الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٥ صباحاً

ايها الثوار...انزلوا مرة أخرى لتنقذوا قيم الثورة التي أمنتم بها !

د. علي مهيوب العسلي
الاثنين ، ١٦ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠١:٤٠ مساءً
من يتابع ما يجري منذ انتخاب الرئيس التوافقي الاخ عبده ربه منصور يرى أن مراكز القوى هي التي لها كلمة الفصل في القرارات السياسية والسيادية وحتى على المستويات الدنيا ،والتي في أغلبها لا تمت إلى ثورة الـــ11من فبراير بشيء لا من حيث الشكل !؛ ولا من حيث المضمون..!

لقد اصدر الرئيس قرارا بتسمية المتحاورين أكيد بعد حوارات ومشاورات مكثفة مع الواصلين إلى بلاطه .. ووجدنا من شرفوا بالاختيار في الحوار الوطني هم شكلا يمثلون كل ألوان الطيف اليمني وبطابع يغلب عليه المدنية.. فوجدنا عدد معينا من منظمات المجتمع المدني ، وعددا معينا من النساء، وعددا معينا من الشباب وعددا من المهمشين والمعاقين ،هذه اللوحة الفسيفسائية لوكان من عين للحوار مختار فعلا من تلك المكونات ويمثل بحق رغبات الفئة التي أتوا منها.. لكن لو دققنا في التشكيلة كما هي على الواقع فلقد أختزل المشهد بحصة بلغت 112 لحزب المؤتمر الشعبي العام وحلفائه ، والذي حافظ على تماسكه في هذه التسمية حتى الآن ،وحصة للتجمع اليمني للإصلاح ، وحصة للحزب الاشتراكي، وحصة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحصة لحزب الحق ،وحصة للتجمع الوحدوي ،والعدالة والبناء ...الخ ، بينما بقية المكونات الاخرى المدنية تقاسماها الاحزاب السابقة بطريقة أو بأخرى ،وكذا بعض الشخصيات المتنفذة والرئيس وبعض الشخصيات النشطة في فعاليات الثورة الشبابية...

وبعد حوار مستفيض كما ذكرنا سابقا اتفق المتقاسمون أو المحكولون في اللجنة الفنية للحوار الوطني على اعطاء الرئيس حصة لا بأس بها لكي يقوم الرئيس بإعطائها لمن لم يمثلوا بفعل أطماعهم واهدافهم ،فسميت بقائمة الرئيس ، لكن تعرضت تلك القائمة للقرصنة والاستحواذ والتقاسم بين الاحزاب الممثلين ،وربما كان المخططين يدركون ان هناك مستبعدين في الاحزاب من قبل أحزابهم فخصصت لهم وليس لغيرهم ،فكانت الحصة مقاسمة بين المشترك وشركاؤه والمؤتمر وحلفائه ،والشخصيات المؤثرة نالت من كعكعة التمثيل ما نالت وحتى لا نكون سوداويين نقول ربما أصابت قائمة الرئيس باختيار بعض الشخصيات التي الكفؤة والتي لم تمثل ،وهذا شيء نادر جدا ،والنادر هذا أعتقد أنه تم اختيارهم بفضل العلاقات الشخصية أو بفعل وساطات اشخاص مهمين أحرجوا الرئيس وضمهم في قائمته.وعرفنا بعد ذلك عن أشياء كنا لو قيل لنا عنها لما صدقناها ..مثل أن فلانا هو من جهة معينة ولكنه طلع عن قائمة معينة وبخاصة لثوار كنا نربأ بهم أن يكونون ممن يبحث عن الذات ويترك الثورة واهدافها ونسي ما كان يقول عن المبادرة ومواقف كثير منهم معلومة وموثقة. فالمهم أناس حسبوا على قائمة التنوع وبالحسبة للعدد لو جمعنا الممثلين عنه ،فانه يقارب عدد ممثلين حزب كبير فقيل لي والله اعلم ان تنوع حصدت على (25) فرد ،ومجلس شباب الثورة حصل على عدد من المقاعد ،وأناس منهم حسبوا على العزيز الدكتور أحمد عوض وقيل وقتها أنه زقَّ المهرة في نظر بعض الخبثاء السياسيين عندما اكتشفوا ذلك.. والبعض الاخر حسب على العزيز ياسر الرعيني ، وهكذا ..

ومع مرور الأيام سمعنا عن تعيين عدد من الشباب في رئاسة الجمهورية ،وعين عدد لا بأس بهم من الاحزاب كمستشارين لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ،وانشئ صندوق لرعاية الشهداء والجرحى ،وهناك من يرغبون بتحويل كياناتهم التصبح رسمية لتمثيل الشباب ،كل ما أوردناه وكثير مما لم نورده هنا قد أثر على فعالية شباب الثورة ،حيث أدى الى تراجع التصعيد الثوري بسبب أفعال كثير من زملائهم لا تتناغم مع الثورة واهدافها ،والبعض منهم قد صار يركب السيارات الفارهة بقربه من مراكز السلطة منذ شهور فقط، وكذلك بسبب الاستخدام والتوظيف السيء من قبل الاحزاب وتوجيه الحشود الجماهيرية فيما يخدم اهدافهم السياسية ،أي تحويل التجييش الثوري الصرف الذي كان يحدث بعفوية تامة ،والذي كان غرضه التصعيد الثوري من اجل تحقيق اهداف الثورة، الى تجييش ذو توظيف سياسي يثقل معايير حزب معين أو في حده الأعلى احزاب بعينها من أجل التقاسم والحصول على غنائم المحاصصة..

