الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٨ صباحاً

هؤلاء الشياطين.. فأين الملائكة ؟

د . أشرف الكبسي
الجمعة ، ٢٢ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً


كما نعيش أزمة كهرباء ومشتقات نفطية وقيم أخلاقية ، نعيش أيضاً أزمة (رجال) وقيادات وطنية ، على غرار (مانديلا) و (تشافيز) و(مهاتير) أو حتى (السيسي) ، ما يجعلنا في كل مرة ، مع كل حوار ، وبعد كل ربيع ، نتلمس وجه الماضي في شخص (الحمدي) عله ، رحمه الله وعفا عنا ، يتسلم راية القيادة ، في اعتراف ضمني بحياته وموتنا ، ثم حين يقرر البعض نيابة عنا – لإفلاسنا- تسليمها لأي كان ، كالرجل الثاني مثلاً (هادي) ، نطلب منه – وبوقاحة - أن يكون الحمدي ..!
علينا مواجهة حقيقة مرة وقاسية ، جوهرها معرفتنا بالشياطين ، وجهلنا للملائكة.. حقيقة تضع كل فرد منا في خانة الصراع المسؤول مع الذات ، لتحرمه رفاهية الاكتفاء بإدانة الغير ، ففي الوقت الذي نرفض فيه جميعاً ، هذا الرئيس وذاك الوزير ، مع أحقية الرفض، وترتفع أصواتنا ضد شخصيات هذه الحكومة وتلك القيادة ، مع وجوب الرفع ، نكاد نقف عاجزين ، عن طرح وتقديم البديل ، تجسيداً وتحديداً لا تعميماً وتجريداً ، وفقاً لمعايير الكفاءة والنزاهة ، لا الانتماء الضيق ، ودرجات البعد والقرابة ، حينها نهرب إلى زوايا اليأس السالب ، وبعد أن ننفض عنا عناء المسؤولية ، نتمتم ببساطة : كلهم لصوص..!
يتضح ذلك بجلاء عند محاولتنا الإجابة ، مع افتراض امتلاكنا للإرادة ، على تساؤلات من قبيل: بعد (هادي) ..من هو مرشحنا الرئاسي القادم..؟ وبعد (باسندوة) على من سيقع اختيارنا لقيادة الحكومة..؟ وهل بمقدور منتسبي وزارة الكهرباء والمالية ، مثلاً ، تسمية شخصيات من أوساطها (تكنوقراط) تتمتع بالكفاءة والنزاهة لخلافة (سميع) و(صخر) ؟

نحن نعرف من لا نريد ، لكننا في المقابل لا نعرف من نريد ، فلو سلمنا جدلاً بأن الإرادة الشعبية الجامعة باتت تمتلك اليوم سلطة القرار ، وأجرينا انتخابات رئاسية وبرلمانية ، لم يشهد العالم مثيلاً لنزاهتها ، هل كانت النتائج لتلبي أدنى الطموحات في التغيير، فتأتي برئيس مغاير ، لا ينتمي إلى الصف الأول والثاني ، وقوفاً على طابور الإخفاق والعمالة..؟ وهل كانت صناديق الإقتراع ، ستتمخض عن حكومة وبرلمان ، رجالاتها براء من ركام السياسة البائد ، ورائحة النفوذ الفاسد..؟

علينا الاعتراف... إما أن لدينا أزمة (رجال) ، ما يجعلنا نعود كل مرة للمفاضلة بين (أشباه) الرجال ، على قاعدة (يا عزيزي كلنا لصوص) أو أننا نعاني نقصاً معرفياً بالرجال بيننا، والثاني هو الخيار المقبول بالطبع ، ما يفرض علينا بدلاً عن ممارسة لعن الشياطين ، والنظر إلى وجهها ، والانشغال بوفاقها وخلافها ، رؤية الملائكة واستحضارها قيماً ورجالاً ، لتحل محلها ، فالشيطان سيظل حاضراً هنا ، مع قبح طلته ، طالما غاب الملاك عنا ، مع كل براءته..!