الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٠ مساءً

اللهم إن ديننا اختطف ... اللهم إنا نبراء اليك من الريمي وأمثاله

علي منصور
الثلاثاء ، ٢٤ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
إذن بعد أكثر من اسبوعين من جريمة العرضي النكراء بدأت الصورة تتضح لنا. لم يكن الأبالسة الفعلة جماعة مسلحة انتحلت صفة القاعدة، أو جناح منفلت منها هبط علينا من سوريا، أو جماعة منها مخترقة من أحد مراكز القوى.... لم يكن أي من هؤلاء مسئول عن هذه الجريمة النكراء بل كان المسئول الحصري والوحيد عنها هو قاعدة جزيرة العرب ممثلةً في زعيمها الوحيشي وقائد عملياتها الريمي.

ولنترك الآن جانباً من هو الوحيشي ومن هو الريمي وماعلاقتهما بأجهزة الاستخبارات ومراكز القوى المحلية والاقليمية والدولية... ما يهمنا هو ان القائد العسكري لعصابة القاعدة في جزيرة العرب قد خرج علينا بتسجيل غير مسبوق من حيث أنه يتضمن اعتذاراً عن ابشع عملية من عملياتهم وهي مذبحة مستشفى العرضي...

بداهةً فإن الغرض الوحيد من هذا الاعتذار ليس إلا محاولة إخفاء ما كشفته هذه الجريمة النكراء من بشاعة جماعته ووحشيتها وشيطنتها وبراءة الاسلام والمسلمين من افعالها... وإنقاذ ما يمكن انقاذه من الهالة الربانية التي يحيط القاعديون انفسهم بها ويستخدمونها لاستقطاب الشباب واستغفال بسطاء الناس والقبائل للتعاون معهم والتبرع لهم وايوائهم باعتبارهم أصحاب رسالة وقضية تخدم الاسلام والمسلمين وتناهض الكفر والكافرين... إذ لاشك أن مذبحة مستشفى العرضي قد اثارت لدى انصار القاعدة ومموليها والمتعاطفين معها جملة من التساؤلات حول حقيقة هذه الجماعة المارقة وفكرها وأهدافها؟ وكيف يمكن لقتل الأبرياء في مستشفى العرضي أن يخدم الاسلام؟ وكيف يمكن لأصحاب هذه الصور "الرضية" واللحي المرسلة أن يكون بينهم افراداً بمثل هذه الوحشية؟ ولعل الأهم في هذه التساؤلات هو ما دار منها في خلد القبائل التي تحتضن هذه العصابة وما لمسه التنظيم في اوساط اليمنيين من استنكار وشجب للجريمة وما تسببت فيه ردة الفعل الشعبية من خسارة فادحة للتنظيم في علاقاته العامة ... مما اقتضى أن يتحفنا الريمي بهذا التسجيل الفريد والاستثنائي .

الريمي تحدث فقال لنا أن شهداء مستشفى العرضي هم ضحايا خطاء عملياتي فني ... قام بتحويل جريمة سلب اكثر من خمسين روح واسقاط أكثر من مأتي جريح الى مجرد خطاء أو غلطه... تبسيط ما بعده تبسيط وتسطيح واستهانة ما بعدها استهانة.... الموضوع كله عباره عن شوية صملاخ او (شمع اذن) رماه ابليس (اميرهم) في مسامع واحد من هؤلاء المجرمين المعتوهين فلم يسمع تلك الجزئية البسيطة من تعليمات القتل والتفجير التي زودهم بها القائد العسكري والمتعلقة بحسب قوله "بعدم التعرض لمن هم في المستشفى أو المصلى"... ولاحظوا معي أن النهي لم يكن عن قتل المرضى والأطباء والنساء والأطفال نصاً بل عدم التعرض لمن في المستشفى او المصلى ... بمعنى انهم لو كانوا صادفوا نساء او اطفال في الحوش فلا مانع من قتلهم... وهو ما قاموا به بالفعل... ولكن لنترك الآن هذه الجزئية التي سنعود اليها لاحقاً ولنتأمل مؤقتاً في هذا العذر الأقبح من ذنب الذي يحسب أنه سيعيد الاطمئنان الى قلوب اتباعهم ومحتضنيهم بين قبائل اليمن...

