الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٦ صباحاً

العدالة والانصاف تقتضي الاعتذار للجميع أيها الرئيس وليس الانتقاء!

د. علي مهيوب العسلي
الجمعة ، ٠٣ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٢٥ مساءً
أسعدني ما رأيت في شاشة التلفاز من أن رئيس الجمهورية ، وقبله حكومة الوفاق قاموا ببعض الاعتذارات ولبعض شعبهم أو لطائفة منهم عن اخطاء أو حماقات ارتكبت في عهود غابرة ..

أقول عندما شاهدت مشايخ خولان وهم في حضرة رئيس الجمهورية ، والرئيس يتحدث اليهم ويعتذر لهم بالنيابة عن نظامي صنعاء وعدن لما أُقترف من جريمة بيحان التي أوت إلى استشهاد ناجي الغادر ومرافقيه..

سررت لهذا الفعل ، لكنني بالمقابل عُدت أُقلب دفاتر الأحداث فلما وجدتها كثيرة وكبيرة حلت بأبناء محافظتي تعز ،عندها حزنت كثيرا وأيقنت من أن ثورة الشباب التي انطلقت ومن بين اهدافها أو مراميها تحقيق المواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة والسلطة وبعد الذي شاهدته ايضا اقول التوزيع العادل للكرامة اليمنية لم يتحقق من ذلك شيئا ،بل على العكس تماما بعض القوى التقليدية استفادت في استعادة كرامتها والتمجيد لأبنائها خلافا وفي احيان كثيرة على حساب فئات اخرى حتى أن الذين يتسيدون على أخرين يقابلون من هذه السلطة باحترام شديد.. وقلت في نفسي أيعقل بعد تلك الثورة العظيمة من أن هناك مسؤول ما يعامل اليمنيين معاملات مختلفة على أساس قبلي يمتاز بالقوة أو الموقع وأهميته لصانع القرار ،أو على أساس مذهبي ،أو على أساس انتهازي نفعي مصلحي مؤقت وليس على أساس مبدئي حظاري قيمي يوصل البلد الى العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية من أجل الانتقال الى الدولة المدنية الحديثة الخالية من الثأر والانتقام ليذهب الجميع بعقل مفتوح لبناء اليمن الذي تأخر كثيرا عن اللحاق بالأمم المتحضرة...لكنني أقولها بصدق أن الرئيس هادي ربما يملك بطانة تُشير عليه ليس بفكر استراتيجي وانما بتفكير قصير النظر قد ينفع للحظة ، لكنه قد يكون ضارا ومكلفا في الزمن الآت ..
فالفعل الإيجابي يصبح محل تساؤلات عديدة من ذلك كيفية اختيار اللحظة لمن اعتذر لهم وتجاهل آخرين ..هم من الأهمية والحساسية مثل هؤلاء فلماذا إذن يفضل الرئيس هؤلاء ويهمل أولئك..

هذا ما جعلني اتسأل عما جرى لأبناء تعز من اقصاء واهمال متعمد طيلة العقود الماضية ..أقول متعمد بسبب الموقف السياسي من قبل الحاكم وليس بسبب تقصير إداري ..فالمياه على سبيل المثال في تعز شبه معدومة وقد تأتي إلى المدينة كل شهر أو شهرين كمعاقبة من قبل الحاكم لأبناء المحافظة عن مواقفهم السياسية ..جاءت الوحدة واستبشر التعزيون بهذا المنجز خيرا فهللوا وغنوا وفرحوا وأنشدوا وهم المدركون لمعنى وقيم الوحدة ،لكنهم هم أول من فرح وأخر من استفاد فتقاسم المؤتمر والاشتراكي المناصب وكان على تعز أن تدفع وحدها ثمن التقاسم فأسندت الحقائب التي كانت معظمها إلى تعز قبل الوحدة إلى اخرين من خارج تعز وتحملت الكفاءات ذلك وقالت في سبيل الوحدة كل شيء يهون ..وغدا افضل من ا لأمس..

