الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٢ صباحاً

11فبراير...رياح ثورية وخلاص شعب

عمر عبدالله الخياري
الجمعة ، ١٤ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٥ مساءً
لم يكتفوا بتجويع شعب وقهره، ولم يقنعوا بإذلاله ونهبه، بل قتلوا الأمل في نفوس أبنائه، وسرقوا أحلامهم قبل أن يسرقوا قوتهم، لم يئدوا ماضيهم وحاضرهم فقط، بل سعوا لوئد مستقبلهم أيضا، حطموا تفكيرهم قبل تحطيم بنيتهم التحتية، وجعلوا اليمن متاعا أرادوا توريثه لأبنائهم من بعدهم، وعندما بلغ السيل الزبى، وفي شدة الظلام الكالح، وفي لحظة نورانية من شهر فبراير2011م، ظهر شعاع باهر ليضيء لليمنيين فرجة للخروج من ظلامهم الدامس فهب حرائر اليمن وأحراره مرددين "الشعب يريد".

تناسى اليمنيون كل ما تعرضوا له من ضيم رغم قساوته، وكل ما نالهم من أذى رغم بشاعته، وجميع ما مسهم من ضر رغم فضاعته، وطلبوا من الظالم أن يرحل بفساده، وأن يتركهم وشأنهم، ليختاروا من يقود مسيرتهم نحو الحرية والبناء، فاستنكف واستعلى، وسخر وأبى، وهدد وتوعد، لكن الشباب ظل يردد "الشعب يريد"، فواجه المستبد مطلبهم بالحجارة فزادتهم صلابة، ثم بالغازات السامة فزادتهم مناعة، ثم قرروا إنشاء ساحة، وأعلنوا البداية، ونادوا بالكرامة، فبنى الجدران، واستدعى القتلة، فأخرج لهم الذخائر، ووزع عليهم البنادق، فقتلوا العشرات، وجرحوا المئات، فثارت اليمن، وتوقف الزمن، ليعلن ساعة الخلاص، وأن الشعب لم يعد يخاف الرصاص، فأعلن الطوارئ، وقرر إذكاء الفتن، وإحراق اليمن، فأثار القلاقل، وحرك الجحافل، فجعل تعز محرقة، وأبين مجزرة، وأمطر الحصبة بالصواريخ، وقصف أرحب بالطائرات، وسلم لقوى الشر بعض المعسكرات، ثم كان الجزاء من جنس العمل، فاحترق بالنيران التي أشعلها، ثم يئس أن يقبله اليمنيون بعد هذا، فبادر بالتوقيع قبل الوقيع.

ثم بدأ فصل جديد سار فيه اليمنيون ـ وما يزالون ـ يشدون الخطى نحو دولة مدنية يتساوى فيها الضعيف والقوي، والفقير والغني، دولة تحقق أحلام الشهداء، وتخفف أنات الجرحى، وتجيب آهات المحرومين، بدأ اليمنيون بالسعي الحثيث لبناء القيم التي هدمت، والمعاني الجملية التي شوهت، وغرس الثقة التي اجتثت، وإعادة الآمال التي سلبت، وأقيم الحوار لتناسي الماضي الأليم وبناء اليمن الجديد، فشاركت كل الأطراف، ونجح الحوار رغم حبائل أعداءه الكثيرة، وشراكهم الوسيعة.

لم يرق لمن فقدوا مصالحهم ذلك، فتحالفوا على الشر، وتعاهدوا على النكال بالثورة من أول يوم ولدت فيه، فأذكوا النعرات الطائفية، واختلقوا الإفك، وافتروا الأكاذيب، وعاثوا خرابا وفسادا، وما زالوا كذلك إلى هذه الأيام التي يحتفل فيها اليمنيون بالذكرى الثالثة لثورة الشعب المجيدة، ليؤكد الشعب من خلالها مضيه في تحقيق أهداف الثورة، وبناء اليمن الجديد، وتدشين مرحلة جديدة لا سكوت فيها عن الفاسدين، ولا بقاء فيها للمخربين، فلن يسمح الثوار أن يقتل أبناء الشعب مرة أخرى وتحت أي لافتة جديدة، كما لن يرضوا أن تستخدم أموال اليمن المنهوبة للتخريب والعبث بأمن البلاد، فلا بد من عودة هذه الأموال إلى خزينة الدولة.

لتعلم عصابة الفساد، وشرذمة الاستكبار، أنه ليس لدينا ما نخاف عليه، ولسنا بأعز ولا أكرم من الشهداء، فلن نسمح بالعودة إلى عصور الاستبداد، ولن نستبدل طاغية لنخلق فرعونا جديدا، فالشعب قد عرف طريقه، وإنا على دربكم أيها الشهداء لسائرون، ولثورتنا محافظون، ونجدد لكم العهد أن نبقى أوفياء، وأن يظل اليمن كما رستم متسعا لكل أبنائه.