السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٣٧ مساءً

خواطر اقليمية ..

علي منصور
الخميس ، ١٣ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٠ صباحاً
البعض يقول أن سبب رفض هادي للتقسيم على اقليمين وتصميمه على الستة اقاليم ... رغم رغبته الشديدة في معاكسة صاحبه اللدود (صالح) الذي رفض الاقليمين ايضاً... هو انه يخشى أن يتحول التقسيم على اقليمين الى انفصال كامل وتضيع منه الرئاسة... يعني يضيع في الرجلين ... انشاء الله يكونوا غلطانين ويكون عند الراجل رؤية ابعد من هذه الرؤية الذاتية.

بالمقابل... هناك من يقول أن ضياع هادي في الرجلين وارد كذا أو كذا... يعني سواءً بإقليمين او بسته... طالما استمر على ضعفه امام الحوثيين والمخربين واستمرت حالة التأزم والمكايدات والحقد الشخصي بين مختلف القوى السياسية وواصل الامام عبد الملك الحوثي استغلالها وتجييرها لصالح مشروعه الامامي الظلامي ... استمرار هذا الوضع يجعل البعض يذهب الى القول بأن الامامة المقبورة التي بدأت في اليمن بالإمام الهادي قد تعود في عهد الرئيس هادي ؟ ...كل شيئ ممكن ... لكن ربنا يستر.

مشروع الاقاليم ليست له حسنات... لكنه قد يكون الأقل سوءاً من بين البدائل المتاحة. وإن كانت له حسنة فهي انه قد يقطع طريق الدعم الخارجي على المطالبين بالانفصال وعلى اصحاب المشاريع الخاصة. فبعد اليوم قد لا يجد الانفصاليين أي تعاطف خارجي مع مطالبهم ، لكن الدعم الخارجي للمشروع الحوثي لن يتوقف سواءً بأقلمة او بدونها.

الأقلمة ايضاً عباره عن تحدي كبير وضعه هادي امام الانفصاليين والمزايدين ... كأنه يقول لهم "هذا الفرس وهذا الميدان"... من اراد ان يحجم القبلية ويقضي على الفساد ويبني دوله مدنية يسود فيها النظام والقانون ويتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات فليورينا شطارته ... في اقليمه... وهذا الجواب هو نفسه الذي سيسمعه اصحاب المشاريع الانفصالية من القوى الخارجية التي تدعمهم.

الاقلمة بحد ذاتها ليست العصى السحرية التي ستحل مشاكل البلد ... فهي لن تخرج الاقتصاد من غيبوبته ولن تقضي على الفقر او تلحقنا بالقرن العشرين (انسوا القرن الواحد والعشرين) ... خصوصاً ان الجميع ما يزالون الف باء فدرالية ... ويحتاجون لسنوات طوال للتعلم على نظام الحكم هذا وبناء القدرات لكي يتمكنوا من ادارة شئونهم بأنفسهم وتحقيق شيئ ملموس ونافع للناس... هذا اذا لم تتأزم الامور اثناء ذلك... فالناس يريدون أن تتحسن اوضاعهم سريعاً وليس لهم صبر للانتظار... كما أن القوى المضادة بالمرصاد.

على المدى القصير الاقلمة ستجعل اصحاب كل اقليم ينشغلوا "ويتناطحوا" بينهم البين بدل ما يشغلوا المركز... كل واحد با يدور له على منصب في اطار اقليمه... وكام يا مناصب شاغرة ... رئاسة اقليم وحكومة وبرلمان في كل اقليم... عفارم عليك ياهادي... اشغلهم بأنفسهم بدل ما يشغلوك.

مهم جداً ان تنفذ الدولة برامج مكثفة لتوعية الناس ليحسنوا اختيار الكفاءات التي ستدير اقاليمهم... فالاختيار السيئ في الاقليم معناه الفشل ... وقيادات الأقاليم لن تعترف بأنها السبب ولن تجد افضل من شماعة "المركز" لتعلق فشلها عليها ... واذا ما حدث هذا وعدنا الى لعن المركزية وصنعاء والحكومة الفدرالية "فكأنك يا ابو زيد ما غزيت".

