الخميس ، ٢٥ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥١ مساءً

الأصل والعماد في شعار (ثورة ضد الفساد) !

اسكندر شاهر
الاربعاء ، ٠٥ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
"الشعب يريد إسقاط النظام" ، شعار ارتفع في فوضى ما يسمونه الربيع العربي وكانت إحدى تعبيرات تلك الفوضى هو استنساخ هذا الشعار كما هو في البلدان التي حدثت فيها احتجاجات شعبية بدءا من تونس مروراً بمصر فاليمن وليبيا والبحرين ، إضافة إلى احتجاجات ضعيفة في السعودية وسورية ، في السعودية تم قمعها وسط تجاهل عالمي وسرى ذلك القمع إلى البحرين متحولا إلى احتلال سعودي للمنامة ، وفي سورية كان الأمر مختلفاً للغاية فقد جاء العالم كله إليها مانحاً الشعب السوري المتحضر مواد خام للتخلف والتطرف والإرهاب الممول سعوديا وقطريا وتركياً والمدعوم لوجستيا من الوهابية والسلفية الجهادية وخريجي السجون من القتلة المجرمين والمدمنين والشواذ الذين استقطبوا أمثالهم من كل بقاع العالم ليقيموا في سورية الحضارة حرية وديمقراطية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً .

لم يكن بوسع السعودية أن تطبق في اليمن مافعلته في البحرين المجاورة لها ، فاستخدمت غير ذات الشوكة ، حيث وزعت من علمها ذي السيفين ، سيف للمنامة وآخر لدمشق وتبرعت بالنخلة لصنعاء الحميمة .

شعار إسقاط النظام لم يكن واقعياً بالمجمل في ظل غياب التراكم السياسي والاجتماعي والثقافي الذي يسنده ، على أن إرهاصات التغيير كانت متوفرة بصور نسبية متفاوتة في مختلف البلدان العربية ، ففي بعض البلدان ترقى تلك الإرهاصات إلى تغيير النظام لا إسقاطه وفي بعضها الآخر ترقى إلى إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية لازمة . هنا جاءت الفوضى لتعبر عن اختلال وانفصام يخلط بين هذا وذياك ، فحيث يجب تغيير النظام اتجهت أنظمة الثورات المضادة إلى تبني فكرة الإصلاح المعبر عن إعادة إنتاج النظام كما في اليمن ، وحيث يجب الإصلاح فقط كان التوجه لدعم إسقاط النظام وليس فقط تغييره كما في سورية التي لم يسقط نظامها ولم يكن المقصود ذلك بقدر ماكان المراد إسقاط الدولة السورية بما تكتنزه من تاريخ حضاري ولما تضطلع به من دور قومي ريادي .

لنعود إلى (النخلة) التي تبرعت بها الرياض لحميمتها صنعاء لنؤكد بأن شعار إسقاط النظام الذي ارتفع في ساحات وميادين التغيير والحرية في اليمن بدءا من مدينة تعز لم يكن واقعياً لسبب بسيط جداً هو عدم وجود نظام أصلاً فضلا عن عدم وجود دولة بمفهومها السياسي المتعارف عليه ، وهذا ما انكشف وانجلى في الفصول الاولى من نصف ثورة 11 فبراير 2011م ، من هنا فإن شعار (الشعب يريد دولة ونظام) هو الشعار الواقعي الذي كان يجب على الثوار رفعه وتبنيه والعمل على تحقيقه ، فعندما لايكون الشعار منطلقاً من احتياجات الشعب ومعبراً عن متطلبات البلد سرعان ما يتحول إلى مطية يحقق من خلاله الانتهازيون مصالحهم الخاصة التي لا علاقة لها بإسقاط النظام ولا بتغييره ولا بإصلاحه فهم أكثر من يدرك عدم وجود نظام وهم أنفسهم جزء من هذه العدمية .

