الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٠ مساءً

اليمن 2025.. رؤية استراتجية عملية للخروج باليمن إلى بر الأمان

خالد القدسي
الاربعاء ، ٢٥ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ٠٨:٤٠ مساءً
ما حدث في اليمن خلال الثلاث السنوات الماضية ينبغي أن يُعطي الدروسَ والعبر لكل من يحمل عقلاً راحجاً وقلباً حياً بأنه قد آن الآوان لطي هذه الصفحة المؤلمة من تاريخ اليمن والتوجه العملي الجاد نحو البناء والتنمية.

كثر الحديث واللغط حول مُخرجات الحوار الوطني وتقسيم اليمن إلى آقاليم أُختلف في عددها وإلى بعض دعوات الأنانية من العودة إلى ما قبل عام 1990، وكأنه بالإنفصال ستحل قضايا اليمن وأن المشكلة في الوحدة برغم من شهادة الجميع بأن الوحدة اليمنية مكسباً ليس لليمن فحسب بل للأمة العربية كلها ينبغي أن نفخربها في زمن التشضي الذي نعيشه!

المشكلة أحبتي في ضيق الأنا والمشاريع الضيقة للبعض الذين فقدوا مصالحهم (أو هكذا يعتقدون) متناسين بأنهم قد نهبوا ثروات الوطن لعقود من الزمن وكأنهم لم يشبعو بعد! حتى نطوي هذه الصفحة ونتجاوز المصالح الضيقة وأصحابها، ونتجاوز هواجس البعض والذين ينظرون إلى الوحدة من منظور إقتصادي أو سياسي بحث بأنها ستحرمهم الثروات النفطية المكتشفة في مناطقهم أو هيلمان السياسية وبريقها، أقول دعونا نوفق بين تلك الرؤى بطريقة عملية، تتطلب إرادة جادة وعمل متفاني حتى تتحقق:

1- ضرروة العمل إلى إيجاد وتنفيذ برنامج وطني تنموي شامل للعشرة الأعوام القادمة، تكون رأس حربته الميزة التنافسية لكل محافظة ( أو أقليم)، مع الأخذ بعين الأعتبار بأنه ما من محافظة، أو منطقة أو أقليم في اليمن الاّ وقد حباها الله بثروات متعددة وأعطاها ميزات تنافسية تستطيع أن تحقق ما تصبوا إليه من نمو أقتصادي مرجو.

فلو اخذنا المحافظة الوليدة – سقطرى، على سبيل المثال، سنجد أنها تتمتع بميزات تنافسية عظيمه، تشمل الموقع الجغرافي والاستراتيجي الهام يجعلها موقعاً مثالياً لتجارة الترانزيت الدولية بين جنوب شرق أسيا والوطن العربي، عدا كونها موقع جذب سياحي عالمي بأمتياز. فأذا ما تم التركيز على هذين العاملين والعمل على تنميتهما بشكل أمثل من خلال إنشاء ميناء دولي يستوعب حركة البواخر وتطوير مطار سقطرى والخدمات اللوجستية المصاحبة لهما وتطوير شبكة الطرقات وعمل المنتجعات والمدن السياحية في الجزيرة. كل هذا كفي بأن يجعل من سقطرى مورداً أقتصادياً هاما ليس للتنمية الشاملة للجزيرة فحسب، بل لرفد الخزينة المركزية للدولة كذلك! علاوة على ذلك فأن هناك قطاعات نفطية واعدة في الجزيرة وما حولها.

