السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ صباحاً

جنون الحب وحب الجنون ( 5 )

عباس القاضي
الاربعاء ، ١٨ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
خرج صلاح و أماني من عند أحمد ،،، صلاح يعرف طريقه إلى أين ؟ طبعا ، إلى المأذون ليعيد المياه إلى مجاريها ،،، يمشي و كله شوق ،،، يغمره الفرح ،،، كيف لا ؟ و أماني أقرب مخلوق إلى قلبه ،،، أخته التي أخذت ضرع أمه من فمه ،،، فهي بعده بالترتيب ،،، على غير طباع الأطفال و الذين يغيرون ممن بعدهم ،،، إلا صلاح ، فقد كانت تجتمع و تفترق الأسرة إلا صلاح و أماني فإنهما يجتمعان متجاورين... جلوسا و لا يفترقان ،،، ربنا يتممها على خير ،،، قالها صلاح و هو يلج بيت المأذون .

أما أماني فقد دخلت تهيئ الجو قبل أن يحضر صلاح و معه المأذون ،
أماه ! أحمد قرر أن يرجعني ،،، قالت لأمها بعد أن أخذت السكين منها و شرعت تقطع الطماطم ،،، حتى يكون الكلام تلقائيا دون تكلف ،،، ردت عليها الأم بلهجة قاسية بعض الشيء ، في سياق التحذير لا الممانعة : يا بنتي هذا احمد " مالوش أمان " ،،، و أردفت : أما رأيتيه ،، كيف كان يردد ألفاظ الطلاق بعد أمه كأنه طفل ،،، دون أن يراعي شعورك ؟ قالت أماني : أمي ، إذا كنت تقولين هذا ، فكيف بأبي وبقية أخوتي ؟ ،،، أمي ،،، أحمد ، لم يكن في وعيه ذلك اليوم ،،، و قد مر بظروف لولا عناية الله لكان مشردا في حالة يرثى لها ،،، و استطردت أماني : أماه ! أحمد دفع ثمن موقفه ذاك جنونا ،،، واستعاد وعيه و اعتذر ،،، " أني فداكِ يا أمي " هل تريدين سعادتي ؟ ،،،لم تترك أمها ترد ،،، و قالت : سعادتي مع أحمد ،،، و حتى لا تترك لأمها فرصة في التفكير ،،، قالت : صلاح ، ذهب لإحضار المأذون ،،، أرجوك يا أمي ، أن تكوني سندي إلى جانب صلاح ،،، رضخت الأم لطلب أماني و سلمت الأمر،،، فما كان من أماني إلا أن احتضنت أمها و طبعت قبلة في جبينها ، ودموعها تتطاير من عينيها ،،، إما دموع أمها كانت تختلف باختلاف سنها ،،، فقد رسمتا خطين في وجنتيها ،،، ثم قالت الأم : ابنة أمك يا أماني ،،، مثل هذا الموقف حصل لي مع أبيك قبل ثلاثين عاما .

قالت لها أماني : هاااا ورأيت ،،، كيف أصبح أبي كالخاتم في أصبعك ؟ ردت عليها الأم بنبرة الحكيم : بالحب يا أماني ،،، لا بالتسلط والعنجهية ،،، قالت لها أماني بنبرة فرح و مرح : " أنا فدا حقي الفيلسوفة " ردت أمها : هذه تعاليم ديننا الحفيف ،،، ما ضيعتنا إلا هذه المصطلحات الجوفاء : فلسفة ، إنسانية ، وطنية ، روح رياضية .

هيا ،،، ماما اذهبي لـ بابا ،،، كلميه حتى لا يتفاجأ بالمأذون ، و يعتبرنا أننا نتصرف من تلقاء أنفسنا دون الرجوع إليه ،،، ثم قالت و هي تشجع أمها : أنا واثقة من حكمتك و أسلوبك و قوة شخصيتك ،،، قالت لها أمها : و الحب يا أماني ،،، قالت لها أماني وهي تمشي خلفها إلى باب المطبخ : والحب ، و الحب ،،، و أي حاجة ،،، أهم حاجة تقنعيه .

عادت الأم بعد عشر دقائق و هي تزغرد بصوت مكتوم ،،، تضع يدها مظلة فوق فمها ،،، و تحرك رأس لسانها ،،، لكن دون صوت حتى لا يسمع من في البيت ،،، أخذت أماني أمها في حضنها و رفعتها لتدور بها و كأنها أختها الصغيرة ،،، ألم أقل لكم : إن أماني طويلة ،،، كأنها عمود ضياء ؟