السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٩ صباحاً

هل هادي يحمل حكمة الحمدي ؟

عبد الخالق عطشان
الاربعاء ، ٠١ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
قدر اليمن أن تُبتلى وقدر الشعب أن يصبر وقدر حُكامه المخلصون أن يتحملوا المسؤولية على أكمل وجه وخصوصا وقد قطعوا على أنفسهم العهود وأدوا اليمين على ذلك ، إلا أن بعضا ممن تولى أمرنا قد أدى العهد بلسانه ويُمناه وما لبث أن نكث العهد بأفعاله ويٌسراه..
تتوالى الأحداث السيئة إلا أن الأسوء منها وعلى قذارتها أنها أحداثا منظمة زمانا ومكانا وبأيادي لا تَكل عن التنفيذ وعقول لا تمل من

التخطيط تتميز بالتجديد والإنتاج في الكم والكيف والنوع يرجون من خلالها توقيف نبضات قلب الحوار الوطني المتسارعة في آخر أيامه والذي بموته يفتتحون مشاريع جديدة من المقابر ومراكز للأيتام ومعاقين وجرحى الحروب الاهلية ومخيمات للنازحين وبمعنى أدق يسعى هؤلاء المعرقلون إلى صناعة كرسي للحكم من الأشلاء يتم الوصول إليه عبر نهر من الدم..

الإيمان يمان والحكمة يمانية واليمنيون أرق قلوبا وألين أفئدة لكن ومع أن الإيمان واجب على الأمة على حد سواء الراعي والرعية إلا أن الحكمة فضل عظيم وما يلقاه إلا الذين صبروا ومن يؤتاها فقد أوتي الخير الكثير والأولى بها هم الحكام فبِقوة ايمانهم وحكمتهم يستطيعون بكفاءة سياسة الدنيا بالدين وبحكمة عالية تتسم بالمرونة والوسطية ومراعاة للحال والزمان والمكان وفي توازن مع الظرف المحيطة الداخلية والخارجية مع الحفاظ على الثوابت الدينية والتاريخية والوطنية.. وأما الرقة واللين فهما سِمتان وإن كان الناس مفطورون عليهما إلا ان اليمنيين تفردوا بهما فلو ان الحاكم المتميز بالإيمان والحكمة استثمر هذه الرقة وهذا اللين في وحدة الصف وترسيخ المبادئ السامية والقيم الخالدة لعاد ذلك بالنفع والفائدة وعلى كل الجوانب..

غياب الإيمان والحكمة عند الحاكم أو نقصانهما جعل من الشعب ورغم ما يحمله من الرقة واللين عرضة للاستقطاب المشبوه والانقسام اللامحمود والاختلاف الغير مرحوم وكل ذلك يؤدي إلى التنازع والفشل وليس بعد الفشل إلا التمرد والعصيان والاحتراب والذي يقود إلى هاوية التخلف وبؤر الحقد الدفين والمُزمن..

هنالك ما هو أغلى وأعظم من الثروات المتعددة فوق الأرض وباطنها يستطيع الحاكم أن يحقق به الإستقرار وسيادة دولة النظام والقانون وهو أن يجد شعبا مُهيئا لطاعته وعلى استعداد لتنفيذ الأنظمة والقوانين وخصوصا إذا كان هو القدوة وهذا ما فشلت فيه الحكومات المتعاقبة بعد استشهاد الرئيس ابراهيم الحمدي 1977م والذي استطاع في أقل من ثلاثة وعام ورغم أن عمره الزمني لم يتجاوز الخامسة والثلاثين وعمره الرئاسي لم يتعدى ثلاثة أعوام أن يوجد قاعدة شعبية تدرك معنى النظام والقانون وتؤمن بهيبة الدولة.. فمن كان يومها أن يجرؤ مواطن على أن يزيد ريالا واحد فوق المهر؟!! أو ان يُقِل إمرأة فوق سيارة تحمل لوحة للجيش أو الأمن ؟!! وهذا كأبسط نوع لاحترام القانون وهيبة الدولة...

ليت من تولى أمر الأمة اليمنية بعد استشهاد الحمدي استثمر تلك التهيئة الشعبية لتقبل النظام والقانون واستغل الرقة واللين وواصل استثمار ذلك في النهضة والتنمية!!! لكن دُفن ذلك المشروع بمجرد قتل صاحبه وولادة أنظمة مشوهة عملت على تحييد النظام والقانون وإن وجدا فهما يخضعان لمزاج الحاكم - وحزبه وعائلته والمقربين - الذي تراجع إيمانه وفقد حكمته فأنتج شعبا طغى عليه قانون الوجاهة والوساطة والمحسوبية وهذا ما دفع ببعث مجموعة من المنتفعين يقاولون مشاريع الاستحواذ والاستعباد والعنصرية والإبتزاز والانتهازية بكل اشكالها..

طريق التغيير شاق ووعر وما زالت آلياته قاصرة وما زال الشك الشعبي والتوجس الجماهيري حاضرا المشهد ومن مسببات ذلك إلى جانب ماسبق هو ذلك الدجل الإعلامي والصحفي والذي تمارسه معظم الوسائل ويكفي قبحا ان يتحول بعض الاعلاميين إلى عرّافين وكهنة يتنبؤن بمستقبل مشؤم ومجهول لليمن يتعاونون مع المرجفين في المدينة ينطلقون من ولاءات ضيقة ومن قصور في الفهم وضحالة في الفكر وعمى في البصيرة. زاغة أبصارهم بالريال والدولار فزاغت قلوبهم وقاءت أقلامهم خُبثا.

اتمنى وادعو الله للرئيس هادي أن يحقق ما عجز عنه من سبقه وان يستثمر رقة و لين شعبه بإيمانه وحكمته والمخلصين من كافة الأطياف فيرسي ويؤسس لدولة النظام والقانون والحرية والعدالة والمساواة..وما ذلك على الله بعزيز.