الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٤١ مساءً

رحيل عام مثقل بالهموم .. استقبال عام جديد

أحمد عبدالله جحاف
الاربعاء ، ٠١ يناير ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٠ صباحاً
عام مضى بحلوهِ ومُرِّهِ، بخيرهِ وشرهِ، سعد فيه البعض، وحزن وبكى وتألم البعض، على فراق أحبة بالموت، أو بالسفر، أو بالخصام والقطيعة، أو بالمرض، أو بضيق ذات اليد، أو الإخفاق بالدراسة أو العمل، ويبقى اليقين فى الله بأن ما هو آتٍ أفضل بإذن الله... عام مضى، كان لليمن بمثابة سرادق عزاء.. عام الموت بالجملة وبالقطاعى.. حادث تلو الآخر.. أنتفجار تلو أنفجار.. آباء وأمهات سُودت أعتابهم وانكسرت ظهورهم، وأُدمعت عيونهم، وأُدميت قلوبهم، وطال ليلهم.. حسرة ولوعة على فراق أبنائهم وأشقائهم على أيدى الغدر والارهاب.. يقال عنهم مسلمين، يقال عنهم يمنيون، وما هم بمسلمين ولا بيمنيون ، فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، خائنين لله وللوطن، فلا يعرف الإيمان ولا الانتماء طريقاً إلى قلوبهم وعقولهم، الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.. دفع الفقراء والكادحون ضريبة الاضطراب والاختلاف السياسى فى اليمن، بلا ذنب اقترفوه أو جريرة..

لقد مضى عام 2013 بلا رجعة ، غير مآسوف عليه ، رحل بأيامه المؤلمة الحزينة، وكوارثه وأحداثه المفجعة.. رحل بعد أن تجرعنا مرارة الانقسام، وزادت فيه الفرقة والخلافات، وتعمق فيه الشعور بالخوف، وغياب الامن والامان وتضاعفت فيه موبقات وأوزار الانقسام المشاوم.. رحل بمرارة، مع الدماء الذكية التي سالت.. رحل بعد أن عشنا أيامًا حزينة ، لم تترك بيتًا إلا وتركت فيه حزنا .عام مضى، شهد ما شهد من حوادث.. رحل بعد أن خلَّف ما حملته ذاكرتنا ونحن صابرون على قضاء الله ..

12 شهرًا عانى فيها المواطن اليمني من أمراض العصر المزمنة، بدءًا من اثار الانقسام والغلاء والبطالة، مرورًا بالأزمات المفتعلة في اتقطاع التيار الكهربائي وأزمات المشتقات النفطية والتعليم الذي لا يحسد على وضعه والصحة، وليس انتهاء بتردي الأوضاع الاقتصادية.. ومع كل تلك المعاناة، يبقى الأمل معقودًا في إنجازات ملموسة يشعر بها المواطن اليمني في العام الجديد.
يأتي العام الجديد حاملًا هموم شعب عظيم لم يحقق حتى الان حلم بناء اليمن الجديد والدولة المدنية التي كان يتمناه.. حاملًا تساؤلات لم يُجَب عنها وأمنيات لم تتحقق.. يأتي ومخزون الصبر والتحمل بدء في النفاد، ولم تعد هناك إمكانية لمزيد من الانتظار أو التمني.

سنة نحسبها ضائعة في مآلاتها وأحوال الناس فيها، بسبب سوء الأوضاع المعيشية والأحوال السياسية والاقتصادية، والتي معها تبخرت الأماني والأحلام، وتبددت مظاهر الأمن والأمان، وتبعثرت فيها القيم والمبادئ والمفاهيم، الوطن على أعتاب العام الجديد، يحلم بأن يكون الجميع شركاء في المسؤولية والبناء، وإنقاذه من ميراث رديء عانى منه سنوات ، ولن يتحقق ذلك إلا بعودة شطري الوطن وتحقيق المصالحة، حيث أننا لا نريد مصافحة ووابتسامات وحوارات بل نريد مصالحة حقيقة على ارض الواقع ، وسمو القلوب، ونبذ الفتن وتوحيد الصفوف، وترسيخ ثقافة التسامح والمحبة بين الجميع.

إننا نعتقد أن التسامح والمحبة والصفح أصبحا مطلبًا ضروريًا،
في ظل هذه الظروف نتمنى في العام الجديد، أن يكون عام تسامح ومحبة حقيقية وانتماء للوطن، وعودة سريعة للأمن، وتطبيق شعار اليمن اولا ، وأن تكون اليمن دائمًا فوق الجميع، والنظر إلى المستقبل بعين الأمل والتفاؤل، وأن يسود مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر، اعتقد بأن الأماني لا تزال ممكنة، لو استطعنا طيَّ صفحة الماضي وبدء صفحة بيضاء جديدة،بنية صادقة خالصة لله تعالى في تنشئة أبنائنا بالأخلاق الحسنة، وممارسة السلوكيات الحضارية، وإعلاء قيمة العمل والإنتاج.. ومن يدري! فقد تتحقق هذه الأمنيات في العام الجديد لتصبح اليمن دائمًا في المكانة التي تستحقها، مزدهرة ومتقدمة بين الأمم.

إننا نعيش مرحلة دقيقة من عمر اليمن، تتطلب منَّا أن تعلو مصلحة اليمن فوق كلِّ المصالح، حتى تستعيد وجهَها الحضاري الخالد على مرِّ الزمان، لتكون ـ كما كانت وستبقى ـ قويَّة أبيَّة متماسكة، قائمة على أسس العدالة والمساواة، وسيادة دولة القانون.. ويبقى الأمل قائمًا في أن يحمل العام الجديد، الخير والنمو والازدهار، وأن ينعم الجميع بالأمن والأمان والاستقرار.