الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:١٣ مساءً

جنون الحب و حب الجنون ( 13 )

عباس القاضي
الاثنين ، ٣٠ ديسمبر ٢٠١٣ الساعة ١١:٢٠ صباحاً
فاق أحمد من خياله على صوت صلاح ، و هو يودعهما بقوله : عندما تحتاجون شيئا ،،، هاتفوني ، وستكون بعد لحظات أمام الباب أشياءُ ،،، وأردف صلاح موجها حديثه صوب أماني : أنا لن أعود إليك أخيتي ،،، وسيكون لقاؤنا بين الحين و الآخر ،،، إذا استوحشتم عندنا في البيت ،،، أما أنت يا احمد فأكيد سألقاك بين الحين والآخر في المسجد .

" فديت القفا حقك يا صلاح " قالتها أماني ، وصلاح يغادر ساحبا الباب وراءه ،،، أغلق احمد الباب بالمفتاح ،،، وعاد متجها نحو أماني ،،، أماني تمشي للخلف وأحمد يمشي أمامها يقول : أنا مجنون أماني ،،، وألقى بها على الكنبة في صالة المعيشة ثم جلس بجانبها وهو يقول مستفتحا حياة الفندق : كان قيس بن ذريح مثلي متزوجا لبنى ،،، غصبه أبوه أن يطلقها ، وكان قيس يحبها عشقا و لبنى توده وَلَهًا ، ولكن أباه كان أنانيا مثل أمي ،،، لم يغمض له جفن ولم تهدأ له قناة ، إلا أن يطلقها ، حتى وصل به الإصرار أن يلقي بنفسه بالصحراء في يوم هجير متحللا من ملابسه ؛ ليهلك ، إن لم يطلق لبنى ،،، فجعل الناس يلومون قيس ،،، أتترك أباك يهلك من أجل امرأة ؟ ،،، فجاء قيس لأبيه يستنهضه طالبا منه أن يمهله لصباح الغد ،،، ففعل ، باتوا ليلتهم يا أماني ،،، ليلة ! صبحها فراق و وداع ،،، أي أرض تقلهم ؟وأي سقف يظلهم ؟ و أي فرش يحتويهم ؟ كانت أعينهم تحترق من الدموع والعرق ،،، ومازال صدى آهاتهم تتقاذفه الجدران ،،، حتى كان الصباح جهز راحلتها وجاء بغلام يرافقها ،،، ساعدها في الصعود على الراحلة ،،، ثم غادرت وظل يرقب الهودج ،،، و كأن في الهودج قلبه لا لبنى ،،، حتى غابت في الأفق ،،، وكانت لبنى قد طبعت قدمها على الرمال عند صعودها على الراحلة ،،، فنظر إليه قيس ، فانكب على وجهه ؛ يعفر وجهه من آثار قدمها وينتحب باكيا،،، ثم قال هذه البيت :

وما بوسي التراب لطهر أرضٍ *** ولكن حبَّ من داس الترابا

ثم فقد وعيه و أصبح مجنونا ،،، فسمي بقيس لبنى ،،، على غرار قيس ليلى

نظر أحمد إلى أماني و الدموع تسح من عينيها وجدا تأثرا بالقصة ،،، ثم قال : شتان يا أماني بيني و بين قيس لبنى ،،، فقد كان أبوه أشد إصرارا على طلاق لبنى من رغبة أمي في تطليقك ،،، وكان لقيس محاولات ،،، مقابل تسليمي بالأمر دون مقاومة .

أرادت أماني أن تُخرِج أحمد من هذا الهاجس المؤلم ،،، إلى أفاق الرومانسية ،،، التي تجيدها عزفا منفردا على نبضات القلوب ،،، قائلة : أحمد ،،،هل أنت سعيد معي ؟ رد عليها أحمد : كيف لا ،،، بالرجوع إليك رُدَّ إليَّ عقلي ،،، يا حصاتي ،،، و أردف : إن كنتُ أنا جزء من حياتك ،،، فأنتِ كل حياتي ،،، يا أماني و أمنياتي .

- يتبع -