الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢٩ مساءً

منظومتنا الأخلاقية في خطر

محمد علي وهان
السبت ، ٢١ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ١٢:٢٠ مساءً
يذكر حافظ نيسابور في (( لطائف المعارف ))عدة ظواهر وتشوهات أخلاقية تفشت في عهد أمراء وسلاطين تبرز لنا مدى تأثير الحكام على أخلاق الناس وسلوكهم سلبا وإيجابا فيروي أن عبد الملك بن مروان غلب عليه حب الشعر فكان الناس في أيامه يتناشدون الأشعار ويتدارسون أخبار الشعراء ولما تولى الخلافة سليمان بن عبد الملك صاحب الطعام والنساء، كان الناس في أيامه يصفون ألوان الأطعمة ويذكرون أطايبها ويستكثرون من الحرص على أحاديث النساء، ويتساءلون عن تزوج الحرائر والاستمتاع بالسراري ويتجاوزون في ذلك أما عمر بن عبد العزيز فلأنه أحب الصلاة والصوم فقد صار الناس في أيامه يتلاقون فيقول الرجل لأخيه: ما وردك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ وبكم تختمه؟ وكم صليت البارحة؟ وهل أنت صائم؟ وفي تاريخ الطبري أنه لما حمل أحد قادة الجيش إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيف كسرى وجواهره بعد هزيمته أمام المسلمين بقيادة سعد بن أبي وقاص فإن أمير المؤمنين قال: إن قوما ادوا هذا لأمناء فعلق عليه علي بن ابي طالب كرم الله وجهه قائلا له : إنك عففت فعفت الرعية هذا التفاعل بين الحاكم والمحكومين، ودور المسؤولية السياسية في التأثير على الناس هو ما يجب أن ينتبه إليه قادة الرأي بأن يعطوا أولوية لسلامة أخلاق الشعب قبل أرزاقه، إذ إن الأخلاق هي الأساس المتين لكل بناء تنموي، والدرع الواقي للوحدة الوطنية. ففي تاريخ الأنظمة التي حكمتنا نجد أن كلا منها له نصيب في نقض عرى الأخلاق لكن ما تشهده الأخلاق اليوم في عهد النظام القائم من التدمير هو أمر يدعوا للقلق على مستقبل الوطن بكل أطيافه. لقد طالت الخلافات الأخلاقية كل القيم النبيلة من قتل للعزل واستهداف للمصالح العامة وفوضى عارمة طالت كل شيء ولعل آخرها الهبة الشعبية التي دعى إليها بعض أبناء محافظة حضرموت ضد إخوانهم من أبناء المحافظات الشمالية وهي بادرة خطرة تدعو للقلق على مستقبل هذا الوطن ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل وصل الجرم إلى النيل من شعائر الإسلام وأصبح فقهاء السياسة ينظرون ويفتون بجواز كل ذلك إن لم يكن باستحبابه. ومن المؤسف جدا في ظل هذا التدمير للمنظومة الأخلاقية أن نجد الطبقة النخبوية السياسة في وطننا تعيش سلبية مقيتة لم يعرف التاريخ لها مثيلا فقد ألهتها المناصب وشغلتها الأرزاق عن حماية الأخلاق من مخالب المتسلطين وأتباعهم والمطالبة بذلك.