وهكذا هو حال بقية المحافظات الأخرى، فهناك تسعة محافظات بحرية أخرى تشمل المهرة وحضرموت وشبوه وأبين وعدن ولحج وتعز الحديدة وحجة كلها لديها موانئ بدرجات متفاوتة من التطوير وبحاجة إلى إعطاء أولوية لهذه الموانئ كونها تمثل موراد أقتصادية كبرى لهذه المحافظات. العظيم في الأمر، بأن بعض من هذه المحافظات تمتلك المينائين والثلاثة (مثل حضرموت والحديدة) وهو ما لا تمتلكه دول! فالأردن والعراق لدى كل منهما ميناء واحد فقط. كما أنه لدى هذه المحافظات ميزات أخرى زارعية وصناعية وسياحية وبشرية وحيوانية وثراوت معدنية ونفطية ولوجستية كونها كلها تقع على طريقي التجارة الدولية البحري والبري (الرابط بين دول الجزيرة العربية). حتى تلك المحافظات غير المطلة على البحر، فأن لديها ميزات تنافسية كبيرة سياحية وصناعية وتاريخية وثروات معدنية ونفطية.

وبناءً على ما سبق، فأنه يتعين على الجميع وعي الحقيقة بأن هاجس الخوف الأقتصادي من نهب ثراوت مناطق بعينها (كما يحلو للبعض تسميتها) هو حديث عار عن الصحة، واننا بحاجة إلى إرادة وعزم قويين لأستثمار ما تحت أيدينا من ثروات كامنة!
2- حتى تتبلور فكرة البرنامج الوطني التنموي الشامل بشكل عملي، يتعين على السلطة الملحية في كل محافظة أو أقليم إنتقاء نخبة من علمائها وأكاديميها (في مختلف التخصصات) للعمل معاً على بلورة وتخطيط مشاريع نهضوية شالمة على مستوى تلك المحافظة أو الأقليم وتزمينها وفقاً لمعاير التخطيط العالمية المتبعة في تنفيذ المشاريع واعطاء الأولويات لمشاريع البُنى التحية والتنمية البشرية، لما لهما من مردود إيجابي كبير في تنفيذ المشاريع الأخرى.

3- بعد إستكمال الخطط الأستراتجية المحلية ( للمحافظات أو الآقاليم)، يتعين على الدولة المركزية إختيار بعض من هذه المشاريع، وخاصة ذات المردود الوطني الشامل منها (كأستخراج النفط والغاز والكهرباء مثلاً) ووضعها ضمن الأولويات المركزية، وأختيار نخب النخب من كل محافظة أو أقليم من العلماء والمفكرين، للعمل سوياً في تنفيذها وتأطريها ضمن الجدول الزمني المتفق عليه.

4- وحتى نصل إلى ماذكرناه أعلاه، يتعين على الجميع (على كل مشاربهم ومصالحهم) العمل بمسؤولية تجاه هذا الوطن، وإعطاء الفرصة للجميع للعمل الجاد كل من موقعه، وان نغلب العقل والضمير والحكمة على المكايدات والدسائس والمشاريع الشخصية الضيقة! يشمل ذلك الأصلاح الجاد للمؤسسة العسكرية والمصالحة الوطنية الشاملة وإعادة الثقة لرأس المال المحلى والعربي والأجنبي وخاصة رأس المال الذي أرتبط بتنفيذ بعض المشاريع الأستراتجية الحيوية وتعثر لأسباب نعلمها جميعاً، كمشروع فردوس عدن، ومطار صنعاء الجديد والطريق الدولي عمران-عدن وغيرها من المشاريع، والعمل على تشجيع تلك المشاريع العملاقة الجرئية التي كادت ان ترى النور خلال السنوات الماضية وسرعان ما خبى بريقها، كمشروع الجسر الواصل بين اليمن وجيبوتي ومدينة النور الصناعية... الخ

وختاماً، أوجه حديثي للصافحة في اليمن. أتقو الله في اليمن! "الفتنة نائمة، لعن الله من أيقضها"! على الصحافة أن تعمل بمسؤولية والا تكون أقلاماً مأجورة، علينا أن نفرق بين الديمقراطية والفوضى. فلدينا من الهموم والأولويات الجسام من تنأى عنها الجبال، الا وهي الأمانة التي حملناها أمام الله والوطن. فأما أن نكون أصحاب رسالة أو لنصمت.