الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٧ صباحاً

إرحلوا عن آخركم

محمد علي وهان
الاثنين ، ٠٩ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
ولدت حبيبتنا الجمهورية اليمنية بشطريها سابقا قبل نصف قرن و بضع سنين و مع ذلك فما زالت مشروع دولة بسبب التخبط الأعمى و النهم اللامحدود للأجيال التي حكمتها و التي تشعر بضآلة الدولة أمام ذواتها المتضخمة ذلك أن هذه الشخصيات أكبر من الدولة نفسها و قد ولدت قبلها مما يجعل نظرتها لها كنظرة الحصاد الذي يحمل منجله في يده إلى الزرع و هو يتمايل في سنبله ناضجا كلما داعبته النسائم.

لقد عصفت النعرات القبلية و الجهوية (بهذا البلد ذلك أن فكرة الدولة ليست واضحة حتى في أذهان بعض النخب ذات التفكير المنغلق فهم لا يميزون كثيرا بين مفهوم الدولة و بين الحكومة لأنهم يرون الأولى فكرة جديدة على المنظومة الثقافية التي ينتمون إليها و من هنا جاء نفورهم منها و يمكن ملاحظة هذا الخلط بين المفهومين حين يتحدثون ليس فقط في المهرجانات أمام الحشود بل حتى لوسائل الإعلام و في الندوات العلمية كذلك و قد يعبر المسكوت عنه أحيانا عن نفسه في شكل فلتات غير منضبطة يطفح منها المخزون اللاشعوري المغيب عند الكثير من السياسيين وأصحاب النفوذ والتسلط
إن المتتبع للأوضاع التي تعصف بالبلد سيصاب حتما بالإحباط من السلطة والمعارضة على حد سواء.

لا فريق السلطة سيغير بشكل جذري أوضاعنا المأساوية التي جعلتنا نعيش في زمن من الحرام الضروري فهل تلاحظون حالة البؤساء الذين ليست لديهم ما يسد حاجتهم من القوت الضروري يستدينون من البنوك الربوية مكرهين لا أبطالا لأنهم لم تتح لهم فرصة العيش الكريم من رواتبهم الهزيلة في ظل أسعار تسمن يوميا ولا تغني شيئا.

و لا فريق المعارضة الآن باستثناء بعض الشرفاء الذين يعرفون أنفسهم جيدا سيغيرون وجهة القطار لأنهم ببساطة ليسوا مقتنعين بالتغيير و قد أثبتت الدراسات أن الذين تجاوزوا سن الأربعين لا يمكنهم أن يتجاوبوا إيجابيا مع أي تغيير راديكالي إلا نسبة 2% منهم وهم المبدعون و الموهوبون فقط فكيف لا يتذكرون الشباب إلا في مواسم الحصاد و ما هو حجم تمثيل الشريحة الشابة في مجالسهم و قيادات أحزابهم؟

أعزائي الكرام معارضة و موالاة لم يبق من أعمارنا متسع لننفقه في مناكفات و مشاكسات منذ جئنا إلى هذا العالم و نحن نتابعها بحياد و انقياد تارة تحت مسمى الخلاص الوطني وتارة تحت العدالة و الديموقراطية وتارة أخرى تحت اسم التصحيح أو اليمن الجديد و مرة تحت مسمى المنعطف التاريخي فكم من منعطف تاريخي عشناه و لا منعطف وكم من الأحلام بعتمونا لتبقى أحلاما معلقة و مؤجلة إلى أجل غير مسمى إنكم اليوم تتحدثون بلغة و منطق لا يفهمه أغلب الشباب بل تجاوزه بأميال فهل ستمنحون الشباب فرصة تاريخية ليعبر عن نفسه و طموحاته و حلمه بوطن أفضل؟

ألم تلاحظوا عزوف النخبة المثقفة من الشباب عن العمل السياسي و هجرتها إلى الخارج أم أنكم تصممون كما كان يقول أحد المفكرين (أن لا تبقى الدولة دولة بعدكم)

لن أكون مكابرا وأقول إنكم لم تنجزوا شيئا بل أنجزتم الكثير الكثير لكن ذلك لا يمنحكم الحق في استعبادنا ومصادرة كل أحلامنا الصغيرة و الكبيرة و تبديد أعمارنا في شجارات عقيمة دون طائل...إننا نريد دولة فدعونا نقول لكم بكل احترام و تقدير موالاة و معارضة: انزلوا عن صدر هذا الوطن المكلوم و دعوا اليمن السعيد ينمو من جديد و ارحلوا عن آخركم يا سادة فقد طفح الكيل وغلا المرجل.