الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٥ مساءً

الأيسكريم والبكاء

عباس القاضي
السبت ، ١٨ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
كانت غانية تركز في خطتها على التخلص من شادي تشريدا أو إزهاق روح ،،، لكنها احتارت في الوسيلة ...فلا أصبعها تجيد جر الزناد ،،، ولا يدها تجرؤ على الذبح ،،، غير أن غيضها غلب عقلها ، فلم تعد تفكر بالنتائج .

وصباح ذلك اليوم الذي قررت فيه أن يكون يوم الخلاص والتخلص ،،، وداعا لمعاناتها ومعاناته ... نادته وأجلسته أمامها جاثيا على ركبتيه ، وقد أحضرت عدتها الخبيثة في كيس متسخ بني اللون ... وأخرجت من الكيس القطعة الأولى ،،،؛ وقالت له : ما هذا وهي تمسكها بكف وتمسحها بكفها الآخر ،،،، قال وهو يرتعد خوفا : ثكين ، يقصد سكين ،،، قالت له : ايش نسوي فيها ؟ رد عليها وهو أكثر رعبا من الأول : تذبحين فيها الدجاجة ،،، قالت له : لا هذه المرة ... سأذبحك أنت ،،، انتفض كالعصفور من كلامها ،،، ثم قال : أنا فدالك يا خالة بلاش تذبحيني وانكب يقبل قدميها وهو يبكي بكاء شديد اختلط فيه عرقه ودموعه وسوائل أنفه ،،، بلاش يا خالة ما ودي أموت الآن ،،، قالت غانية ،،، وهي تحك شفرة السكين على ظهره : أنا ممكن أتركك في حالة واحدة ،،، رفع رأسه و أنفاسه تلهث و أنفه تفتح و تغلق وعيونه كالجمر لم تطفئها الدموع ،،، ما هي يا خالة ؟ هل تريدينني أن أبقى خدام تحت رجليك ،،، طول حياتي ؟ مستعد : ولن أدرس ولن ألعب ولن أتزوج ،،، المهم دعيني أعيش ،،، أنا أحب الأيسكريم ،،، ثم قبض على كفها يقبله ،،، دهفته إلى الأمام حتى وقع على ظهره وهي تصيح : شمت بي بحقك السوائل ،،، لكنه قام بسرعة خوفا من أن يكون رقدة الموت ،،، ثم قالت : لست بحاجة إليك ،،،وأردفت : أريد شيئا واحدا فقط ،،، قال لها : ما هو ؟ قالت : أن تخرج من هذا البيت ،،، ولا تعود ،،، رد عليها : سأفعل ،،،،،،،، قالت : ها إذا رأيتك تحوم أو تقترب من البيت ،،، وأخرجت القطعة الثانية وهو مسدس سوف أصوبه على رأسك وأقتلك ،،، قال لها : تمام ،،، تمام ، مفهوم وتحرك للخروج ،،، لكنها نادته : شادي ،،، وأخرجت من صدرها ألف ريال ،،، خذ هذا الألف ،،، اشتري لك فيها أيسكريم ،،، حتى يحول لك الله .

لفت إليها شادي و قلبه يرتجف خوفا وجذلا ،،، واقترب ليأخذ الألف الريال ،،، ناولته فمسك بيدها ثم قال : سأشتاق لضربات هذه اليد يا أمي ،،، وأردف : كنت أخفي الأيسكريم ،،، وبعد كل علقة ضرب أذهب إلى غرفتي أغلق الباب على نفسي أبكي ، وآكل الأيسكريم ،،، لكن بعد الآن لن يكون له طعم عندي ،،، يقول هذا وغانية متسمرة في مكانها ،،، كأنما شادي يعرض لها مشهد مسرحي ،، من الميلودراما ، جعلها ترتجف و تهتز كلما هَمَّ شادي بالخروج ،،، في الأخير نطقت : شادييييييييييي ثم رفعته إلى أعلى ووضعته على صدرها ثم بكت و بكت وهي تقول : سامحني يا شادي ،،، فأنا أول مرة أسمع منك كلمة أمي ،،، لن أضربك بعد اليوم يا ولدي ،،، ولن أذبحك ،،، أنا من يستحق الذبح ،،، أنا من يستحق الذبح .