الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٠ صباحاً

بعد سنتين انتقاليتين عجاف... هل من عام يغاث فيه الناس؟

علي منصور
السبت ، ٢٣ نوفمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
يفترض في المراحل الانتقالية ان ينتقل الناس خلالها وبانتهائها من وضع سيئ الى وضع افضل. هذا هو مفهوم ومعنى وغرض المراحل النتقالية... فترة زمنية يتم فيها تصحيح اوضاع وتحمل المصاعب على امل الوصول الى وضع افضل بعد انقضائها... فهل تحقق هذا في مرحلتنا الانتقالية؟؟ ولا يظن احداً ان اثارة هذا التساؤل تهدف الى اظهار نقائص او عيوب هذه الحكومة أو القول اننا كنا في وضع افضل. فالحقيقة ان ما تكشف لنا في السنتين الماضيتين من اختلالات كان سيحدث حتماً بعد فترة طالت او قصرت من حكم صالح. فنظام صالح كان يسوء عاماً بعد عام وكان سينكشف ويتعرى كل ما كان فيه من تماسك امني او اقتصادي ظاهريين بمجرد انتهاءه. ولو انه أنهار بعد عشر سنوات مثلاً لكانت الاحوال عند انهياره اسواء... وكل سنه كان يستمرها كانت تعني ان الوطن سيصبح في وضع اسواء بعد رحيله... وتخيلوا معي لو ان نظام صالح كان قد رحل في 1988 بعد عشر سنين من بدايته ، فهل تعتقدون اننا كنا سنكون اليوم بهذا الحال؟ لكن النقد الذاتي خطوة مهمة واساسية لتصحيح الأخطاء وتصويبها والمضي الى الامام برؤية واضحة تتعلم من اخطاء الماضي، خصوصاً اننا مقبلون على تمديد لهذه المرحلة.

عود على بدء. لا شك أن النجاح الابرز في العامين الماضيين تحقق في مؤسسة الرئاسة، حيث تم احداث تغييرات كبيرة على صعيد عزل واستبدال رموز النظام السابق في مؤسستي الجيش والأمن. وهذا يحسب لهادي. ولعل ما جعل هذا ممكناً هو عدم وجود شراكة في قرار الرئاسة، او لنقل ان التأثير المحبط للطرف الآخر في قرارات الرئاسة كان شبه منعدم.. بمعنى ان شراكة المؤتمر في الحكومة ربما احبطت بعض خطواتها ولو أن هذا ليس حجة للحكومة... كما سنوضح لاحقاً.

على صعيد الحكومة يمكن القول ان الوضع تحول من سيئ الى أسواء. امنياً نحن في وضع اسواء. اختطافات لأفراد وشخصيات عامة وفتيات وقطع طرق واغتيالات بلا عدد وتفجيرات وهجمات قاعدية على نقاط للجيش وعلى قيادات مناطق ومدن تسقط بيدها وحروب في دماج وغيرها.

وخدمياً من حيث الكهرباء مثلاً حدث ولا حرج. لن ينصلح حال الكهرباء لأن لوبي الفساد استفحل فيها ولن يسمح للدولة ان تبني محطاتها لأنه سيخسر مصالحه. بل وسيستمر في التوسع وتخريب محطات الدولة القائمة لكي تضطر للمزيد من عقود شراء الطاقة من القطاع الخاص. ومعلوم ما تشكله هذه العقود التي تتم بالامر المباشر من فساد... فهي تتم تحت ضغط الحاجه العاجلة حيث يتم عمداً ترك الامور لتتدهور الى ان يضج الناس ولا يعود هناك وقت للانتظار فيتم التكليف المباشر.. والمفترض في حالة هذا الاحتياج العاجل ان يتم التعاقد المباشر لمدة محدودة الى ان يتم الاعلان والشراء بالتنافس... لكن هذا لايتم... ويستمر الفساد... وفوق هذا وذاك تلزم العقود الحكومة بتوفير الوقود لمحطات المتعهدين مما يفتح باباً هائلاً لفساد الديزل والمازوت وتهريبه الى خارج اليمن... وهذا من اهم اسباب تدهور الوضع المالي...

واقتصادياً نحن في وضع اسواء. الفقر زاد والأسعار ارتفعت والبطالة في تزايد والدولة موشكة على الافلاس.
على كل الأصعدة كل ما تحقق بالزيادة بالنسبة للحكومة هو زيادة الفساد... وهذا ليس كلامي وانما تقييم منظمات عالمية تراقب مستويات الفساد في دول العالم. وفساد الكهرباء الذي لم يسبق له مثيل يزكم الانوف ويوشك ان يفلس بالدولة... وهناك ايضاً فساد من مستوى مئآت الملايين من الدولارات كما هو الحال في صفقتي محطة الكهرباء وميناء عدن الأخيرتين مع الصين. صفقات هائلة بدون مناقصات وبالتكليف المباشر، رغم انها بقرض وليست هبه من الصين .

سيقول البعض أن قوى النظام السابق تعمل على تخريب الأوضاع وهي مسئولة عن التدهور.. والحقيقة ان حتى لو كان هذا صحيح، وربما انه كذلك، إلا انه لا يعفي الحكومة من مسئولية انها حكومة وعليها ان تقطع يد الأدوات التي يستخدمها النظام السابق... وهو مالم نشاهده طوال العامين... وكلما كانت ابراج الكهرباء تضرب كان اقصى ما تقوم به وزارة الداخلية هو اتحافنا بأسماء المخربين... لم نسمع بمحاكمة او تنفيذ حد في مخرب واحد او قاطع طريق او مختطف او فاسد او قاعدي متورط في اغتيالات او أو ... وهذا بحد ذاته دليل ضعف وعجز بل وخيانة للمسئولية... فأمننا ومعيشتنا وخدماتنا كمواطنين من مسئولية الدولة والتقصير فيها خيانة.

الخلاصة، إن كان هناك من تمديد لهذه المرحلة فالمطلوب كثير وكثير جداً. اول المطلوب المكافحة الجادة للفساد. لا يجوز ان يكون لأي مسئول في الحكومة من مدير عام وطالع اي ارتباط مباشر بأي تعاقدات في الدولة... لا يجوز ان يكون المتعهد الرئيس لعقود الكهرباء شقيق وزير التخطيط... اذا كان هذا سلوك من يزعمون الخوف من الله والتقوى وارادة الاصلاح، فكيف سيكون سلوك الآخرين. مطلوب استغلال فصل الشتاء الذي يقل فيه الطلب على الطاقة في الجنوب لإعادة النظر في عقود شراء الطاقة . كذلك مطلوب الضرب بيد من حديد على المخربين وقطاع الطرق والقاعديين. وبالنسبة للقاعديين لماذا لايصنع بهم كما عملت ايران، كل مره يقتلون فيها جنوداً يتم اعدام ضعفهم ممن هم في السجون.. لن يرتدعوا إلا بقوة غاشمة.