الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٣٦ صباحاً

السهر على تنفيذ التحولات التاريخية مسئولية مَنْ؟

د. علي مهيوب العسلي
الثلاثاء ، ٢٨ يناير ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
العقليات والثقافات المجرورة للماضي لا تصلح أبداً أن تشرف على تنفيذ مخرجات من أجل المستقبل!
الدماء الجديدة وغير الملوثة ،والمؤمنة بالتغير هي القادرة والمستأمنة بالخروج بوثيقة الحوار الوطني الشامل الى النجاح وتأسيس الدولة المدنية الحديثة القادرة والقوية والعادلة!

حذار سيدي الرئيس أن تعتمد في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني على الماضويين والملوثين والمجربين!!
ادارة المراحل الانتقالية أخي الرئيس يحتاج الى قوى أو أناس مؤمنين بالتحول في أحزابهم قبل تطبيق ذلك على المجتمع..

الأخ رئيس تأسيس الدولة الجديدة واجراء الانتخابات ..الأكرم
الأخوة رؤساء الاحزاب التي اشتركت في الحوار الوطني الشامل ...المحترمين
الأخوة والابناء مكونات المجتمع المدني والمكونات الثورية ...الأفاضل

أيعقل أن يتحمس المجتمع الدولي ويشحذ العزم للالتئام في الثامن والعشرين من هذا الشهر للتأييد وربما للالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ،بينما أبناء البلد والمعنين بالتنفيذ والالتزام بما اتفقوا عليه مازالوا يحتربون، بل ويعرقلون ،ويريدون ان يتقاسمون ،والأسواء غير منفتحون وتوسعيون وبعضهم أسريون وأصحاب مشاريع صغيرة. أيتها الأحزاب التي تدعي المدنية والتغيير لماذا لا تؤمنون بمؤسساتكم وترجعون إليها أمر الحوار الوطني واقراره من قبل هيئاتكم الحزبية ،من أجل أن يعرف الشعب اليمني تفاعل قواعد الاحزاب مع قادتهم واختيارهم نفس التوجه ،وإثبات التغيير في نفوس الاحزاب بكل هياكلهم على نفس الاهداف التي خرجت بها وثيقة الحوار الوطني الشامل ،وبالتالي اختيار الكفاءات المناسبة من تلك الاحزاب التي تناسب المرحلة ومتطلباتها ،فمجلس الأمن كمؤسسة عقد وسيعقد اجتماعات من اجل اليمن ويخرج بقرارات في الغالب لصالح اليمن ،وانتم مازلتم على رتابتكم وتخلفكم وقادتكم وممثليكم هم هم منذ عشرات السنين فهل يعقل أن يكونوا هم ذاتهم أداة التغير في اليمن الجديد ، وندعي النجاح في الحوار الوطني ،ونحتفل ونغني وننشد ،لكن الواقع سيبقى كما هو دون تغيير إن لم يتم الرجوع الى قواعد الاحزاب والتصديق على وثيقة الحوار الوطني الشامل ..

لو أمعنا النظر ودققنا واقع اليمن لوجدناه بين فريقين : فريق مؤمن بالتغيير والنظام والقانون وهم الأكثرية لكنه لا يمتلك تنظيم ولا رؤية موحدة فانتصر له الشعب اليمني وأنتج الوثيقة الجامعة التي على كل ابناء اليمن المؤمنين بالتغيير الاصطفاف الواسع من أجل التنفيذ الحرفي لكل مخرجات الحوار الوطني الشامل ولا سبيل لإخراج اليمن من ذلك، أما الفريق الثاني فهم أقلية لكنهم يمتلكون الوسائل الاعلامية والتنظيمية والتمويلية بل والعسكرية (أو المليشيات) والسيطرة الفعلية على مقاليد الحكم في المناطق التي يسيطرون عليها، ونظرا لأنها تمتلك مفاتيح الضغط على الرئيس المنتخب فهي تسمي الوزراء والمحافظين والسفراء والقادة العسكريين وتعمل على تفريغ المشروع المتفق عليه من مضمونه ، والذي لو نفذ سيخدم اصحاب المصلحة الحقيقية في التغيير وهم أكثرية شعبنا .لكن القوى المتخلفة حاولت ان تحافظ على ذاتها بثوب جديد وتطويري شكلاً وليس مضموناً فتمسكت ببقائها في الاجهزة التنفيذية والتشريعية والحوارية من خلال إنتاج ما سميت بالضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ،وضمان تأسيس الدولة المدنية بمصفوفة كبيرة جدا وبفترة زمنية لا تتعدى سنتين يصعب تنفيذها في دورة انتخابية ،لكنها ألزمت نفسها بتلك المدة المحددة .

