السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٠٧ مساءً

رموز السلفية ,, انتم من ضيع دماج !!

عبد الرحمن الغزالي
الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٥ مساءً
كنت اراقب احداث دماج عن كثب , اراقب القرارات و والتحالفات بين الحين والاخر , والنتائج المنحازة دائما لطرف دون اخر , لكن الذي كان يدور في عقلي سؤال بحثت كثيرا عن اجابته , وهو من السبب ولماذا يحدث هذا ؟
هذا السؤال الذي يتجنب الكثير البحث فيه او الغوص في حقيقته وجذوره لان الحقيقة دائما مرة , ولان البوح بتلك النتائج سيغضب الكثير من المقربين ناهيك عن الابعدين , ولان سيف التصنيف لا يرحم , والنظرة الموضوعية ليست حاضرة , و القاب التخوين والتهوين والاقصاء ايسر من اليسير , فقد آثرت الصمت .

إلا ان مشهد اولائك الاخوة وهو يحملون متاعهم يهاجرون من دماج كان مشهدا يدمي القلوب , هذا حملني ان اراجع موقفي من جديد , وان اتجرأ في ان اكتب من السبب لكل ما حدث في دماج من وجهة نظري , رغبة في مراجعه صادقه من الجميع فحملت قلمي مستقرأ الوضع ليس من مشكله اليوم ولا الامس بل من الجذور العميق للمشكلة , ايمانا مني ان علاج المشكلة الحقيقي يكون بنبش جذورها واقتلاع الداء من اصوله , لا ان نعالج الظاهر منها فقط تاركين مسبباتها .

اولا : عندما كنا نرى تلك الحدة في النقد للخصوم الابعدين منهم والاقربين , ثم ترى تأصيل هذه الحدة والشده عبر تأويل نصوص تحتمل اكثر من معنى ثم نحملها على محمل الشده والقسوة , حتى تربى الطلاب عمليا ومنهجيا وغرس في قلوبهم اسلوب الشده في النقد كدواء لأكثر الأدواء !! , حتى اصبح النقد الحاد والشده على المخالف منهجا وسمة لبعض طلاب العلم عرفوا بها بين القريب والبعيد ( وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) .
نتج عن هذا التوجه المنهجي , قلة الناصر وتعاطف العامة , وضعف المؤازر للحق واهلة وحملته , و وجد الاعلام بكل وسائله وسيله سهلة لتشويه الحق ومن يحمله , وساد بين الناس الكثير من الانطباعات ناتجه عن القصص الكثيرة و النقولات المبالغ فيها وغير المتزنة عن نماذج الشده والغلظة عند البعض وصلت حد تأليف الكتب وتدوين الالفيات في الردود , حتى تجزء المجزئ وتقسم المقسم وتشرذم التشرذم , واصبح القوم في دائرة ضيقه لا معين ولا نصير الا طوائف تجمعها عصبية المكان و العرق او عطافة دينية وهم مع ذلك قلة قلية , فعندما حدث الحصار والقصف والدمار , لم يكن التعاطف الجماهيري قويا حتى يكون سببا في تضخيم الجريمة لتحريك القرار السياسي , بل كان العكس مما ادى إلى استهانة اصحاب القرار بالحدث وأصحابه .
كل ذلك اثمر تلك القطيعة الاجتماعية بين التيار السلفي وحامليه وبين عموم الجماهير حتى اصبح العمل السلفي محصورا او يكاد في المتدينين وطلب علم مختصين بجهات محددة .

ثانيا : غياب المعرفة بالأحداث والفهم للواقع السياسي والاجتماعي يورث عدم فهم طرق التعامل معه وعلاج مشكلاته , ومن نتاج ذلك حمل الخصوم على السلامة دائما , حتى شعر الطرف السياسي ان من يتعامل معه ساذجا غر لا يفقها طرق واساليب التعامل في دهاليز السياسة والاعيبها , وهذا واقع صنعه السلفيون بأيديهم , فسهل خداهم بالوعود وارضائهم بالقليل ومسح رؤوسهم كيتيم يسترضيه الكبار بقطعة حلوا ليسلبوا كل ما يملك , والطلاب في ذلك يحدوهم ( اسمع واطع وان اخذ مالك وضرب ظهرك ) ان فقه الحياة العملية لا يقل اهمية عن ادراك الدروس النظرية , يتجلى هذا في التخطيط الواعي في اتخاذ القرارات المدروسة و المصيرية والتي غابت عن الطلاب لعدم خبرتهم في كل ما هو سياسي للقطيعة المعروفة بين السلفيين والعمل السياسي , فقد غاب عنهم فقه التحالف والمراوغة السياسية , وسياسة شد الحبل والعصى والجزرة تلك الاساليب التي يتقنها الطرف الحوثي بجداره وهي السبب في بلوغه لتلك الانجازات الكبيرة .

