء،أثناء خطبة جمعة الستين وبعدها،ففي صباح يوم الثلاثاء الحزين من ألأسبوع الماضي الموافق،الخامس من نوفمبر عام2013م،قتلت العدالة لصالح القبيلة عندما قامت قبيلة بكيل بتحكيم قبيلة مذحج،في الاعتداء بالضرب والطعن ونهب سيارة الدكتورة غادة الهبوب،مديرة التحصين بوزارة الصحة،من قبل المدعو احمد ناصر أبو هدره ومسلحين تابعين له من محافظة الجوف،حيث قام عدد من مشايخ ووجهاء بكيل يتقدمهم شيخ مشايخ بكيل صالح بن محمد شاجع(بتقديم تحكيم قبلي)بـ(الهجر)لقبائل مذحج،ويعرف في العرف القبلي بـ(العيب الأسود).

في هذا اليوم الحزين توقفت العصافير عن طيرانها وسكتت عن شدوها وزقزقتها،‏وانقبض قلب ملائكة الرحمة،وزلزلت دولة اليمن زلزالها،وكشرت القبيلة أنيابها،وقال اليمانيين لثوار الدائري مالها،ولماذا لم نسمع من الشيخة توكل كرمان عن أرائها وأخبارها ودفاعها عن أخواتها،وكل اهتماماتها منصب بإسقاط الثورة المصرية وإقامة الخلافة ألإخوانية،ومع وزيرالداخلية(ألإخواني)في عدم تنفيذ توجيهات الرئيس هادي،في إحضار الجاني وعصابته لأن الدكتورة غادة ليست إخوانية،فقام القاضي حمود الهتار انتصارا لها،فخزن وفكر ثم أتصل وشاور،في جمع بعض مواطني ومشايخ محافظة(إب)ليكونوا في انتظار بعض مواطني ومشايخ بكيل،والذين سيأتون قوافل وتجمعات،بزوا مل وأشعار الحال ورقصة البرع وبثيران وخرفان للذبح،كما تم سابقا عندما قتل شخص من سنحان مواطن من حبيش.

ومنذ ذلك الحين وما قبلة وحتى تاريخه أصبح قتل العدالة لصالح القبيلة هوا السائد،وعلى ضوء ما سبق ومن خلال ما يدور في جلسات مؤتمرات الحوار الوطني بين ألإخوة ألأعداء حاليا،حلفاء المغانم والسلطة سابقا من مشادات ومهاترات،ونزاعات في مجال الإقصاء،العزل،ألاجتثاث،أخونة الدولة،التعليم الحزبي،الهيكلة للقوات المسلحة،وبناء الدولة المدنية الحديثة(في المشمش)والأخطاء الطبية والهندسية،وزواج القاصرات،ونكاح الجهاد،والكهرباء بالطاقة النووية،أرى أن يكلف مؤتمر الحوار الوطني وزارة الشئون القانونية لصياغة قوانين خاصة بالقبيلة،ويعين/القاضي حمود وزير الدولة لشئون القبائل،فهوا ممن قال خطبا عصماء عن الدولة المدنية الحديثة،وممن رفعوا لافتات التقدم والتنمية،وغيرها من العناوين والشعارات الذهبية البراقة،بعدان حولوا الأحزاب والكتل السياسية إلى مشاريع عصابات ومافيات مُرخصة،فما كان منهم إلا أن حولونا أرضا وإنسانا،إلى ألغام تنتظر ساعة الانفجار،والله من وراء القصد والسبيل.