الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٥ صباحاً

" الارهاب " ظاهرة تستهدف الجميع وتديرها الصهيونية

عبدالوهاب الشرفي
الأحد ، ١٥ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
اعادت العملية الآثمة التي استهدفت مجمع الدفاع بالعاصمة صنعاء الهاجس الامني الى الواجهة باعتباره التحدي الاول للدولة والحكومة والمجتمع في الوقت الحالي , فالإرهاب آفة اذا ما توسعت فستضر الجميع ولن ينجوا من اضرارها احد , و كما هو حاصل في غير بلد في واقعنا العربي والاسلامي .
الارهاب ظاهرة وليست آلية عمل لتنظيم معين في واقعنا العربي والاسلامي كما يصوره او يتصوره البعض , والحديث عن " القاعدة " باعتبار انها من يقف واراء هذه العمليات الارهابية هو حديث هلامي , و يسهم في تشتيت اي جهد يبذل في مواجهة هذه الظاهرة , فالوصول الى ان الفاعل القاعدة يترتب عليه دفن الحادثة باعتبار الفاعل غير محدد و بالتالي تسجيله من ناحية عملية ضد مجهول , وفي احسن الحالات تسخير جهد الاجهزة المعنية في مواجهة الارهاب لملاحقة مشتبه بهم لا تؤدي ملاحقتهم ولا حتى القبض عليهم الى ايقاف هذه الظاهرة ولا الى الحد منها .
الدلالة التي تحملها عبارة " من قام بالعملية هي القاعدة " تساوي تماما الدلالة التي تحملها عبارة " من قام بالعملية هي عصابة " , ولا تفرق العبارتين في شيء الا ان الاولى تعطينا فكرة عن البيئة التي تم منها تجميع عناصر لتلك العصابة التي تكوّن لعملية واحدة او اثنتين ويتلاشى عناصرها بذهابهم ضحايا في تلك العمليات وبتحول الباقي الى ملاحقين امنيا وغير صالحين لاستخدامهم لعمليات لاحقه , وبالطبع هولاء العناصر التي شُكّلوا في عصابة قاعدة لا يزيدون في شيء عن كونهم من ضمن ادوات الجريمة ( العملية ) , وبالتالي فالتعرف او القبض عليهم لا يسهم الا اسهاما طفيفا جدا في مواجهة هذه الظاهرة .

هناك بيئة معينه في واقعنا العربي والاسلامي يمكن من تكوين الاف العصابات او الآلاف " من القاعدة من اوساطها هي البيئة الاصولية المتشددة , وكل قاعدة او عصابة يتم تكوينها يمكن استخدامها في القيام بعملية معينة او عدد قليل من العمليات الارهابية وينتهي كل شيء بالنسبة لها , ويكون المدير الحقيقي لظاهرة الارهاب و المتواري عن الانظار يشكل او قد شكل من تلك البيئة عصابات اخرى من القاعدة لعمليات قادمة , وفي الغالب ليس هناك اي رابط غير واحدية المزاج الاصولي المتشدد هو الذي يجمع بين كل هذه العصابات او مجموعات القاعدة التي تباشر ظاهرة الارهاب هذه .

استخدام العصابات او مجموعات القاعدة " كأداة جريمة يعني ان من يدير ظاهرة الارهاب لا يتعامل مع نتائج عملياتها باعتبارها الهدف الذي يسعى لتحقيقه , اي ان من يتبع هذا النوع من العمل يسعى عن طريق القتل والتدمير ونشر الخوف والذعر اجمالا الى تهيئة الواقع لفرض أجندات معينه لا يمكن فرضها في ضل واقع غير مضطرب , و بعبارة اوسع هدف من يتبع هذا الالية في عمله هو هدف بعيد سيحققه لاحقا في بيئة يجب ان تكون مضطربة تماما .

لا يمثل قتل مجموعة او تدمير مبنى او تخليف ضحايا وخسائر هو الهدف النهائي الذي يسعى اليه من يدير هذا النوع من العمليات , و لا تمثل العمليات التي يقوم بها - في مجموعها - سوى خطوة ضمن خطوات توصله لخلق واقع يمكن فيه تحقيق ما يهدف اليه . وبالطبع من لا يستهدف مجموعة او مبنى او ضحية لذاتها يكون الجميع في الواقع الذي يتعامل معه مستهدفين بالنسبة له , سواء من يقع ضحية لواحده من تلك العمليات او من يتحملها تبعات تبعاتها وردود الافعال تجاهها .

عندما نقول بان الجميع بلا استثناء مستهدف في هذه الظاهرة فذلك لا يستثني حتى البيئة التي يتم منها تكوين العصابات او مجموعات القاعدة هذه , فهاذه البيئة ايضا تستنزف وتنهك وتتضرر مثلها مثل سائر التكوينات الاخرى في واقعها , و هذا الامر هو امر مقصود في حقها كما هو مقصود في حق غيرها باعتبارها مكّون من مكّونات واقع اجتماعي يراد تحويله بالكامل الى واقع مضطرب .

على ما سبق يمكن الوصول الى ان الفاعل المتواري عن الانظار الذي يقف خلف ظاهرة الارهاب لابد ان تتوافر فيه عدد من المواصفات ومن خلالها يمكن التعرف عليه , واول هذه المواصفات انه ليس من مكونات الواقع الاجتماعي الذي يستهدفه , وثانيها ان له هدف لا يمكن تحقيقه باي وسيلة في حالة ان الواقع الذي يستهدفه مستقر , وثالثها ان لديه دراية واسعة بالواقع الذي يستهدفه تصل الى ادق التفاصيل المتعلقة بالواقع وبمكوناته , ورابعها ان لدية قدرة استخباراتية واسعة ولها تجربة متراكمة من العمل في هذا الواقع المستهدف .

ومع المواصفات السابقة لابد ان يكون من يقف وراء هذه الظاهرة هو طرف له مع الواقع الذي يستهدفه – الواقع العربي والاسلامي - قضية يعمل على تهيئته بحيث يمكنه فرض هذه القضية بالطريقة التي يريدها هو وعلى الجميع في هذا الواقع .

تلك المواصفات لا تنطبق اطلاقا الا على الصهيونية العالمية , وبالطبع لها قضية تجمعها بالواقع العربي والاسلامي تتمثل في اكثر من ملف من ملفات الوجود الاسرائيلي فيه , وهي ملفات منها الملف الامني الذي تسعى فيه لضمان التفوق للكيان الاسرائيلي في مختلف الجوانب عن طريق ظرب اي بذور للتقوّي في هذا الواقع , وفي دفع تكويناته لضرب بعضها ببعض . و منها ملف المبعدين الفلسطينيين وهو ملف تسعى لإغلاقه بتوطينهم في مكان ما من هذا الواقع خارج الارض المحتلة , ومنها ملف القدس كعاصمة لذلك الكيان تسعى لانتزاع الاعتراف بها من تكوينات هذا الواقع , وغير ذلك من الملفات .

تحقيق هدف الصهيونية العالمية في فرض المعالجات التي تختارها هي لكافة الملفات المتعلقة بالكيان الاسرائيلي لن يتأتى الا في واقع عربي واسلامي مضطرب اضطرابا عنيفا , وهذا هو ما تفعله الصهيونية العالمية من خلال ادارتها لظاهرة الارهاب المتنامية , والتي تبدوا غامضة لكونها تديرها دونما ظهورها لأي كان حتى لتلك البيئة التي تكّون منها عصابات القاعدة , والتي تستخدمها دون ان تعي انها مستخدمة من الصهيونية العالمية , او ان تحس بانها المدير لها كظاهرة من وراء الكواليس .