السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٧ صباحاً

تداخل الخواطر في اليوم الأخير من الحوار الوطني!

د. علي مهيوب العسلي
الاربعاء ، ٢٢ يناير ٢٠١٤ الساعة ١١:٤٠ صباحاً
تتداخل الخواطر وتختلط المشاعر بين حزن عميق على اغتيال علم من أعلام اليمن وأكاديمي متميز في جامعة صنعاء هو البرفسور الدكتور احمد شرف الدين فجر يوم الواحد و العشرين من شهر يناير رحمة الله عليه وأثابه ربي جنة النعيم ..

ونحن إذ نبرق لذويه ومحبيه وللشعب اليمني أصدق آيات العزاء على المصاب الجلل ، سائلين المولى جلى وعلا أن يتغمد الشهيد بالمغفرة والرضوان ، وأن يكون شهيدنا هذا هو أخر أحزان كل اليمنين..

بعد اغتيال الدكتور الجامعي أسدل الستار في هذا اليوم التاريخي ،وأعلن الرئيس عبده ربه منصور فيه اختتام اعمال المؤتمر الوطني . اليوم حط الرحال لمؤتمر الحوار الوطني بعد عشرة أشهر راح فيها المتحاورون يقلبون محاور الحوار ، ويناقشونها ويُثرونها حتى خرج اليمانيون بالمخرجات التي معظمهما إيجابية وممتازة وتلبي تطلعات اليمانيين. أقول أن هذا اليوم لا يمتلك الانسان الذي يراهن على المستقبل إلا أن ينتابه شعورا من الفرح ، وذلك بسبب قرب الوصول بنا إلى بناء الدولة المدنية الاتحادية التي طالما وأغلب أبناء الشعب اليمني تطلعون إليها ، كان أخرها ما جرى من خروج لم يسبق له مثيل في شهر فبراير عام 2011 ، تَكَلَلَّ ذلك النضال سواء للشباب أو الشعب اليمني في الخروج بهذه الوثيقة الحوارية التي الآن في اعتقادي واجب على كل قوى التحديث الاصطفاف الوطني من أجل تنفيذها باعتبارها المشروع النضالي لبناء مستقبل كل اليمنيين!

وفي هذا اليوم التاريخي إن ما أزعجني حقيقة هو سماع خبر استشهاد الاستاذ الدكتور احمد شرف الدين الذي كان محاولة لاغتيال المشروع الوطني ،ولكني أقول أن اللحظات التاريخية والمفصلية من تاريخ الشعوب تحتاج إلى دماء أحيانا ،من أجل نجاح المشروع الوطني، وخاصة في البلدان المتخلفة التي تكثر فيها الأمية والتعصب والتمذهب والسلاح والغِيرة والثأر.

وفي هذا اليوم التاريخي أيضا أفضل خبر سمعته وارتحت له! هو أن الحوار الوطني أنتهى ،وانتهى بوثيقة ضمانات رغم ما فيها من عَوَر كالتمديد لمؤسسات فاشلة أنتجها النظام السابق ،وكذا تركيز الرئيس فقط على أعضاء مؤتمر الحوار الوطني لاستيعابهم وتحديد أدوارهم ومهامهم في بناء اليمن مستقبلا وكأنه لا يوجد غيرهم في المشهد السياسي والذي قد يعطي انطباع من أن الرئيس يطمئنهم من استيعابهم في المستقبل ،لكي يوافقوا على الضمانات، ووثيقة القضية الجنوبية ،فيا سيادة الرئيس هناك أناس كثيرون مؤمنون بالتغيير ويريدون خدمة الوطن وهم ليسوا في موفمبيك..

وافضل ما في انتهاء الحوار الوطني هو خروج اليمنين بمصفوفة مخرجات تحدد شكل الدولة الذي سيفضي تبنيه إنهاء المركزية والديكتاتورية والاستحواذ إلى الابد ،وسيحقق العدالة والمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للثروة والسلطة ..إذن أهم مخرج هو الاتفاق على يمن جديد يمن اتحادي فيدرالي ديمقراطي ،وينبغي علينا جميعا التوجه بشرح وتوعية المواطنين بأهمية مصفوفة مخرجات الحوار باعتبارها الممكن السياسي ،ونجعلها مشروع نضالنا المستقبلي من أجل تنفيذها ..

بعد هذا اليوم التاريخي لا سبيل لنا سوى التمسك بما خرج به اليمنيون من مؤتمرهم الوطني ،رغم تحفظنا واختلافنا مع معظم مجريات الحوار ومكوناته وشخوصه ،ونقدنا للكثير من الأخطاء التي كانت تحدث في حينها ،فلقد ركزنا أثناء الحوار في العشرة الاشهر الماضية على سلبيات واخفاقات الحوار أكثر من التغني بمنجزاته ،حرصا منا على جعل المتحاورين في حالة قلقة ، لكي ينتجوا لنا أحسن إنتاج ويخرجوا لنا أحسن مخرجات تليق بعذابات اليمنين منذ خمسين سنة ،أما وقد خرج المؤتمرون بهذه النتائج فما علينا إلا أن نرص الصفوق لكي نرى المخرجات واقعا معاشا وملموسا في الدولة الجديدة ،وأن لا نسمح لأصحاب المشاريع الصغيرة من العودة بنا الى الوراء مطلقا.

المهم في الأمر ونحن نودع الحوار الوطني أن نتجه جميعا للبناء وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني .فلقد خرج شبابنا في 2011 وكانت عندهم مطالب ،ثم تطورات إلى أهداف وأمنيات من دون رؤية مكتوبة ولا قيادة تقود العمل الثوري لتحقيق تلك الرؤية، هذه حقيقة علينا التسليم بها ، لكن الحقيقة الأخرى أيضا أن شبابنا قد انتجوا بخروجهم - رغم ما قيل عن أن البلاد تمر بأزمة وليس بثورة- هذه الوثيقة والتي لولا هم لما تم الحوار ولما أنجزت وثيقة الحوار الوطني ..وعليه أرى أن الوثيقة اصبحت مشروعنا النضالي لقيام الدولة المدنية الحديثة ،ولذلك نطالب كافة المكونات الثورية والاحزاب المؤمنة بالتغيير الاصطفاف حول وثيقة الحوار ، وتشكيل اصطفاف جماهيري عريض للدفاع عنها وتطبيقها أو النزول من جديد عند أي انحراف عن تنفيذها ..وفق الله الجميع لتنفيذ وثيقة الحوار المشروع الوطني الجامع ،والتي كانت حُلما يوم من الأيام وأصبحت الآن حقيقة لا جدال فيها.. فمبروك لشعبنا هذا الانجاز العظيم للتوجه لبناء دولة يسودها النظام والقانون، بالرغم من المآسي التي رافقت هذا المخاض العسير وحتى الوصول أخيرا لهذه الوثيقة الجامعة!