بهذه التوضيح (الغلطة) يتوقع هذا المعتوه أن تلهج السنتنا بالحمد والشكر لله والتهاني والتبريكات للرحمن على براءة قاعدة من هذا الاجرام الذي اتهمها به الانتهازيين الذين استغلوا هذه العملية لتشويه صورتها واطلاق ابشع الأوصاف عليها. ولعله يتوقع أيضاً أن يتنفس الشعب اليمني وكل من فقد عزيز في هذا الحادث الشمعي أقصد السمعي، وحتى الشهداء في قبورهم إن امكن، ليتنفسوا جميعاً الصعداء بهذا التصريح وليصبوا جم غضبهم ولعناتهم على ابليس وقبيله بدلاً عن الريمي وقبيله ... ابليس الذي ارتكب جريمة سد مسامع مجرم المستشفى فقام بجريمته وهو لايعلم شيئ عن تعليمات الأمير الريمي...

وليفرحوا ايضاً بما وعدهم به الريمي من تعويضات ستصلهم اشعاراتها ربما برسائل نصية (مفخخة) تحمل ارقام الحوالات على احد فروعهم في شارع "الزعيم" او شارع "محسن" وللمقيمين في شمال صنعاء عبر فرع "زندان" او "الحنق"... شكراً للممولين المعتوهين في السعودية والخليج ومن اليمن.... إن هذا الحل الذي الهم ابليس به الريمي هو حل شامل كامل عام الفائدة مرضي لكل الأطراف ... فهو مفيد في نزع فتيل ازمة علاقات عامة تعصف بقاعدة جزيرة العرب، وهو يحفظ لها صورتها كتنظيم وديع مسالم يحتاج لعلاقة طيبة مع البيئة التي تحتضنه، وهو مفيد لأولياء الدم إذ يحفظ حقوقهم في الديات ومصاريف العلاج. وربما يقول لنا الريمي انه مفيد ايضاً للضحايا الذين اصبحوا شهداء وسينالون الجنة (كما اجاب يوماً احد معتوهي الجزائر) ، الشهداء الذين سيتسائلوا يوم يبعثوا فيم قتلوا؟ فيسمعون منهم هذا التبرير العبثي والعذر الأقبح من ذنب.

ولبعض القراء الذين اعرف انهم سيتهموني بأني لم يعجبني هذا العجب – أقصد لم يعجبني توضيح القاعدة وما حواه من فائدة - اسمحوا لي أن ابين لهم مكمن المشكلة في هذا كله؟