إن البعض من هذه القوى وأخص بالذكر أنصار الله (الحوثين) مع كل أسف أنه يدعي الشكل الحداثي والمدني وظلل كثير من الناس وفقا لذلك ،لكنه على الواقع يقاتل ويمتلك الاسلحة ويسيطر أمنيا واداريا على رقعة جغرافية خرج منها بضغطهم السلفيون من معهد دار الحديث بالرغم من أن السلفين قد تقدموا كثيرا على من سواهم فأنشئوا احزابهم وفقا للقانون .أما أنصار الله لكونهم قوة الأمر الواقع فقد تعاملت الدولة بكل أجهزتها معهم وادخلوا الحوار بصفتهم ومذهبهم ووثقوا في أدبيات مؤتمر الحوار الوطني بل كانوا الفيتو في كثير من القضايا أورد هذا المثال فقط للتدليل أن من سيقوم بالإشراف على مخرجات الحوار قوى لم تؤمن بعد بالتحول الى الحالة المدنية فكيف سيوكل رئيس الجمهورية اليهم مسئولية التنفيذ ،حيث وثيقة الضمانات قد حددت المؤسسات التي ستقوم بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني بالمؤسسات القائمة مع الاتفاق على اعطاء الرئيس الصلاحيات الدستورية فيما يخص الحكومة والاجهزة التنفيذية الاخرى على مستوى المحافظات وغيرها ،وهذا يعني استيعاب بعض القوى التي لم تشارك في الحكم من سابق وبخاصة من تملك القوة على الارض .لقد ورد في وثيقة الضمانات من وثيقة الحوار الوطني عن القوى التي ستقوم على تنفيذ مهام الفترة (للمرحلة الانتقالية) تم التوافق على التالي:

أولاً :- مؤسسة الرئاسة (ورد في وثيقة الحوار الوطني الشامل ،ص 292 عند تعريفهم للمؤسسات التي ستقوم على تنفيذ مهام الفترة فورد تم التوافق على التالي : أولاً : مؤسسة الرئاسة " رئيس الجمهورية اليمنية المنتخب يستمد شرعيته من قبل الشعب اليمني الذي ذهب الى صناديق الاقتراع بإقبال كبير لانتخابه رئيسا لليمن الجديد. وبناءً على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية فإن ولاية الرئيس تنتهي بتنصيب الرئيس المنتخب وفقا للدستور الجديد" ) ؛ فما دخل مؤسسة الرئاسة إلا إذا كان يقصد بها ذلكم الكم الهائل من الموظفين الذين تم تعينهم خلال العامين المنصرمين ، كتقاسم ومحاصصة ،فالرئيس المنتخب ليس هو مؤسسة الرئاسة ،وموظفي مؤسسة الرئاسة ليسوا محصنين من التغيير والتبديل ، لأنهم غير منتخبين هذا أولاً .

ثانيا : عند الحديث عن المؤسسات التي ستقوم بتنفيذ مهام الفترة جاءت الفقرة ثانيا في الصفحة 293 "يقوم رئيس الجمهورية بممارسة صلاحياته الدستورية للتغيير في الحكومة بما يضمن تحقيق الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية ، ليس فقط التغيير في الحكومة من صلاحيات الرئيس الدستورية ،وإنما كذلك التغيير في الاجهزة التنفيذية الأخرى على المستوى المركزي والمحافظات لضمان الشراكة الوطنية والكفاءة" وهذا في اعتقادي يحتاج إلى إعلان دستوري وليس على أساس اتفاق مكونات العمل السياسي ،ثم جاء هذا الحق في سبيل تحقيق الشراكة الوطنية والكفاءة وهذا الأمر يتقاطع مع المبدأ رقم (2) الذي جاء على النحو التالي :- ( التوافق :تأسست عملية الانتقال السياسي على أساس التوافق ويستمر التوافق حتى إجراء الانتخابات " فماهي الانتخابات التي يقصدها المبدأ ،أظن يقصد مجلس النواب، وكيف نتخيل أن يستمر إدارة البلد بالتوافق ؟؛وهذا التوافق الذي عطل الحياة وعطل المسألة والمحاسبة وعطل مجلس النواب عن أداء دوره الرقابي وحجب الثقة عن الحكومة إن هي قصرت ،وكل ذلك بسبب التقاسم بنسبة 50% للمؤتمر وحلفائه ونسبة 50% للمشترك وشركاؤه ،وهذ يتنافى مع أهم مطلب للتغيير والذي يؤكد على مكافحة الفساد والمفسدين وعدم التجريب بالملوثين أو المجربين ،والذي على أساسه منح الرئيس التفويض من قبل مؤتمر الحوار الوطني ليتم التغيير وفقا لذلك ،ومن أجل ضمان الشراكة الوطنية وتحقيق الكفاءة التي يعززها المبدأ الثالث في المبادئ والكفاءة التي حُكماً تتقاطع مع ما كان ساريا قُبيل إقرار وثيقة الحوار الوطني أي التقاسم)..

ثالثا:- توسيع مجلس الشورى بما يضمن تمثيل جميع المكونات والفعاليات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بنفس نسب التمثيل في مؤتمر الحوار الوطني..

