السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٢ مساءً

الخلافة والبيعة لدى الإخوان والشيعة

هاني غيلان
الخميس ، ٢١ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٤٠ مساءً
مشكلة الاخوان تكمن في هوسهم العجيب بالسلطة والكرسي واستعدادهم لسلوك اكثر الطرق كارثية للوصول اليه، فعبر تاريخهم الطويل لا الكرسي مُكن لهم ولا هم توقفوا عن الركض خلفه، حتى حينما أراد الله -لحكمة يعلمها - أن يوصلهم لحكم مصر لم يكملوا العام الواحد ثم خرجوا من نفس الباب الذي دخلوا منه، باب الاحتكام للشارع والغوغاء وقطع الطرقات لإسقاط الأنظمة، إذ لا حرج لديهم في التنسيق مع السفارات الأجنبية أو وضع أيديهم بأيدي خصوم الأمس -إن كان هذا سيقربهم من مبتغاهم - ولا مشكلة في التآمر على الحكومات أو تدبير الاغتيالات -إن كان هذا سيصب في مصلحتهم- كمحاولة اغتيال الرئيس السابق في جامع النهدين اثناء أدائه للصلاة متناسين الأدلة الشرعية الموجبة لطاعة ولي الأمر وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ما أقاموا فيكم الصلاة) وفي رواية: (لا ما صلّوا)

وأذكر هنا أيضا حادثة اغتيال السادات التي بررها منفذوها بقيامه بتوقيع مبادرة السلام مع الكيان الصهيوني في حينه، تلك المعاهدة التي أكد إخوان مصر عندما وصلوا للسلطة على إحترامها والإلتزام بها بمبررات تمرسوا عليها من (فقه الواقع) وأن (الضرورات تبيح المحظورات)!

أما الشيعة فمصيبتهم أدهى وأمر، فهم يكابدون عقدة تأنيب ضمير محيرة، منشأها يرجع للعام 61هـ عندما خان أجدادهم الحسين رضي الله عنه ورحمه الله ولم ينصروه بعد أن وعدوه بذلك، ويدل على هذا جلدهم الظهور واللطم والبكاء والطقوس العجيبة التي يمارسونها في ذكرى استشهاده، ثم أنهم حصروا الدين في هذه الحادثة وارتكبوا الفظائع باسم الانتقام من فاعليها المزعومين ولا يزالون!

ثم إنهم اكثر الناس عداوة للسنة وأهلها، قلوبهم مشحونة بالكراهية، فطمت على الحقد وترعرعت على الخيانة، وهم يشبهون الحرباء في تلوين جلودهم حسب ظروف البيئة التي تحيط بهم، فمتى أحسوا بالضعف في بلد استعملوا (التقية) وتباكوا كالتماسيح وتوسلوا في طلب الرحمة، ومتى ما شعروا بالقوة اقاموا المشانق لمخالفيهم في الطرقات وارتكبوا المجازر والموبقات، كما تكرر حدوثه في العراق وسوريا ولبنان وأين ما وصلت اليه يد ايران.

وكلا الفريقين ساهم بطريقة أو بأخرى في ما تعيشه الأمة اليوم من تناحر وتطاحن واقتتال، وهو ما حذر منه الله تعالى وحذر منها رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم في مواضع كثيرة جدا، اذكر منها قوله تبارك وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) وفي الحديث (إن بنى إسرائيل تفرقت على إحدى وسبعين فرقة، فهلكت سبعون فرقة، وخلصت فرقة واحدة، وإن أمتى ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة، فتهلك إحدى وسبعون فرقة، وتخلص فرقة. قيل: يا رسول الله من تلك الفرقة) قال: (الجماعة. الجماعة) وفى راوية (ما أنا عليه اليوم وأصحابى) وفي الحديث الآخر (أوصيكم بتقوى الله والطاعة؛ وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء بعدي، الراشدين المهديين، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة)

وأيضا في حديث حذيفة بن اليمان الذي يقول: (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال نعم فقلت هل بعد ذلك الشر من خير قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه قال قوم يستنون بغير سنتي ويهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر فقلت هل بعد ذلك الخير من شر قال نعم (دعاة على أبواب جهنم) من أجابهم إليها قذفوه فيها فقلت يا رسول الله صفهم لنا قال نعم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا قلت يا رسول الله فما ترى إن أدركني ذلك قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم فقلت فإن لم تكن لهم جماعة ولا إمام قال فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)

وبمرور 14 قرنا ظهرت فرق وجماعات عديدة وإشتد عودها ثم توارت وذهبت جفاء وبقي هذا الدين شامخا بفضل الله تعالى: كالجهمية والمعتزلة والقدرية والجبرية والمرجئة والاشاعرة والماتريدية والبهائية والنصيرية والصوفية والشيعة بفرقهم العديدة ومنهم القرامطة الذين ذكر المؤرخون انه بلغ من انحرافهم انهم قتلوا حجاج بيت الله الحرام بالآلاف يوم التروية في مكّة على حين غرة، ليس ذلك وحسب بل هجموا على أهل مكّة وعملوا منهم مذبحة مريعة وانتهكوا حرمة وقدسية المسجد الحرام وسرقوا الحلي والنفائس الموجودة في الكعبة ومن جملة ما سرقوا ستار الكعبة المشرّفة والحجر الأسود، وقلعوا بابها وقتلوا يومها حتى من كان متمسكا بأستار الكعبة!

وكانت اول تلك الفرق ظهورا وأكثرها خطرا على الإطلاق (الخوارج) الذين حذر منهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هم كلاب اهل النار) ومنهم ذي الخويصرة التميمي الذي قال (اتق الله يا محمّد) عند تقسيم الغنائم، ومنهم الثوار الذين قتلوا عثمان رضي الله عنه وقاتلوا عليا وخرجوا عليه عندما رضي بالتحكيم وقالوا (لا حكم الا لله)، فقال لهم: (كلمة حق يراد بها باطل) وقال: (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف أناسا أني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم -وأشار إلى حلقه- من أبغض خلق الله إليه) ومنهم عبدالرحمن بن ملجم الذي قتل عليا رضي الله عنه وهو ساجد يصلي الصبح في المسجد وكان قد نقع سيفه بسم زعاف لتلك المهمة التي إتفق فيها مع اثنين من الخوارج على قتل رؤوس الفتنة بزعمهم -معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وعلي بن أبي طالب- فنجح بن ملجم في قتل علي وفشل الآخران!

في الختام هي دعوة مخلصة للانعتاق من ضيق التعبئة الحزبية العفنة إلى رحابة هذا الدين العظيم.. (دعوة للزوم جماعة المسلمين).. مهما تفنن شياطين اليوم (الدعاة على أبواب جهنم) في خداعنا والتغرير بنا، بتلبيسهم الحق بالباطل وتجميلهم المسميات وتزيينهم الشعارات، والله وحده الهادي والمعين.