الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٠٦ مساءً

جنون الحب وحب الجنون ( 18 )

عباس القاضي
الثلاثاء ، ٠٧ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٢٠ صباحاً
تفاصيل دقيقة جديرة بالاهتمام ، لكنها تأبى الإفصاح حفاظا على السر ورفقا بقلوب لا تحتمل صبابات أيام العرس الأولى .

وكان أحمد وأماني قد تعاهدا قبل أن يخلدا إلى النوم ، على صلاة القيام ،،، وقد كان ،،، حيث قاما بنشاط وكأنها فريضة في عز النهار ،،، حتى أذن لصلاة الفجر ،،، قال أحمد : سأصلي في المسجد ،،، خذي وردك من القرآن ،،، وانتظري ،،، سأصلي بك إماما عندما أعود ،،، أومأت إليه برأسها قبولا ،،، وهي تسبح في ملكوت الله رضاء بما كتب ،،، وشكرا على ما وهب .

بعد أن صليا الفجر جماعة ،،، عادا إلى القيلولة ،،، وكان كلما تسلل الضوء إلى الغرفة شربه وجهها لينعكس نورا ترفرف له عينا أحمد ،،، أحمد الذي قال لها مازحا : أماني ، إذا كان هذا أنفي وهذا الطول ، وأنفك بهذا الشموخ ،،، كيف سيكون أطفالنا ؟ وأردف : يبدو أن الواحد منهم لن يستطيع أن يكمل كاسة الشاي ، فأنفه سيحول دون ذلك ،،، ردت عليه أماني : سنجلب لهم قصبا يشربون بها الشاي كما يشربون العصير ،،، وضحكوا حتى دمعت أعينهم .

يتفننون في صنع الحكايات ، في الطرف الأول حب و في الطرف الآخر فكاهة ،،، وكانا في وضع يمكنهما من الحديث رغم أن كلا منهما يتوسد ذراع الآخر .


" بما ذا تفكر ، يا أحمد " ؟ سالت أماني بعد أن لاحظت شرود أحمد لثواني ،،، ضحك احمد من سؤالها قائلا : لم تتحملي ثواني يا أماني ،،، هناك من يشرد لساعات وربما لأيام ،،، من زوجته ،،، فيعيش معها بجسمه وروحه في غير مكان ،،، وباليت هذا المكان يستحق هذا الشرود ،،، واجبا وطهارة ،،، ثم رفع رأسه واتكأ على مرفقه ، قائلا : إنه الملل ،،، يا أماني ،،، الملل والرتابة وذبول المشاعر ، وفقدان الإحساس ،،، ثم استطرد قائلا : أفقد نفسي ،،، قبل أن أفقد الإحساس بك ،،، يا أماني .

قالت أماني : المسئولية مشتركة ،،، أظن أنهم لن يصلوا إلى هذه المرحلة إلا إذا كان الزوج والزوجة ، قد تعاونوا على الإثم والعدوان ،،، " الإثم والعدوان " كيف يا أماني ؟ تساءل أحمد ،،، مستغربا من قولها ،،، رفعت رأسها ، واتكأت على مرفقها لتصبح وجها لوجه مع أحمد ،،، ثم قالت : لكل له إثم وعدوان ،،، للأسرة إثم وعدوان ،،، كذلك للمجتمع ، وللأوطان إثم وعدوان ،،، إذا كان للزوج أو للزوجة محاولة لاستعادة الإحساس بينهما سيكون لها أثر ،،، أما إذا كان الطرفان متعاونين في التجافي ،،، كان إثما وعدوانا في فقدان الأحاسيس و المشاعر بينهما ..

- يتبع -