أناقش هذا البند بجمل بسيطة فأقول أنه لم يعطى لهذا المجلس أي مهام خلال السنتين ،بل وكأنه استيعاب وامتصاص لمكونات واعطائهم مقابل ذلك نفقات وهو عبء اضافي على ميزانية الدولة التي تعاني من العجز الدائم جراء مثل هكذا تضخم وظيفي .واحتكار التوسع على الفئات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني هو خطأ أخر فالمفترض ان يبقى الباب مفتوحا للقوى التي كانت ضد الحوار والاستمرار بإقناعها وبالتالي استيعابها في مجلس الشورى إن كان الأمر ضرورياً..

ثم في الفقرة نفسها جاء الحديث عن توسيع لجنة التوفيق واعطائها مهام كبيرة بعكس مجلس الشورى ومن مهامها (الاشراف والمتابعة في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل ،وهذا في تقديري أهم مهمة ومعظم من هم فيها هم القوى التقليدية التي معظمها لا تؤمن بالتغيير ،ومن المهام كذلك المتابعة والاشراف على لجنة صياغة الدستور، و التأكد من وثيقة الدستور والموافقة عليها قبل رفعها لرئيس الجمهورية لاتخاذ الاجراءات الدستورية اللازمة للاستفتاء...بينما مجلس النواب ورد اسم المؤسسات التشريعية في البند ثالثا على المؤسسات التي ستقوم على تنفيذ مهام الفترة ،لكن وثيقة الضمانات لم تفصل بالقوانين اللازمة التي يجب أن تمر من خلاله ..
سيادة الرئيس لقد أمطرت المواقع الالكترونية وبمعدل قائمة في كل ساعة ترشح فيها الوزراء ، والمحافظين والسفراء المزمع تعينهم من قبلك ،وفي كل قائمة ربما يفوق ما نسبته الــــ90% من الأسماء المرشحة والتي هي متواجدة الآن في السلطة ،أو ممن ثبُت فسادهم ،وفي كل القوائم المُسربة لا تجد رائحة التغير في تلك القوائم باستثناء عشرة بالمائة أو أقل من ذلك بكثير ،وهذه النسبة القليلة جدا هم من أصحاب الحظوظ بسبب ألقابهم ومناطقهم ،أو ربما بسبب النوع كالجندر مثلاً ،وهذا لا يتناسب إطلاقا مع التضحيات التي قُدمت من قبل شعبنا لكي نصل الى هذه المخرجات الحوارية المهمة ،والتي تتطلب رجال مؤمنين بالوصول بالبلد إلى تأسيس الدولة المدنية الاتحادية الجديدة ..

إن التسريبات التي انهالت في الآونة الاخيرة عن تشكيل الحكومة الجديدة وما تحمل من اسماء لا تعد ان تكون استبدال وتغيير أماكن للمتقاسمين المتحاصصين ، وهذا إن تمّ فسيدلُّ على عدم الجدية في التغيير ، وبالتالي الولوج إلى عصر الدولة المدنية الحديثة ؛كيف ذلك؟؛ أقول أن وثيقة مخرجات الحوار الوطني تتطلب مؤسسات وكفاءات مؤمنة بكل جملة صيغت في الوثيقة ،وبما أن المؤسسات القائمة كلها أو معظمها ولائها مازال للرئيس السابق الذي هو ضد التغيير ، ويعتبر ما جرى في اليمن مجرد انقلاب أو أزمة سياسية في أحسن الظروف ، فمن غير المعقول أن يشارك النظام السابق في السلطة لينفذ وثيقة ثورة قامت ضده هذا أولاً ، ثم ثانيا الحكومة الحالية لم تَحضر وتتفاعل مع الحوار الوطني ، وبالتالي أدائها كان مقصراً جداً في إدارة الحياة اليومية للبلد!؛ فكيف ستكون فاعلة في تنفيذ حزمة كبيرة من القرارات والمتطلبات ، وتوفير التمويل الكافي لتحقيق ذلك ؟!

ولذلك يا سيادة الرئيس اهتم بالشراكة والنزاهة والكفاءة ولا شيء غير ذلك والا سيعتبر ما أنتم تحتفلون به مجرد كلام في الاعلام والادعاء بنجاح شيء لا وجود له على أرض الواقع!!

سيدي الرئيس حذار أن تغير بالملوثين والمجربين فستكون وثيقة الحوار الوطني الشامل حبر على ورق لا يُعتد بها في سبيل التغيير المنشود وفي تحقيق حلم اليمانيين الذين حلموا به منذ سنين بعيدة..

إذن فالسهر على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل ليس معنيا بها فقط القوى التي استأثرت بالحكم أو المعارضة وجيوبها في الفترة الماضية بل معني كذلك قوى التشكل الجديد قوى التحديث قوى المجتمع المدني الذين يأخذون أدنى النسب في حسابات السياسيين والحاكمين ،فعلى كل القوى والفعاليات أن تتحد في أكبر تكتل مدني شعبي ضاغط لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والسهر على تنفيذه بكل أمانة طالما وقوى التقليدية قد وافقت على الانتقال بفعل ثورة الـــ11 من فبراير وتضحيات الشباب العظيمة!!