إن السبب في هذا التحليل هو ما آلت اليه الاوضاع المعيشية والخدماتية والامنية للمواطنين بسبب حكومة المحاصصة "الكسيحة "عن فعل أي شيء يخدم المواطن، بل أن الثورة قد سمحت لعديد وسائل الاعلام أن تظهر والتي معظمها وظفت خطابها في إقناع المواطن العادي من أن ما كان يقال عنه ثورة قد جلب لكم التدهور الامني وضياع هيبة الدولة وانقطاع الخدمات وبروز التقطعات والاغتيالات ولا من يحاسب .. والرئيس لا يستطيع أن يتدخل ويغير بسبب المبادرة والياتها التنفيذية ، ومن الضغوط التي تمارس عليه من بعض الاحزاب لبقاء شخصيات بعينها في وظيفتها مهما قصرت ، لأنها تتمتع بالدعم المزدوج الحزبي ، وكذلك الدعم من القوى المتنفذة ،واستطاع إعلام هذه القوى أن يؤثر على المواطن الذي كان يتوقع إحداث تغييرات جذرية توازي على الأقل حجم التضحيات ،بل انه صار يتحدث عن الثوار الحقيقيون من أنهم ماتوا ،ومن بقي منهم أحياء انظروا اليهم فهم حتى لم يعالجوا من قبل الحكومة ، بالرغم من الأحكام التي تجبر الحكومة على علاجهم ،وانظروا ايضا اوضاع بعضهم تدمي القلوب فقد تلوث (خاست) بعض جراحاتهم..

أخيرا ومع قرب انتهاء الحوار والأمل يتضاءل من الخروج بنتائج تحقق دولة مدنية اتحادية فيدرالية نتيجة لتسارع الاحداث وترك الحوار والتوجه للاغتيالات واقتحام المعسكرات حتى وصل الحال بمن لا يريد للحوار الخروج بأشياء ايجابية أن يفكر في استخدام كل المتناقضات الموجودة على ارض السعيدة (اليمن) واستخدامها دفعة واحدة من أجل خلط الأوراق واغتيال الشخصية التوافقية أو الانقلاب عليه ، فماذا لو كان لا سمح الله تحقق هدف المجرمين في اغتيال الرئيس؟؛ فهل سيتحدث أي منا عن التغيير ونجاح ثورة الشباب اذا نط الشيخ يحي الراعي الى رأس السلطة بحكم الدستور القائم ؟؛وهل هو ليس من ضمن شعار إسقاط النظام؟؛ اسئلة كثيرة تتوارد الى الذهن من امتلاك نظام صالح الى حوالي 90% من المجالس المحلية وسبعة عشر من المحافظين و.. و... والنتيجة أن لا ثورة قد قامت على الاطلاق ..وترتدُّ على ذاتك لتلعن قادة أحزاب المشترك الذين عملوا أنفسهم أذكياء ووقعوا على المبادرة الخليجية والياتها التنفيذية ،وهم في الحقيقة أناس متذاكون إذ كيف يوقعون على اتفاق مع نظام قد خذلهم أكثر من مرة ولا ضمانات مكتوبة من قبل الراعيين للمبادرة ولا منصوص على ذلك في المبادرة والآلية التنفيذية ، فراحوا يوقعون على صكوك لصالح من غير مقابل مثل الحصانة ،وبقوا يُنظِّرون أن الحصانة تعني العزل السياسي ،وكله كلام هراء لا يمت للواقع بشيء..

من أجل كل ذلك ها نحن نكرر الدعوة للثوار بالنزول مرة أخرى لتصحيح المسار واعادة البوصلة الى الطريق الصحيح وتصويب الانحرافات التي حصلت وتطهير الثورة من المزايدين الذاتيين والعمل على إحداث نقلة حقيقة في التغيير وتحقيق شعار اسقاط النظام والعمل على بناء الدولة المدنية الحديثة الموجود في اهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية ،والانتصار لكل القيم التي مكث يتغنى بها الثائرون في الساحات ما يزيد على سنتين ونصف من عيش وحرية وكرامة انسانية ،ومن الانتصار للمواطنة المتساوية، ومن الانتصار لإنهاء الديكتاتورية والاستبداد ،ومن الانتصار لتوزيع الثروة والسلطة بين جميع المواطنين، ومن الانتصار للحكم الرشيد ،ومن الانتصار لقضاء عادل نزيه، ومن الانتصار لبناء جيش وطني يشارك فيه كافة أبناء اليمن يعتمد على معايير عالمية ،ومن الانتصار للتقليل من الفساد والغاء المحسوبية والغاء الحصانات سواء لصالح أو للمناصب العليا في الدولة، ومن الانتصار لقضية الجنوب وصعدة في إقامة دولة اتحادية فيدرالية والغاء المركزية المقيتة في كل شيء، وأخيرا وفاء لدماء الشهداء وأنين الجرحى ،’فإن كل ما أثرناه وغيره الكثير يحتاج إلى النزول مرات ومرات حتى تستقيم الثورة ويصلح اعوجاجها ،فبنزولكم وبقاءكم في الساحات هو الضامن الوحيد لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على الواقع بما يلبي ويحقق جميع أهداف ثورتكم المستحقة.