السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٦ مساءً

حب الجنون وجنون الحب ( 16 )

عباس القاضي
الخميس ، ٠٢ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٢٠ صباحاً
وكان الغداء باجتماع الأسرة كلها ، وأماني استقر مقامها بجانب أحمد ، لكنهما متفقان بحسب الحشد النفسي الذي كان في صباح هذا اليوم ، قبل أن يغادرا البيت ، أن يتصرفا بشكل طبيعي ،،، غير أن للمكان ( بيت أهل العروسة ) ، وللزمان ( عريس ) هيبتهما في نفسه ، فكان لا يرفع نظره .

انتهوا من تناول الغداء ، تناولوا الشاي ،،، جلسوا يتنادمون مبتهجين أن رأوهم منسجمين خلقا وتصرفا ،،، كان أحمد ينظر إلى كل أفراد الأسرة بنظرة عابرة وإلى أماني بنظرة تحمل ألف معنى ،،، وكذلك هي ،،، كيف لا وهما سينتهي بهما المقام إلى الفندق ، حيث سيمكثان وجها لوجه ،،، سيغادرن الأرض ليسكنا المجرات ، في أجساد غادرتهما المادة ولم يبق سوى الروح ،،، وقد كان .

فهاهما على بلكونة الجناح في الفندق ،،، حُجِبَتْ عنهم الأرض في الوقت الذي انكشف عنهم السماء ،،، على قمر في منازل البدر ،،، يتدلى في الفضاء كأبجورة ، يرسل نوره الفضي ، دون أن يريا مصدر الضوء .

" أحمد ، لا أدري هل جئت أنت إليَّ،،، أم أنا التي ذهبت إليك " ،،، بدأت أماني تستفتح وجدانيتها بعد لحظات من التأمل العميق في المشهد الذي ينطق بغير حروف ،،، رد عليها أحمد بكلمات تتراقص فرحا : كلنا آت وذاهبُ ،،، بإشارة ذكية إلى مجيئها إليه وهو في الشارع ومجيئه إليها في بيتها ،،، ثم قال لها : ألم تقرئي قوله تعالى مخاطبا موسى عليه السلام " ثم جئت على قدر يا موسى " ؟ ،،، ألم تحسي بجمال التركيب وألق المعنى ،،، وهو يخاطب كليمه موسى ،،، أنسًا وحبًّا ،،، وكأن القدر طرف ثالث ، رغم أنه من صنع الله ؟ يا سلاااااااام قالتها أماني ،،، وهي تكتشف ، أن لوثة العقل التي أصابت احمد ، كانت نعمة لا نقمة ،،، وكيف انتقل من حمودي الطفل المدلل الذي لا يدرك ما ذا يريد ،،، إلى عالم يفكر ويستنبط .

قال لها أحمد : أماني ، هل تعرفين بما ذا أفكر الآن ؟ قالت له : قل يا قرة العين ويا مهجة الفؤاد ، يا نصيبي الذي كُتِبَ لي في اللوح المحفوظ ،،، لهذا عندما هربتَ مني فررت أنا إليكَ ،،، قال لها ضاحكا : كنت أفكر بشيء فأنستني عباراتك الرنانة ،،، أنت يا أماني ،،، تجيدين الشحن العاطفي ،،، حروفك قهوتي ووجودك أُنْسِي ،،، العالم كله لهم قمرٌ واحدٌ و أنت قمري ،،، قمرهم يظهر ويغيب إلا أنتِ فظهوركِ ليس له مغيبُ .

- يتبع -