السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٤١ صباحاً

سلسلة الحروب الإعلامية (1 من 10)

طارق عثمان
الاثنين ، ١٧ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٥٨ صباحاً
من أساليب الدعاية الحديثة ما يسمى ( شريك البائع ) وهو شكل من أشكال الدعاية يقوم من خلاله البائع بالتعاون مع طرف ثالث يبدو ظاهريا وكأنه يتسم بالحيادية الكاملة ولا علاقة مسبقة تربطه بصاحب المنتج فيقوم هذا الطرف الثالث بمدح المنتج والثناء عليه وتسويقه فيغرر على الكثيرين ممن يعتمدون تقييمه باعتبار حياديته وانتفاء المصلحة الشخصية ..

من ذلك أن تقف عند بائع على ناصية الشارع يبيع بدلات رسمية مثلا وأثناء تفحصك للبضاعة يأتي شخص و يبدأ هو الآخر بتأملها وتفحصها والتأكد من جودتها ثم يشرع بالحديث عنها وأنها صناعة فاخرة وممتازة وبجودة عالية وأن أسعارها مناسبة جدا مقارنة بما تملكه من مواصفات ، تتأمل الرجل الأنيق وكلامه الإيجابي فيشجعك كمشتري على اقتناء هذه البضاعة ربما بسعر باهض وهي لا تستحق أبدا .
ما لم تكن تعرفه أن هذا الزبون الأنيق لم يكن سوى شريكا مع البائع في عملية التضليل ..

في صنعاء حدث هذا الأمر لي ولغيري ولكن مع عصابة نصب
يستوقفك أحدهم ويبدأ بسرد قصة احتياجه للمال في علاج والدته وأنه مضطر لبيع ساعته الرادو العزيزة إلى قلبه بمبلغ بخس وهو 30 الف ريال ( أو مبلغ آخر حسب كل حالة ) في حين أنها تساوي أضعاف هذا المبلغ ، وبعد أن ينهي قصته يكون قد تجمع بضعة أشخاص يتأملونها و يتمتمون لبعضهم بكلام تفيد خلاصته أنها فرصة لا تعوض ثم يحاول كل واحد منهم أن يخرج من جيبه مبلغ ولكن للأسف لم يكن في حسبانهم التعرض لهذه الفرصة الثمينة كما إن المبالغ التي بحوزتهم لا تغطي السعر الذي يطلبه البائع ثم يمضون وهم يتحسرون على هذه الصفقة التي فاتتهم بسبب عدم توفر النقود ورفض البائع حتى مجرد الإنتظار للغد ليتمكنوا من توفير المبلغ متعللا بحاجته الماسة له اليوم وقبل أن يمضوا في حال سبيلهم وزيادة في الحبكة يطلبون منه رقم تلفونه حتى إذا جاء الغد سيتصلون به فربما أنه لم يتمكن من بيعها وتكون من نصيبهم ، وهم يتحركون مبتعدين عنكما يلتفت لك أحدهم غامزا لك قائلا بحسرة ينصيبك يا عم نصيبك الله يفتح عليك ..
في نهاية المطاف يقع أحد الأغبياء في هذا الشرك ويشتريها ليكتشف أنها لا تساوى حتى 1000 ريال ..

في عالم الصحافة والإعلام يحدث الشيء ذاته . تجد طرفا يبدو ظاهريا أنه ذو توجه تقدمي حداثي ليبرالي صرف ولكن حين يبدأ أحد مسوقي المنتجات الفكرية التي تناسب إنسان الكهف ولا علاقة لها بالإنسان العصري أو يقوم بتسويق فكرة مغشوشة ومقلدة تجده يثني عليها من موقع يبدو حياديا للغاية ليدلس على البسطاء الذين يعتبرون أن ثناء هذا الشخص عليها يعد شهادة جودة و استيفاء للمواصفات والمقاييس ولكن مع مرور الوقت نكتشف أن هذا الكاتب أو هذه الناشطة أو الإعلامي ما هو إلا شريك رئيس مع البائع يتقاضى منه نظير هذا الإسهام بشكل أو بآخر ..