( ثورة ضد الفساد ) هو الشعار الذي يميل إلى رفعه الثوار اليوم ايذانا بتفعيل عملية استعادة الثورة وإكمال رسم نصفها الآخر وتصحيح ما شاب النصف السابق انطلاقاً من 11 فبراير المقبل في ذكراه الثالثة التي تشكل فرصة أخيرة لإنقاذ قيم التغيير في الوعي الجمعي مرحلياً والذي قد يُحدث تحولا استراتيجيا في المستقبل ، شعار يستوجب التوقف عنده وإعادة توجيهه حتى لا يقع في فخ المحاكاة السلبية بين الشعار والواقع ، الأهداف والمتطلبات ، وباختصار ضرورة التمييز بين ما كان وما هو كائن وماينبغي أن يكون .

ما كان قبل 11 فبراير 2011م هو باختصار : عصابة أحمرية تستخدم قفازات من ألوان أخرى لتحاول أن تظهر أنها دولة ، وهي ليست أكثر من حالة ( ديولة ) كما أوضحت في مقال سابق ، والثورة على هذا الوضع كان تقتضي إلقاء القبض على أفراد العصابة الأساسيين ووضع القفازت في دولاب التقاعد ، وما هو كائن وباختصار هو عصابة أحمرية أعادت ترتيب صفوفها وتبديل مواقعها وقفازات قديمة أضيف إليها قفازات جديدة ويراد الظهور بحالة دولة ، وهي ليست اكثر من ( ديولات) في طور التشكل كما أوضحت في مقال سابق أيضاً . وهنا طرأت معطيات جديدة مهمة يجب الالتفات إليها لتوخي مايجب فعله ثورياً إزاءها ، أهم تلك المعطيات ، أن العصابة حصلت على حصانة عن كل ماسبق أن اقترفته من جرائم وتشرعن للجرائم الحالية والمقبلة ، ويوجد مجتمع دولي ومجلس أمن وممثل للأمم المتحدة في اليمن يضبط إيقاع توزيع اليمن عصبوياً للحصول على عدة عصابات تضمن كل عصابة أن ترصد من منهوباتها المؤقلمة مايفي بأقساط الديون المستحقة للبنك الدولي وبقية المؤسسات الخارجية بما يكرس الارتهان وغياب السيادة ، وتلتزم كل عصابة بعدم التعدي على الأخرى ، ويقدم كل زعيم عصابة تقريرا مفصلاً عن إقليمه بشفافية ودونها عقوبات محتملة ، وهو وضع لم يتحقق بعد بل جار العمل عليه في المرحلة المقبلة .

وعود على بدء ، فإن شعار ( ثورة ضد الفساد ) قد يكون شعاراً واقعياً ومحاكياً لظروف الراهن شرط أن تكون مفاعيله دالة بصورة مباشرة على الفساد (السياسي) بدرجة أساسية باعتبار أن كل فساد آخر هو فرع له ، ومقتضى ذلك أن تتضمن أهداف الثورة وشعاراتها الرديفة بحيث تتسم بالموضوعية وتجتنب التخصيص والشخصنة التالي :
4
الدولة المدنية .. هدف أساسي وشعار جامع لما دونه .. ويسبقه التالي :
إعلان (سقوط) المبادرة الخليجية والتسوية السياسية ومخرجات مؤتمر الحوار (بالفشل)
إعلان مبادرة يمنية وطنية بديلة وحشد التأييد لها شعبياً
إعلان خارطة طريق سياسية موازية
إعلان إقليمين للثورة ، شمالي وجنوبي يؤيد كل منهما الآخر لكل سقفه ولانزاع بينهما
إعلان مقاطعة أي انتخابات أو استفتاء أو أي عمل إجرائي مشابه وفقاً للتسوية السياسية الفاشلة
إعلان رفض الوصاية الأجنبية
البدء في تشكيل تكتل سياسي للمعارضة
إسقاط الحصانة والعزل السياسي لموقعيها والمستفيدين منها ...
يتبع ....