ولقد عوقبوا التعزيين ،وعانوا ما عانوه خلال العشرين السنة التي سبقت ثورة الشباب ،وعندما خرج شباب الثورة إلى الساحات كانت تعز بالمقدمة لأنها تعرف وتعي معنى التغيير، وضحت بأعز أبنائها في سبيل الانتصار لأهداف ثورة الشباب ..وجاءت المبادرة وآلياتها التنفيذية وظلمت تعز فيها، وجاءت الحكومة التوافقية وظلمت تعز فيها، وجاء الحوار وقد اشرف على الانتهاء ..ويراد لتعز أن تظلم فيه سواء من حيث الاقاليم أو من حيث المعايير والسكان فيريدون تعطيل ذلك وهو من صلب معايير الحكم الرشيد ..ويريدون لتعز أن تظلم حتى من الاعتذارات لما ارتكب في حقهم في الحقب الغابرة مثلهم مثل غيرهم ممن اتجهت القيادة السياسية للاعتذار لهم ومراضاتهم ،ونورد هنا بعض الامثلة التي تجعل الرأس شيبا ، بسبب الازدواجية والتعامل بمكاييل لهذا الشعب من قبل حكامه..

الاخ الرئيس في العام الماضي سلمت للحوثيين رفاة شهيدهم السيد حسين بدر الدين الحوثي ، ولم تسلم رفاة أو إعلام أسر شهداء حركة 15 اكتوبر الناصرية السلمية عن قبورهم من أجل التمكن من زيارتهم فقط مجرد زيارة للعوائل ،وليس لتحويلهم الى مزارات كما يمارسه الأخرون والذين قد يجلبون للدولة مشاكل لا تحصى..

كذلك المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ألزمت الحكومة اليمنية عن الاعتذار للجنوبين وللحوثيين وأهملت تعز والمناطق الوسطى جراء العبث الذي حصل بدمائهم من الحروب العبثية في تلك المناطق أثناء حروب الجبهة الوطنية ،أو الحروب العديدة بين الشمال والجنوب أيام التشطير..

وأخيرا سيادة الرئيس اعتذرت لقبيلة خولان عن نظامي صنعاء وعدن عن حادثة بيحان التي أودت بقتل الشيخ الغادر ونحن نؤيد ذلك ولا غبار فيه ،لكن أليس من الانصاف أن تعتذر لمشايخ تعز الذين قتلوا في السبعينات واعتبارهم من شهداء الثورة ،والاعتذار للمناضل الجسور الوحدوي عبد الرقيب عبد الوهاب وما لاقاه هو وأبناء تعز والمناطق الوسطى جراء صمودهم الاسطوري في حرب السبعين من الفاظ نابئة وتهكم على كل أبناء المناطق السفلى ومن تلك الألفاظ مصطلح " البراغلة" بغرض الإساءة ، وكذلك أضيف الى مصطلح اصحاب فوق هذا مصطلح سياسي جديد من اخواننا الجنوبين بعد اعادة توحيد اليمن هو مصطلح "دحباشي" بل اصبح شعراء ومنشدون يتغنون به في مناسباتهم الثورية كعمل وطني ،ومثل تلك المصطلحات يجب تجريمها في مؤتمر الحوار الوطني ،بل وفي المُوجهات الدستورية القادمة!؛فكيف إذن يعقل أن يستمر مثل هذه العنصرية والتمييز وكمان تجاهل كامل من قبل السلطات العليا في الدولة بمن فيهم أنت ايها الرئيس بإهمالك وتجاهلك لأبناء تعز ودورهم سواء في الماضي أو الحاضر أم في المستقبل.. كذلك الاعتذار لكل ثوار تعز الذين شاركوا في الحركة الوطنية وغيبوا بوعي وبقصد أي متعمد وبل وتمّ تزوير التاريخ ،حيث جُيرت بطولتهم لأخرين، ومن أمثال أحرار تعز الذين غيبت أفعالهم وبطولاتهم على سبيل المثال لا الحصر الشهيد الحكيمي و الشهيد الشرجبي والشهيد عيسى محمد سيف والشهيد عبد السلام مقبل والرائد الشهيد محمد عبد العليم البركاني وأخرون لا يحضرني أسمائهم الآن ..