ثالثا : غياب او ضعف الفقه المصلحي والمقاصدي عند الطلاب حيث غاب عنهم دفع المفاسد وجلب المصالح وغاب عنهم ارتكاب اخف الضررين من بداية الاحداث حتى قرارهم الاخير بالرحيل , فرغم علم الطلاب انهم في حصار خانق والدولة مشغولة بأطراف اكثر فاعليه منهم , الا انهم كانوا يميلون لسياسة المواجه والندية رغم علمهم ان المسألة مجرد مكابرة وانهم اغرار في عالم القتال والحروب ضد قوم لهم سنوات في ممارسة الحروب والتمترس في الجبال ولهم ظهر يدعمهم بالملايين , ولم يستفيدوا من سياسة النبي الكريم صلى الله علية وسلم في هذا الصدد شيء , حينما كان يراعي سياسة توازن القوى فكان فعله حكمة , ومنهجا يحتذى به العمل السياسي الحديث , فرغم استفزاز قريش له والقبائل ومحاولة دول كبرى لجره الى المواجه , الا انه كان يلتزم كل ما من شأنه الحفاظ على المكتسب الموجود وتقوية القاعدة العامة للبناء والتوسع , ولم يكن ابدا يطلق عليه جبانا او خائرا او ضعيفا بل كان حكيما مدركا للواقع الذي يعيش فيه , وهذه هي البصيرة التي يهبها الله من يشاء , وكل هذا كان غائبا عن الطلاب وحاضرا عند الطرف الاخر بقوة فكانت جبهات الحوثيين تعمل جاهده بينما اطراف اخرى تعمل في الجانب السياسي وكسب الولاءات و مشاغبة القيادات السياسية وكسب الدعم واضعاف مواقف الطلاب وتأليب الاتباع وتذليل الصعاب امامهم , وعندما يشعرون بالضعف في اي جهة قتالية يصرخون بالهدنة ليجمعوا انفاسهم واتراسهم من جديد .

رابعا : لا شك ان اهم نقطة اسست لما حدث في دماج هو غياب القيادة الموحدة الفاعلة والمؤثرة فكل شيخ يريد ان يتفرد بالقيادة , وكل دكتور يرى المصلحة للعمل السلفي من وجهة نظره الشخصية , ولو ادى هذا لتشطير العمل الدعوي بالكلية , فالبعض يجري في عروقه حب الزعامة , وحب ان يرى التفاف الشباب حوله , وعوضا على ان هذا من آفات النفس وادرانها , لكنه من اهم العناصر التي ادت الى تمزق العمل السلفي عموما , فرغم المؤامرة الكبيرة التي يلمسها كل من يرى واقع اليمن , إلا ان كل هذا لم يشفع لهؤلاء ان يلتقوا في كيان واحد , رغم ان الفرصة كبيرة ان تجتمع كل اقطاب العمل السلفي بكل اطيافهم و كل رموزه في كل المدن والمحافظات في ظل قيادة واحده وعمل دعوي واحد ومجلس قيادي واحد يتم انتخابه بالتوافق , لو كان هذا !! لكانت قوة السلفيين لا يستهان بها وستمتلك طبقة جماهيرية لها قوتها , ولكن ما نراه هو التمزق بعينه والتشرذم بذاته , فما كدنا نفرح بإعلان حزب للسلفيين حتى خرج حزب منقسم عنه بعد اسابيع يريد له قياده خاصة لان هناك خلافات بين الرؤوس والقيادات , ولو نظرت الى الساحة اليمنية ستجد السلفيين اكبر طائفه متمزقه ومتشرذمة في اليمن , فتوجهاتهم واختلاف كلمتهم وآرائهم لا عد لها , فتوجه تقوده جمعية الحكمة بأقطابها وشيوخها وتوجه تقوده جميعه الاحسان بأقطابها , وتوجه جديد يقوده حزب الرشاد وتوجه يقوده طلاب صعده وتوجه يقوده طلاب معبر وتوجه يقوده طلاب الحديدة وفي عدن وحضرموت وإب ووو وكلهم يرمي الاخر بسهام النقد والتخلف وكل ينئ بالعمل الدعوي والخيري عن الاخر , ولو في الباطن وان ظهروا احيانا في اجتماعات مشتركة او لقاءات عامة , فسرعان ما تكون النتائج في قائمة المختلف فيه ,,

دعونا نتأمل التآلف والاتحاد والكلمة الواحد عند الحوثيين , فالقيادة العليا واحده وهي متمثلة بذلك الشاب الذي يعتبر رمزا لهم وهو عبد الملك الحوثي , ومرجعية توجيه على قدر عالي من الانفتاح على الغرب والدراية بمزالق السياسة واللعب بها وهي ايران واموال طائله تضخ لكسب الولاءات وتذليل الصعوبات , في هدف واحد فقط وهو تثبيت الوجود قبل اطعام الفقراء و حل مشكله المساكين , فاين هذا كله من علماء السلفيين .
إن الاكتفاء بلغة الشجب و الشتم والتحقير والتسفيه والألقاب ورسم الكريكتورات الساخرة وتأصيل التكفير والزندقة التي يقابل بها كل عمل يقوم به الحوثيون لن تقدم او تؤخر شيء في عالم الولاءات السياسية , وهي سلاح يجيده الخائرون العاجزون , فإذا لم يصحبها يقضه ووعي وتلافي للأخطاء وعمل دؤوب فإنما هي نفثات غاضب تنتهي بانتهاء صدى الصوت فحسب .

إن جريمة دماج هي حبة عقد قد انفرط , وإن لم يتم تلافي هذا العقد قبل ان تنتهي حباته سينتهي الى الضياع .

اللهم هل بلغت اللهم فاشهد .