الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١٥ مساءً

عنف وتفتيت طائفي لدول المنطقة

عارف الدوش
الثلاثاء ، ٢١ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
تلقي العديد من الدراسات والتحليلات والكتابات الكثير من الضوء على الأحداث الجارية في المنطقة، وتُجيب عن كثير من الأسئلة المطروحة حالياً حول تطورات المشهد في المنطقة العربية خاصة ما ظهر بوضوح بعد ثورات «الربيع العربي» من انتشار الصراع الطائفي في منطقة الشرق الأوسط.

وقد جاء هذا الصراع كحصيلة لمجموعة من التطورات منها الزعماء القدماء المطاح بهم والجدد الصاعدين إلى سدة الحكم، حيث اشتركوا جميعاً في احتكار السلطة بدوائر ضيقة، فضلاً على مآلات ثورات «الربيع العربي» في دول المنطقة خاصة نشاط المعارضة المسلّحة في سوريا وتدخُّل الدول الكبرى في العالم والدول الإقليمية الفاعلة وتحوّل الصراع السوري إلى صراع طائفي تحت مسميات مختلفة.

وما حدث في ليبيا من تدخُّل دولي مسلّح، وكانت نقطة التحوّل في مسار الأحداث في المنطقة هي خسارة المعارضة السورية المسلّحة لمدينة القصير ذات الأهمية الاستراتيجية التي سيطرت عليها قوات النظام السوري المدعومة بـ«حزب الله» اللبناني الذي يهيمن عليه الشيعة، وهو ما سلّط الضوء على الطابع الطائفي للصراع في المنطقة.

وتصاعد العنف الطائفي في دول المنطقة نتيجة رعاية كبيرة من قبل جهات خارجية، وهو ما يشكّل تهديداً لوجود هذه الدول التي تعاني في الأصل الهشاشة والضعف، فالخطابات الطائفية تمثّل منطلقاً لتعبئة الجماهير ومن السهل إثارتها من قِبل أطراف منغمسة في الصراع من أجل تحقيق أهدافها الخاصة.

وهناك حقيقة لا يمكن الهروب منها وهي أن المزيد من العنف في أية دولة من دول المنطقة سيُوجد حلقة مفرغة من ضعف الدولة وغياب الشرعية التي ستؤدّي باستمرار إلى شعور المواطنين بانعدام الأمن والارتباط بجماعات فرعية وجماعات أخرى عابرة للحدود، وهذا الضعف للدولة الناتج عن العنف يجنح بالدول إلى استرجاع هويّات لا تتماشى مع الدولة القومية للدولة كالهوية الطائفية والعرقية والقبلية لتشكيل المجتمع.

ونعلم أن دول المنطقة منذ اتفاقية «سايكس بيكو» بعد الحرب العالمية الثانية سيطر فيها على مراكز الحكم الأقليات، وكان حكّام الدول يشجّعون أقلياتهم «أسراً وقبائل وعوائل» فيمنحونها كل الامتيازات، ويطلقون أياديها لعمل كل شيء للحصول على التأييد والدعم من أجل المحافظة على كرسي الحكم.

ولا يختلف نظام حاكم بالمنطقة عن الآخر في هذا الجانب، فكل نظام حاكم يلجأ إلى تشكيل جماعته ومناصريه، فيظهر أن الخارجين عن دائرة الحكام وغير الموالين لهم مستهدفون، وتتعزّز تصوراتهم أنهم مهدّدون ومحرومون من حقوقهم من قِبل من يسيطرون على الحكم والثروات، ويكبر انعدام الثقة بالدول وهياكلها وقادتها، ويؤدّي الأمر إلى تراجع الإيمان بالعملية السياسية وديكوراتها، ينعكس من خلال المشاركة الضئيلة من قِبل الناخبين والتفاعل مع أي شيء يأتي من مراكز الحكم.

وتنشط في دول المنطقة الصراعات حول الحكم والثروة بين مراكز الحكم فيها الموالية والمعارضة «فتتدخل الدول الخارجية إقليمية أو دولية لتعزيز حلفائها ومصالحها الاقتصادية، فتقدّم كل الدعم والمساندة، ومع امتداد العنف الطائفي في دول المنطقة يظهر جلياً تقاسم النفوذ بين الدول الفاعلة في المنطقة» إيران وتركيا، فيصبح من الواضح أن عواقب مثل هكذا صراع يستهدف النسيج الاجتماعي للدول ويؤدّي في النهاية إلى تفتيت الدول وتقسيمها.

وأمام وضع هش في المنطقة تقوم الدول الكبرى في العالم باستثمار تأجيج الصراعات الطائفية والاختلافات الدينية والاجتماعية والاقتصادية المتراكمة بين المجموعات المتصارعة في المنطقة العربية سواء الحاكمة أم المعارضة لتحقيق مصالحها الاقتصادية.

وما يجري في اليمن ليس بعيداً عمّا يجري في العراق وسوريا ومصر وغيرها من دول المنطقة التي تسرع الخطى في اتجاه التقسيم والتفتيت على أساس طائفي وجغرافي وجهوي تستطيع من خلاله الدول الكبرى تحقيق مصالحها بسهولة ويُسر، وقد شاهدنا وقرأنا أن المجموعات الطائفية العراقية تتقاتل والنفط العراقي يتدفّق دون عوائق.

وأخيراً: يجري تقسيم وتفتيت دول المنطقة لمصلحة الدول والشركات التي تتبعها، كما تشجّع تلك الدول والشركات مجموعات مسلّحة في دول ومدن الثروات في المنطقة للسيطرة على منابع النفط والثروات لتحصل على نفط وغاز بأسعار زهيدة وبسهولة، ولدينا أمثلة من العراق وليبيا حالياً، وكلما كانت الدول هشّة استطاعت الدول الكبرى وشركاتها السيطرة عليها..!!