وكذلك الاعتذار لأبناء تعز ولأسر مشايخ تعز الذين ذبحوا في الحجرية واتهم في ذلك زورا وبهتانا الرائد عبد الله عبد العالم الذي مازال خارج الوطن ولم يستفد من كل هذه التغيرات التي حدثت في البلاد فقط لأنه من تعز..
إذن فإما الاعتذار سيدي الرئيس في هذه القضية الحساسة جدا ، وإما إجراء تحقيق عادل وشفاف ينصف الابرياء ويأخذ بحق الضحايا من المجرم الحقيقي !

النصيحة لك سيدي الرئيس اذا ما اردت ان تعتذر فلتعتذر للكل ولا تحابي ولا تجامل فلربما القوى قد تتغير وعندها يصبح ما يُنظر إليه من أنه ضعيف زلزالا مدمرا..

فنقول لكل عاقل أن تعز مدنية وتحب القانون وتعشق تطبيقه ،وتكره السلاح وتنبذ استخدامه ،وأن هذه الميزات لتعز ربما تُعد نقاط ضعف عند من يفكرون بالترقيع والترحيل ..فنقول لمثل هؤلاء احذروا غضب تعز فهو إذا انطلق بعد صبر كبير وتراكم معرفي وتوثيقي فإنه لا يغفر لمن أساء إلى تعز وأبنائها ، فأبناء تعز يرصدون ويُسجلون كل شاردة وواردة مهما كبرت الاساءة أو صغرت وممن كان مدنيا أم عسكريا أم قبليا وسواء مارس الاقصاء والتهميش لتعز وابنائها لحسابه ،أو بالوكالة لأحد ،سواء بالإذلال أو الامتهان أو الاقصاء أو الاهمال، فتعز تتحمل بحكم وعيها لا خوفها ..وتقدر المواقف وتحسب التبعات .. لكنها عندما تقرر أن تثور فلا يمنعها مانع ..

فعندما ينفجر بركان تعز ينفجر بوعي ويُحقق الهدف الذي انفجر من أجله لا محالة ...فأحذروا العزيز إذا ثار وثأر لكرامته!
سيادة الرئيس إن كنت حكيما كما نلاحظك فلا تعتمد على البطانة في القرارات الاستراتيجية وخضها بنفسك وتحمل تبعاتها بمفردك ستكون بكل تأكيد قرارات حكيمة ومدروسة ،أما إذا استمعت لبعض من لا يريد لك ان يُسجل التاريخ لك أحرفا من نور بسبب مقدرتك التي اخرجت الوطن من عنق الزجاجة فسيُشيرون لك كما تعمل هذه الايام من تبني قضايا بحِدّة وبتوتر عال ،ومن اعتبار انجازها مفصلي وقد لا يكون الأمر كذلك ..
فما حدث من تبنيك عملية توقيع وثيقة الفريق المصغر للقضية الجنوبية بذلك الاهتمام والتضخيم ومنتصف الليل والتغطية الاعلامية المبالغ فيها ...إلى قصة اعتذارك لأبناء خولان عن نظامي الحكم السابقين دون مراعاة !؛كم هي الاعتذارات الواجب عليك أن تدفعها عنهما جراء ارتكابهما حماقات كُبرى في الجنوب أو الشمال منفردين أو مجتمعين ؟؛ وعلى هذا الأساس فتعز تطالبك بالاعتذار لها والتعويض العادل لما لحق بها من الممارسات الخاطئة من قبل النظام السابق ضد ابنائها ،فلإنصاف والعدل والاعتذار يقتضي منك التعميم وليس الانتقاء !؛ فهل ستلبي طلبنا بالاعتذار لتعز قُبيل مخرجات الحوار الوطني ؟؛أم أن أولوياتك واهتماماتك لا تعتبر تعز بذات الاولوية وبذات الاهمية؟؛فهذا إن كان حقيقة فأنت في هذه الحالة لا تختلف مع من سبقك في الحكم والتعامل فأنت تكرر ما صَنَع ليس إلا؟؟!!