الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:١٠ مساءً

نظام الأقاليم هل يُشَجّع على العنصرية المناطقية ..؟؟

علي العقيلي
الاثنين ، ٢٧ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
سوء استخدام الأنظمة هو السبب الرئيسي في فشلها واندثارها وانتهاء صلاحيتها، كل هذا بسبب فشل المستخدم، ولكنها أصبحت أنظمة مرفوضة لدى الشعوب وغير مرحّب بها على الرغم من أن العيب ليس فيها ولكن فيمن أساء استخدامها .

على وجه المثال نظام ( الوحدة ) وهي واجب ديني وفريضة على المسلمين، وهو نظام واسع الصلاحية يكفل العدل والمساواة لكل شعب يدخل تحت سقفه؛ ولكن لسوء استخدام نظام الوحدة في اليمن جعل من نصيبه الفشل، مما جعل البعض من أبناء الشعب اليمني الواحد يرى العيب والفشل في الوحدة، وهو في الحقيقة فيمن أساء استخدام الوحدة، وأساء لها عندما سخّرها في خدمة مشروعه العائلي المستبد، وجعل منها مطيّة للنهب والسطو على أملاك وثروات الشعب اليمني في الجنوب والشمال .

فليس العيب في الوحدة ولا الحل في الانفصال، ولا الحل في الوحدة ولا العيب في الانفصال، ولا العيب في نظام المركزية ولا الحل في نظام الفدرالية والأقاليم، ولا الحل في في المركزية ولا العيب في الفدرالية والأقاليم ؛ النجاح والفشل كلاهما من نصيب المستخدم أما الأنظمة من مركزية إلى فدرالية وغيرها فهي أنظمة ناجحة في أغلب البلدان، وصالحة لكل زمان ومكان بصلاح مستخدميها .

من أساءوا استخدام المركزية قد يسيئون استخدام الفدرالية، ومن أساءوا استخدام الوحدة قد يسيئون استخدام الأقاليم، ومن أساءوا التداول السلمي للسلطة والتعددية الحزبية قد يسيئون استخدام التنافس السلمي على السلطة .

سوء استخدام الحاكم أنظمة الدولة ليس وحده السبب في فشل تلك الأنظمة، صحيح أنه السبب الرئيسي في ذلك، ولكن هناك سبب آخر، وهو سوء فهم الشعب لمصطلحات ومعاني الأنظمة وقوانينها، وهذا له اثره الكبير في مساعدة مستخدم النظام بالعبث بالنظام وبقوانينه واللعب بها وتعديلها إلى ما يخدم رغباته ومصالحه الشخصية على حساب ذلك النظام، ويسخره في خدمة مشروعه الذي يتنافى مع مشروع الوطن في ظل صمت شعبي واسع لسوء فهم مصطلحات النظام .

عندما كان الشعب غافلاً عن أهداف وقوانين نظام الوحدة أتاح لصالح الفرصة الكافية في استخدام نظام الوحدة في خدمة مشروعه العائلي ، ولكن الزمن قد اختلف كثيراً واليوم صحوة شعبية واسعة، ولن تغفل عيون الشعب عن حراسة ثمار جهودها الشعبية بعد أن بددت أنظمة العوائل المستبدة .

ولكن هناك داء أخطر على الشعب من داء الغفلة الذي من المستحيل تكراره، وهو داء العنصرية المناطقية، وهذا لب الموضوع وأساسه، وهو من ضمن سوء فهم مصطلحات الأنظمة وقوانينها، وهذا الداء قد ينتج في ظل استخدام نظام الأقاليم في اليمن لسوء فهم البعض معنى الأقاليم، حيث يتصوّرها بأن كل إقليم مستقل عن الآخر، فيُفاخر بانتمائه للإقليم الفلاني ولا يفاخر بانتمائه لليمن ، وقد يصبح في نظره ابن الإقليم الآخر ابن دولة أخرى وينظر إليه بعين عنصرية مناطقية .

هذا ما لاحظته من خلال منشورات العديد من أبناء اليمن على شبكات التواصل الاجتماعي، حيث تجد بأن كل يمني يفاخر بإقليمه الفلاني وانتمائه له ويشمت بالأقاليم الأخرى، وكأن إقليم محافظته وما جاورها أصبح دولة مستقلة ومنفصلة عن اليمن .
سوء فهم المصطلحات جعل من البعض يرى بأن إقليمه إذا كان إقليم ثروة ستكون من نصيب إقليمه دون غيره وأصبح ينظر بعين ازدراء للأقاليم الأخرى، وآخر يرى بأن إقليمه يفتقد الثروة فأصبح ينظر بعين كراهية للأقاليم الأخرى، هذا لسوء فهم المصطلحات، فثروات اليمن سينعم بها كل أبناء الشعب اليمني .

معنى نظام الأقاليم ليس انفصال واستقلال كل إقليم بذاته، ولكن هو نظام لا مركزي لإدارة البلد بطريقة مغايرة كلياً لإدارة البلد بالنظام المركزي، ونظام الأقاليم سيكون أفضل كثيراً وأسهل بكثير في إدارة البلد من النظام المركزي .

وفي ظل نظام الأقاليم ستبقى وزارات الدولة ورئاستها واحدة وعاصمتها واحدة، وستظل ثرواتها ملك لكل أبناء الشعب، وستوزع سواسية بينهم وسينال كل مواطن نصيبه منها، متى ما صدقت النوايا وكان هناك حَسُن استخدام للأقاليم، وفهم واعي من أبناء الشعب ؛ فليس هذا ابن إقليم سبأ ولا هذا ابن إقليم الجند أو هذا ابن الإقليم الشرقي؛ الكل سيظل ابن اليمن .