الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٠٦ صباحاً

جنون الحب وحب الجنون (9)

عباس القاضي
الاربعاء ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٢٠ صباحاً
تناولا إفطارهما ،،، و كل يتمنى أن تسبق يد صاحبه يده ،،، و أثناء ما كانت أماني تنتقي اللقمة و تشتهيها ترفعها إلى محاذاة فمها ،،، ثم تقول : لا والله لبطنك يا أحمد أولى من بطني،،، خذها ولا تخف ،،، سنعيدها سيرتها الأولى ،،، بإشارة منها أن العوض موجود ،،، أمي أخرت الكبدة من الكبش الذي ذبح بالأمس ، لتكون إفطارا لنا،،، قالت أماني ،،، حتى يكون للعطاء قيمة ،،، على رأي أبي نواس ،،، الذي كان يطلب من نديمه أن يسمعه ما يتناولانه ، تلذذا بالشراب طعما و سمعا ،،، " ألا فاسقني خمرا و قل لي هذه الخمر " .

قال أحمد : إذا لم تكن هذه الجنة ،،، فكيف تكون ؟ و أردف : أتزوج دون أن أنفق شيئا ،،، و عروس هي : أميرة الجان ، و سلطانة الزمان ، و عروس البحر دون ماء و لا زبد و لا أمواج !,, هل استطيع أن أخرج إلى السطح و أنادي : يااااااااا قوم ،،، هل في المدينة من هو سعيدٌ مثلي ؟ .

قالت له أماني : كل ، كل ،،، أنت تتكلم و أنا آكل ،،، يبدو انك تريدني أسمن ؟،،، قال لها : لا ، أريدك هكذا يا أماني ،،، لا تزيدين ولا تنقصين ،،، قالها و هو ينفض يداه منتهيا من الأكل ،،، و كذلك هي ،،، أخذت ما فرغ ، وما تبقى من الصحن و أعادته إلى مكانه الذي أخذته منه ،،، و أغلقت الباب خلفها .

عاد أحمد إلى السرير ،،، ليسند نصف ظهره ،،، و يمد النصف الآخر في وضع لا هو بنائم و لا هو بقائم ،،، أما أماني فقد جلست أمام التسريحة -الذي احضرها صلاح لغرفته لتكون مخصصة للعروسين في ليلة هي خير من نصف عمرهما - لتختار الشكل و الماكياج المناسب في خروجها ،،، صباحية عرسها ،،، تقول في نفسها : الاعتدال هو الحل ،،، لا إهمال و لا إبهار ،،، لا بد أن أقابل من أقابل في البيت ،،، و كأن شيئا لم يكن ،،، لأن الخجل يولد خجلا ،،، و أحمد ينظر إليها ،،، هو يعجبه شعرها المتدلي إلى أسفل ظهرها بسواده الفاحم ،،، اجتهدت المزينة في تموجه ،،، و تشذيب إطرافه ،،، ثم تذكر شيئا و ضحك ،،، تذكر الأغنية التي تقول " كله على شانك ".

هااا ،،، كذا عاجباك ؟ تقولها أماني ،،، وهي تلف حول نفسها كراقصة الباليه ،،، قال لها : أنت تعجبيني حتى لو لبستِ " مركني " ،،، قالت له " خذ وقم البس هذه البدلة ،،، اخترتها لك بعناية ،،، انتبه ! تعمل نفسك محرج و إلا حاجة ،،، نحن لم نعمل حاجة غلط ،،، رد عليها مبتسما : أنت متأكدة إننا لم نعمل حاجة غلط ؟ ،،، أخذت أماني المخدة ،،، تضربه بها و هي تقول : يا ابن الذين " تجزع على واحد " ثم ترجع تضحك عليه ،،، قبلة واحدة ،،، كانت كافية لإسكاتها .