الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٠ مساءً

عندما تخضر نفوسنا وتزهر !!

عارف الدوش
الاثنين ، ١٧ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
الأسبوع الماضي كتب اثنان دعوني أقول من كبار كتاب العمود والمقالة في بلادنا اليمن هما مع حفظ الألقاب والمواقع والمناصب وإن كنت اعرف سلفاً بأنهما يمقتانها "عبدالرحمن بجاش" وعبدالحليم سيف " الأول كتب الثلاثاء11 فبراير تحت عموده اليومي" ن ... والقلم " متى يخضر ربيعنا " والثاني بعده بيوم الأربعاء بعنوان " نحن المجرمون" فضميت أنا العبد الفقير إلى الله العنوانين معاً فصار سؤالاً واحداً " نحن المجرمون ،متى يخضر ربيعنا ؟!" وجئت بعنوان تناولتي هذه وأحسب انه جواباً.

فـ" بجاش " قال: إن حياة الشاب بو عزيزي في سيدي بو زيد " بتونس " لم تذهب سدى والنار التي اشتعلت في جسده تحولت شعلة تنير الطريق لمن خرجوا إلى الشارع رافعين شعار المطالبة بسقوط النظام والشعب يريد التغيير" وأن احمد الحفناوي لم يصرخ عبثا بـ هرمنا "فقد دوت صرخته المقهورة في أعماق الإنسان على طول وعرض المساحة من محيطها إلى خليجها , ليخضر ربيع تونس وتنضج ثمرة الثورة بتحقيق أهم أهدافها" وقال أشياء أخرى رائعة.

أقول لـ "بجاش " نعم معك على طول الخط ، فاليوم تثبت الوقائع بحسب " بجاش وغيره أن" ربيع تونس أتى بفضل وعي مكونات المشهد التونسي وضمانة القوة المدنية الأكبر (اتحاد الشغل) معبرا عن رغبة الناس وحيادية الجيش وإدراك النهضة بقراءة الواقع والتبصر لما تحتاجه تونس ... وتميزها عن حركات إسلامية في الشرق تسيد النص بتفسير تعسفي لا يتناسب والزمن ولا الواقع !!."

نعم الإدراك هنا أتى بالثمرة الأولى ناضجة يا " بجاش " ونتمنى على فقهاء البلاد الدستوريين ومن سوف تتشكل منهم اللجنة الدستورية لإعداد الدستور الجديد للبلاد أن ينظرون إلى الدستور التونسي ليستفيدوا باعتباره أفضل عقد اجتماعي جديد بين الناس جاءت به ثورات الربيع العربية .ولمن غمزوا ذات يوم عندما كتبت عن حاجة اليمن لأكثر من راشد الغنوشي عند حديثي عن سلوك الرجل المدني وحاجتنا في اليمن لسلوك مماثل وهو يقف مع ابنته في أحد مطارات تونس بالطابور انتظاراً لصعود الطائرة أن يراجعوا مواقفهم.

لكن الأهم والمهم وأبو المشاكل والكبوات في هذا البلد المغلوب على أمره بنخبه من مختلف التخصصات والأطياف هو السير باتجاه الخلاص الشخصي إلا من قلة قليلة وهم من ضحوا شهداء أو ماتوا فقراء واستعرضوا لائحة القادة وابرز النخب الذين استشهدوا أو قتلوا غيلة أو نفوا من الوطن أو سحلوا ودفنوا تحت التراب ستعرفون.

لست مشككاً ولا متشائماً لكني أرى أن نفوس اليمنيين لم تخضر بعد فما بالنا نريدها تزهر ومن يقول بغير ذلك يثبت لي وأنا مستعد للامتثال فما يجري حولنا يؤشر أننا كيمنيين لم تخضر نفوسنا بعد فكلنا يا صديقي " بجاش" نعرف أن أدراج المكاتب ورفوف المكتبات في الجامعات ومراكز المعلومات بل ورفوف مكتبات الأشخاص تحتوي أجمل القوانين والوثائق التي تخطها أنامل يمنيين متخصصين أفذاذ ليست آخرها " وثيقة " مؤتمر الحوار ولا قبلها " وثيقة العهد والاتفاق".

وفي عموده أو مقاله في اليوم التالي لعمود " بجاش " الأربعاء 12 فبراير الجاري بعنوان " نحن المجرمون" قام " عبدالحليم سيف " بعملية إسقاط بما كتبه الأستاذ الدكتور سليم الحص رئيس وزراء لبنان الأشهر في "الخليج " الإماراتية بعددها (10433) الصادر يوم 12ديسمبر2007م في مقالة له يرثي فيها وطنا جميلا هدمه ساسته وأتباعهم و" عبد الحليم" يجيد استخدام الأرشيف وكأنه هو الآخر يرثي وطنه الذي هدمه ويواصل تهديمه ساسته وابتاعهم .

فإعادة قراءة مقالة الدكتور الحص من قبل الأستاذ عبدالحليم وشعوره " أن زلزال " اللبننة " و"الأفغنة" و"البلقنة " و" الصوملة " يضرب بشظاياه "الطائفية " و" المذهبية " المنطقة العربية على نطاق واسع بعد ضياع بلاد الرافدين" تحدث عنه كثيرون وكتب حوله كثر، ولكن يصدق فينا نحن العرب ما قاله عدونا الصهيوني موشى ديان " إن العرب لا يقرأون وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يستوعبون وإذا استوعبوا لا يطبقون وإذا طبقوا لا يأخذون حذرهم ".

ونحن العرب واليمنيون منهم طبعاً أو أصلهم إن قرأنا وفهمنا واستوعبنا لكننا لا نطبق ولا نأخذ حذرنا إن طبقنا وهذه حقيقية لا نكابر حولها واتفق مع ما أورده" عبدالحليم" نقلاً عن " الدكتور الحص " هناك حالات داخلية من خراب نفوس السياسيين وجهلاء القرن الحادي والعشرين ".

ولـ" عبدالحليم" و" بجاش" لن يجرؤ أي سياسي يمني مهما بلغ به وخز الضمير ومهما آلمته أفعاله ليس الساسة المغامرين فقط فهؤلاء تسهل معرفتهم وإنما من يدعون الحصافة والواقعية باختصار لن يجرؤ أي سياسي يمني أن " يصارح قومه بما اقترفت يداه من آثام وجرائم بحق وطنه" بحسب الدكتور الحص. ولن أزيد ففي فمي ماء.

وأخيراً: الحديث ذو شجون والمساحة ضاغطة إنها رقيب من نوع جديد وبالتالي فنحن تعيش بنفوس قاحلة غبراء مدبرة مسفرة مستنفرة فعندما تخضر نفوسنا وتزهر فسوف نعود إلى رشدنا ونفقه ما يكتب ويقال وسنرى أين تقع جادة الصواب ؟! وهذا لن يتأتى إلا عندما يحكمنا ويقودنا الراشدون فينا فأين هم ؟ ابحثوا عنهم إنهم يعيشون أمام أعينكم ولكنكم لا تبصرون.