الشدادي نائب رئيس مجلس النواب.. رصاصة الرحمة التي اطلقها هادي على معارضة الخارج... لا أظن إلا انه يقوم بمهمة ظاهرها اسقاط عتب عن هادي وباطنها تعرية وحرق هذه المعارضة ... أي اسقاط عتب القيادات في الخارج على هادي إذا لم يدعوها للمشاركة... واطلاق رصاصة الرحمة على هذه القيادات التي إن عادت احترقت امام انصارها في الداخل وإن رفضت احترقت امام المتعاطفين معها في الخارج ... يعني باختصار هذا الجانب من المهمة ليس إلا نزع لآخر ورقة توت عن قادة المشاريع الانفصالية في الخارج... تعريه وحرق!!! ثم أن هادي اصلاً لا يريد حوله احد ممن كانوا في يوم من الأيام رؤساءه... لا يريد احد ممن كانوا يعطوه اوامر... مش قادر يخرج الزعيم ... عاده بايرجع ذي في الخارج...

يقول المثل الانجليزي (الشيطان في التفاصيل) ... وتفاصيل الأقلمة مليانه شياطين مش بس شيطان واحد... وكان الله في عون لجنة الدستور... فهناك الكثير والكثير جداً من التفاصيل التي يجب تضمينها في نصوص دستورية تضمن تقليص الخلافات الواردة جداً بين الحكومة الفدرالية والاقاليم وبين حكومات الاقاليم والولايات والى ادنى حد.

حزب المؤتمر عليه مسئولية كبيرة في انجاح التجربة الفدرالية... وامامه فرصة عظيمة لتعزيز حضوره في الساحة السياسية ... السبب هو أنه الحزب الذي يضم اكبر عدد من الكوادر المتعلمة وذات الخبرة ... هذا اذا سلم من مكايدات قياداته ومؤامراتها... انا هنا اتحدث عن افراد لديهم التعليم والخبرة اللازمين لإحداث فرق في اقاليمهم.

القاعدة ستخسر بالأقلمة ... والارهاب بإذن الله سيخسر ويندحر من اليمن ... لعدة اسباب ... اولها أن الانتماء الجمعي على مستوى الاقليم ، من اكثر من محافظة، سيفرض على القبائل التي قد تفكر في احتضان هؤلاء الارهابيين شيئ من القيود في حرية اتخاذ مثل هذا القرار ... لن تعود المسألة خيار او قرار خاص بقبيلة او منطقة ... بل سيكون خاضع لتوافق أكثر من محافظة وقبيلة... وهذا شبه مستحيل ... اما السبب الثاني فهو ان التحريض الطائفي الذي ساعد الارهابيين في الفترة الماضية على استقطاب ضعاف العقول وتبرير الهجمات على الجيش والأمن ... هذا التحريض يفترض ان يفقد الأساس الذي يقوم عليه.

خاطرة أخيرة... سؤال للجميع... ما الفرق بين موقف الاصلاح والحوثيين من الأقلمة؟ الجواب: لا فرق... صحيح أن الأول وقع والثاني رفض... لكن الأول أصلاً لا يعترف بالدولة الوطنية على أي حال، فالدولة عنده هي الدولة الاسلامية. والحقيقة أن لا فرق بين محمد اليدومي وعبد الملك الحوثي. فالاثنان يتكلمان باسم الله ويعتبران ان من يواليهما يوالي الله ويدخل الجنة ومن يخالفهما يعصي الله ويذهب الى النار ... الاثنان يعاديان بعضهما ولكأنهما على اسلامين مختلفين ... الاثنان اغتصبا علينا ديننا السمح وحولاه الى اجندة سياسية ... الاثنان محملان بدماء كثيرة (واحد اكثر بكثير من الثاني) ... وليتذكر الاثنين أن رب اشعث أغبر (لا حوثي ولا اصلاحي) لو اقسم على الله لأبره.

اللهم احفظ لنا يمننا من كيد الكائدين وتربص المتربصين.