اول مشكلة هي أنه تبين لنا بالدليل الدموي الواضح ان دمائنا كلنا، كبارنا وصغارنا رجالنا ونسائنا عسكرنا ومدنينا مسئولين وسائلين، غير معصومة عند هؤلاء الشياطين القتلة ... وأن تفعيل هذه العصمة يحتاج قبل كل عملية قاعدية الى واحد من قيادييهم ليقول لهم من يقتلوا ومن يتركوا، ويرشدهم الى مايجوز وما لايجوز، وبدون هذا التوجيه العملياتي فإننا نكون جميعاً على كف هؤلاء العفاريت الذين قد يقتلون المرضى في المستشفيات او الأطفال في المدارس او المتبضعين في الأسواق.... كما ان التزام هؤلاء القتلة بالتعليمات يتطلب أيضاً أن يتمتعوا بحاسة سمع حادة... ولهذا فإن علينا ان نبتهل الى الله صباحاً ومساءً أن يمتعهم بأسماعهم وابصارهم وأن لا ينضم اليهم ادور أو اعمش ولا من به سعره أو قصر نظر ... حتى لا نكون ضحايا وقر في آذانهم أو قصر في أنظارهم... قولو آمين.
المشكلة الثانية تكمن فيما ذكره الريمي من انهم قد نبهوا المجرمين لعدم التعرض لمن هم في المستشفى او المصلى... وكأن حرمة دماء الناس في المستشفى والمصلى ليست من البديهيات التي لاتحتاج لتنبيه عند هؤلاء الأبالسة المنفلتين... ولا يستقيم عندي تفسير هذه العبارة التي قالها الريمي إلا بأن هؤلاء القوم اساساً معتوهين اصحاب عقيدة منحرفة مشوهة لا علاقه لها بالإسلام ... ومن تاريخنا الاسلامي نستحضر مايشبه هذه النوعية من البشر في قول معاوية لرسول الامام علي (لاقاتلنكم بناس لايميزون بين الناقة والجمل). ويبدوا فعلاً أن هؤلاء المجرمين مغسولي الأدمغة بل ممسوحيها فلم يعودوا يميزون بين حلال أو حرام.
المشكلة الثالثة تكمن في أننا كنا نحسب أن هؤلاء القتلة المجرمين اشخاصاً واعين قارئين للقرآن عارفين للحدود، التبست عليهم تفسيرات بعض الآيات حول الجهاد وقتال الكفار، لكنهم في العموم اشخاصاً تقاة إذا ذكروا الله وجلت قلوبهم، يخافون يوماً شره مستطيرا ... وإذا بنا نكتشف أنهم ليسوا سوى صنف خسيس حقير من الشياطين الابالسة والوحوش الآدمية التي نزعت من قلوبها الرحمة لا عقل لها ولا تفكير ولا وازع من دين او اخلاق ينهاها عن اي اجرام ضد أي شخص كان رجلاً أو امرأة أو طفل.... وحاشا لله أن يكون هذا من دين الاسلام دين الرحمة ... ولا من اخلاق الحروب التي علمها رسوله الذي عصم دماء نساء وأطفال ورجال الكفار ممن لا يقاتلون... فما بالكم بدماء نساء وأطفال ومرضى ومسنين مسلمين يشهدون أن لا اله إلا الله... فتباً لهؤلاء الأبالسة القاعديين الف مره ... وتباً لمن نشأوا بينهم وربوهم وعلموهم وغسلوا ادمغتهم وتباً لمن يتبعهم ويؤويهم ويدعمهم ويتعاطف معهم ويتستر عليهم... ومرحباً بالطائرات بدون طيار لتجتثهم وتعجل بهلاكهم وارسالهم الى جهنم حيث ابليسهم الذي يتبعون.
المشكلة الرابعة تتمثل في موقف الريمي مما حدث من خطاء ترتب عليه إزهاق لعشرات الارواح وجرح المئآت ممن لا ذنب لهم ولا جريرة ... هذا الموقف من قبل القائد العسكري لهذه العصابة، والذي يفترض فيه تحمل نتائج الأخطاء التي يرتكبها شياطينه، يدل على استهانة شديدة بأرواح الناس ... ولو انه شخص صادق في دينه وتدينه لرأيناه يعلن البراءة ليس فقط مما ارتكبه شيطانه الرجيم فحسب بل ايضاً من تنظيم القاعدة وفكره لأن هذا هو الفكر الذي انتج هذه النوعيات من الحيوانات المفترسة باسم الدين... لا بل نراه يمضى ليدعوا لهذا الابليس بالرحمة والمغفرة ثم يتوعد بالمزيد من العمليات ضد من يتعاون مع برنامج الطائرات بدون طيار الذي ينفذه الامريكان بموافقة اليمن لاصطياد هؤلاء الشياطين وارسالهم الى سيدهم ابليس في جهنم وبئس القرار. فأي ايمان هذا وأي تدين!!!

اريد في ختام هذه المقالة أن اشير الى مهزلة الأحكام التي تصدر ضد من يقبض عليهم من هؤلاء المنحرفين... هذه الأحكام هزيلة لا تتناسب بالمرة مع هول جرائمهم ... وفيها شبهة تعاطف من بعض القضاة... ولهذا لابد من تشديد العقوبات في قانون مكافحة الارهاب. وأن تعمل النيابة على استكمال ملفات الحالات التي تحال للقضاء وبحيث يمكن أن نرى عقوبات تشفي انفس اقارب الضحايا.