الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٨ مساءً

فن التعامل مع الوقائع والأحداث

عبدالرحمن محمد أحمد الحطامي
الاثنين ، ٠٢ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
لا تخلو أحداث الحياة العامة والخاصة من مفاجآت لها تأثيرها السلبي أو الإيجابي المباشر وغير المباشر على برامجنا وخططنا المستقبلية مما قد تحدث إرباكاُ يصعب التغلب عليه إن لم يكن لنا الرصيد الكافي من برمجة التعاطي مع المستجدات وفن التعامل معها بما يمكننا من تقليل الخسائر والحفاظ على المكتسبات وتعديل مسار العمل وفق المتطلبات أو المستجدات الآنية ومتابعة تنفيذ الخطط والبرامج الأخرى التي لا تتعارض أو تصطدم بالآخرين ، ولنا من رسول الهدى وإمام المتقين الأسوة الحسنة ففي صلح الحديبية تعاطى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بنود ووثيقة الصلح الذي أبرمه مع مشركي مكة الذين أثارت فيهم حمية الجاهلية في منع رسول الله وصحبه من دخول مكة للعمرة وأخذتهم العزة بالإثم وأصروا في أن يدخلوها وسلاحهم في أغمادها من عامهم المقبل وتم التوقيع على الوثيقة بما يبدو من ظاهرها الإجحاف في حق المسلمين بعد توالي المفاوضين يوما بعد يوم ورسول الله بنفسه الطويل الرحب يؤثر الوصول إلى أي اتفاق يجنب فيه أصحابه ملاقاة السيوف والرغبة في دخول مكة دون الحاجة لسفك الدماء ، ويأبى الله إلا أن يجعل من هذه البنود التي جعلت الفاروق عمر رضي الله عنه يجول غيظا مخاطبا عملاق الإسلام الأول بعد الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر : السنا بالمسلمين ؟ ألسنا على الحق ؟ أليسو بالمشركين ؟ أليسو على الباطل ؟ وأبو بكر في كل ذلك يقول : بلى فيقول الفاروق : فلم نعطي الدنية في ديننا ؟!! فيقرر له الصديق برنامج المسلم المنضبط في التعاطي مع قرارات القيادة الغير متوقعة من الأفراد تجاه الأحداث وإدارة الصراع مع المخالفين : أليس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول : عمر رضي الله عنه : بلى ، فيقول له الصديق رضي الله عنه : إلزم غرزه . أي لا تخالفه . وتجارب الحياة أثبتت أن من يهيئ نفسه في تحمل مفاجآت الأحداث ويعمل على حسن التعاطي معها يزداد قوة وصلابة ويكتسب من الخبرات ما لم يمكنه اكتسابها دونها ، وليس فرض البرامج وإكراه المخالفين بالمنطق السوي ما لم يكن واجباُ لا يقوم الواجب الآكد وجوباُ إلا به ، ولست أعني الرضوخ لضغوط واقع تفرضه القوى المنحرفه ، بل ما أرمي إليه تلك الأحداث المعرقلة للبرامج والأنشطة الفاعلة المؤثرة الهادفة ترسيخ وتعزيز قيم وأخلاق الإسلام وآدابه العالية ، وتكمن قوة الصد وتحمل الضربات القاسية من ذوي المصالح وأهل الأهواء في الثقة في الحق والنفس والتسامح والتصالح مع الذات . وعلى القدر من الإستعداد للتضحية والبذل لصالح الحق الذي نؤمن به وصالح الوطن والناس يكون الرصيد الفاعل والقوي الذي تنكسر عليه كل الأهواء الفارغة العبثية .

لقد أثبت اليمنيون ببساطتهم وما يحملونه من رصيد الحب للسلام والأمان والصبر والحكمة قدرتهم على استيعاب المتغيرات الجديدة وكل يوم بحكمتهم وصبرهم يفشلون مخططات أعداءهم الذين عبثا يحاولون جرهم إلى مربع الحروب الأهلية والاقتتال الطائفي ، وبالمقابل نجد للأسف الحثالة التي انتهت مصالحهم أو معرضة مصالحهم للخطر بزوال كل متعلقات وارتباطات ومؤسسات لوبي الفساد الذي لا يزال ينخر في البلاد يفسد خيراتها ويهدر ثرواتها وأهل العجز من أهل العزم ينظرون كأنهم لا يعنيهم من الأمر شيئ ما دام أوضاعهم لم تتعرض للهدر والتلف .وما يحدث في دماج صورة جلية لما سبق ذكره ، والسياسيون لا يأبهون كم قطرة دم سفكت بقدر ما يعنيهم ما هي المكاسب السياسية وراء إيقاف هذه الحرب ومتى الوقت المناسب لإيقافها ؟