الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٠٠ مساءً

لهذا اغتالوا «شرف الدين»

محمد العزكي
الجمعة ، ٢٤ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠١:٢٨ صباحاً
شاهدتُ في وقت سابق من العام 2013 حوارً للدكتور "أحمد شرف الدين " مع قناة (وأي أم سي) اليمنية ، حينها ظننت أنهم سوف يغتالونه بعد خروجه من استديو القناة ،ولكنهم صبروا عليه حتى أعاد الخطأ الثاني في حقهم وهو عزمه التوقيع على وثيقة ضمانات مخرجات الحوار !!!.

من خلال مشاهدتي لتلك الحلقة من برنامج فقه الحياة ،بدا لي الرجل مطلعاً بفقه الإخوان ،لأنه دحض وبالأدلة الواقعية النقلية كل افتراءات الحوثي وإدعاءاته ، فبدا بالخمس فقال أنه مع فتوى الشيخ الزنداني في ذلك ، ثم ترضى على عمر بن الخطاب ، وأعتبر أحكامه هي الصحيحة كونه هو إمام المسلمين في ذلك العصر، ثم تطرق إلى الإمام المصلح المجدد حسب وصفه الإمام "حسن البنا"مؤسس جماعة الإخوان المسلمين وأستدل بأحد أقواله.. (نتعاون فيما اتفقنا عليه ،ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه).

ثم أتى إلى موضوع الولاية فأسقطها بقوله (إنها مسألة تاريخية لاتعني في الوقت الحاضر شيئ ، وإنما هي من باب التعبد بها في إطار المذهب وليست ملزمة لأي فصيل آخر ) .

وأضاف ..(مثلاً نحن في مؤتمر الحوار الوطني ، قد تجاوزنا هذا بمراحل ، نحن نُعد اليوم للدولة المدنية التي يتساوى فيها الجميع تحت سقف القانون ، والقانون هو فقط من سيكفل لنا حرية التعبد بما نراه صحيحاً دون مضايقة الآخرين).

هذا هو الدكتور الأكاديمي أستاذ القانون العام في كلية الشريعة جامعة صنعاء الشهيد"أحمد عبد الرحمن شرف الدين "فهو وبالرغم من أنه قريب لجماعة الحوثي لكنه ذو مبدأ وإذا أعطا كلمة أوفي بها ،هذا ما قاله عنه زملائه في مؤتمر الحوار الوطني .

كما أورد "المخلافي " رئيس لجنة العشرين المكلفة بالتوافق على وثيقة ضمانات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني"في سياق كلامه حول اغتيال الدكتور "شرف الدين "(انه كان ممن يصومون الدهر ، وينامون مبكراً، فلذلك ذهب ولم يوقع على الوثيقة النهائية ،وقال سوف أحضر غداً وأوقع).

ولكنهم أرادوا له ألا يوقع فوقع على مقعد سيارته التي كانت ستقلـــه إلى قاعات "مؤتمر الحوار" شـــــــــهيدا.

فرحم الله الشهيد "شرف الدين" لقد أثبت لنفسه ولغيره أنه ليس مرهونٌ بقرار شخصٍ بعينه ولسان حاله يقول (كلنا سادة وكلنا من الهاشميين فليس على السيد سيد! ).

هذا قد يكون هو السيناريو الأقرب إلى الواقع خصوصا بعد كلام أحد ممثلي الحوثي "عبد الكريم الخيواني " واستغلاله حادثة اغتيال الدكتور "أحمد شرف الدين " لترويج أنه لم يكن موافق على الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني ،وهذا ما كذبه أعضاء اللجنة المتبقين التســعة عشر .

هذا إن دلّ فإنما يدل على أن ممثلي جماعة الحوثي ليسوا كما يصور البعض ،على قلب رجل واحد "يتبعون سيدهم"وهذه الفئة من مكون "الحوثيين"هم من يدفعون الثمن بداية بالشهيد "جـدبان " مروراً بالشهيد المغدور "أحمد شرف الدين " .

أما السيناريو الأخر فهو ما يعتقده البعض سيناريو {خــلط الأوراق} ويُتهم بتنفيذه أزلام النظام السابق .

حيث يستدل بعض متبني هذا الاتهام بدليل أنه وفي اليوم نفسه الذي اغتيل فيه الدكتور "شرف الدين" تم استهداف نجل أمين عام الإصلاح "عامر عبد الوهاب الانسي " عبر زرع عبوة ناسفة في سيارته وتفجيرها عن بعد،وذلك لخط الأوراق وإفشال مؤتمر الحوار الذي يرأسه في اليوم ذاته رئيس الجمهورية عبده ربه منصور هادي .

الغرض منه إيصال رسالة أنه "لن يصلح حال هذا البلد إلا في عهد الزعيم الملهم ، حيث وفي اليوم الذي يؤمل فيه أن تخرج اليمن إلى بر الأمان ، تتم فيه الاغتيالات في الشوارع على مراء ومسمع من الجهات الأمنية ".

وكان المؤمل أيضاً أن يثأر كل طرفٍ من المتحمسين والعاطفيين من جهة "الحوثيين"و"الإصلاح" لمن يرون أن الطرف الأخر هو من قام بالجريمة .

لتدخل البلد عهدا من الحروب والثارات ، في حين أن القائمون على مؤتمر الحوار وحكومة الوفاق والشعب اليمني ورعاة المبادرة الخليجية و...، ينتظرون مولودٌ دام مخاضه زوها العشرة أشهر ، أسمه "مخرجات الحوار الوطني" .

الجدير بالذكر أنه وفي كل مرة ، يتم التوافق على أمر ما في هذا البلد ، تتم معاقبة من يؤملُ فيهم الخير والعقلانية بأشد أنواع العقوبات ، إما بالقتل كما حدث معا الدكتور "عبد الكريم جدبان " والدكتور "أحمد شرف الدين" ويعلم الله من القادم،،،وإما بالتكفير والتخوين وغيرها من وسائل العقاب المتبع في مثل هذه الحالات كما حدث مع وزير الخارجية الدكتور "عبد الكريم الارياني" عندما وقّع على وثيقة بن عمر نيابةً عن المؤتمر الشعبي العام فقامة الدنيا ولم تقعد على هذا "الارياني " واتهم بالكفر من قبل إعلام المخلوع .

هنا سؤال يطرح نفسه :إذا كانت هذه الفئات تقتل وتكفر وتسفه كل من عارضها من الداخل ، فلماذا لم يتم اغتيال الدكتور "الارياني" ؟؟!!
هل لأنهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا، بسبب الموكب المهيب من السيارات المدرعة ،والمئات من المرافقين المدججين بمختلف أنواع الأسلحة؟!!

والسؤال الأخر، لمن يتهمون الآخرين بإغتيال كوادرهم :لماذا لم يتم اغتيال من لم نجد لهم أي معارضة داخل هذه الفئات، كــ ( المحطّوري والبركاني ) وغيرهم ممن يسمعون ويطيعون بدون أية نقاش ؟؟؟؟!! .