الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٠ مساءً

حينما تصبح الثقافة إنحطاطاً... الغفوري نموذجاً..

صالح السندي
الاثنين ، ٢٤ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تعاليت بنفسي وترفعت الكتابة عن أي شخص -مهما كان او يكن- ومهما بلغت إساءته على المستوى الشخصي, لكن حينما يصبح السم سليل الجسد وتشرأب منه العروق دون وعي وبأسم الثقافه والعلم , ويصبح كسوس ينخر في عظام المجتمع ويهدد اركانه ويقوض بنيانه يصبح خطر حقيقي لا يمكن السكوت عليه او غض الطرف عنه و يجب مواجهته بكل اقتدار , هناك طراز جديد تسلح ب( ثقافه قشور الموز) السطحية الهامشية يهرول لاهثاً دون وعي يتخبط يميناً ويساراً ويسارع الى استعراض عضلاته وقوته في وسط بالكاد ان يفهمه ليس لأنه مثقف من الدرجة الأولى -كما يحب ان يقدم نفسه للآخرين - عبر كتاباته وتحليلاته العقيمه التي تكاد تكون اقرب الي حركات راقصة حسناء تستعرض مفاتنها ورشاقتها وتمايلات جسدها الفاتن في حانة قمار سرعان ماتعلو اصوات التصفيق الحارة اعجابا بهذه الراقصة التي تخيلت في لحظة انتشاء واحدة انها اسرت قلوب الجميع بجاذبيتها وجمالها وهي لا تكاد تعدو كونها مجرد راقصة محترفة تجيد الرقص والغناء وتلفت انظار الجمهور مقابل أجرتتقاضاه .

, ( inferiority complex ) هذا هو الفن السطحي الذي يتباهي به الغفوري وأمثاله ويجيده متباهياً مصحوباً بعقدة النقص الفائقة
لمؤلفة دارن براون التي يصعب فك طلاسمها ورموزها واحداثها المثيرة,The Da Vinci Codeالتي فاقت (شفرة دافنشي)
التي حصرت الثقافة في مجرد أسماء روايات عالمية يتناولها الأطفال لمجرد اللهو و الاسترخاء ومادة لجلب النعاس قبل النوم , واصبح مجرد اداة سلطويه باهته الألوان بايدي فرسان السياسة و بردعة يمتطيها حزب الإخوان للتنقل بها عبر دهاليز الحكم وشرعنة الوجود في غياب القدرة على البقاء واقناع الغير يمهنية واضحة وشفافيه , والتبرير لديمومة الحكم واستمرار النظام عبر استهداف قوى المقاومة الوطنية الحقة والنيل منها و من المعارضة التي تلبي طموحات الشعب وتسعى الى اخراجة من قوقعة الواقع المرير الذي يحياه .

هو وامثاله الكثيرون هم سر تعاسة هذا الوطن وشقاءه المرير وليت الغفوري تعلم من الألمان المثالية العاليه في فن
Immanuel Kant التعامل المجتمعي والسلوك الانساني العالي .. ليته تصفح وقرأ بإمعان مستفيض ل إمانوئيل كانت
رائد المثالية الكلاسيكية الالمانية، بدلا من البحث عن حذاء سندريلا المفقود في كومة قش غثاء وهم الثقافة العابرة , كوجبات البرجر السريعه التي لا تخلو عادة من الامراض ولا تشبع نهم الثقافة, ان مروان وهو يحمل اخطاء اخوان اليمن ومصائب الحكم الرشيد ويسعى جاهدا الى ان يكون مجرد رداء يخفي سوءة النظام و يتسترعلى جرائمة اشبه ما يكون بشخصية سيزيف من الميثولوجيا الإغريقية وهو يحمل الصخرة الى قمة اعلى الجبل سرعان ما تتدحرج ليعود حاملا لها مرة اخرى كما وصفها كامو البير في روايته (اسطورة سيزيف) الشخصية العبثية في الوجود.. ولكم ان تتصوروا مدى سعادته وهو يقوم بعملة بمثالية عاليه للمهمه الموكله اليه لعدة مرات حتى تنفنى حياته دون كلل او ملل.

لعل الدور المرسوم لك عزيزي غفوري هو ان تحمل زلّات وعثرات الإصلاح ما استطعت - الذي تنتمى اليه وترعرعت في كنفه ورضعت لبن الخيانة زلالاً منه - بقية حياتك صعودا ونزولا الى الهاوية وهو الدرو الذي يليق بك ولا تمتلك غيره, لأنك لا تمتلك ذرة من الوطنية التي لم تعبرعنها في كتاباتك المطولة التي تكاد ان تشبة ما تكون بملاحم دانتي أليغيري الاسطورية في (الكوميديا الإلهيه) التي تجسدها صراحة في مقالاتك نقدا للذات الإلهية بكل غرور و بإسلوب فج عميق وبلاحدود ودون مراعاة او خشية من الله, ولكن البحث عن الشهرة الزائفة بدعوى الثقافة توجب كموضة مستعصية من التعرض للذات الإلهية كمؤشر عن درجة ثقافية من الطراز الرفيع عند بعض المنظّرين لا غير.

ولإضفاء المزيد من هذه الصورة الدرامية- الدراماتيكية- الحالمه الحالكة للمثقف الخارق تنشر صور لك عن احتساء البيرة الإلمانية- بدون حياء- التي تدعي انها خالية من الكحول وتؤكد في منشوراتك -انها خالية من الكحول- للمثالية العالية والانفتاح المفرط في السلوك الوبائي الذي يعكس ما وصلت اليه من حالة الانتحار المستميت على ابواب الانفتاح والمدنية, وكأنك تساير وتناغم الفيلسوف ارسطو بين المادية والمثالية بحثا عن الذات الضائعة متناسيا انك ابن الإسلام من يجب ان يكون قدوتة محمد (ص).

واخشى ما اخشاه ان تحاكي نهاية ارسطو الى (ما بعد الطبيعة) وتنجرف في تيارات العقل الباطن الذي سيفقدك الكثير من التوزان لنجدك بعدها تحلق بكل جنون في فضاء الميتافيزيقيا الفسيح الذي ليس له قرارا سابحا عائما ضائعا فيه دون منقذ او مخرج, وليتك احتذيت حذو الطالب المثالي ..افلاطون في المثالية الموضوعية في مؤلفاته "طيماوس" و "بارمنيدس"، و "السفسطائي" و "المائدة". والا تكون مغاليا كل الغلو هاهو افلاطون يأخذ ما يفيده من كنوز العلوم و المعرفه من معلمه سقراط ويتجرد عن المادية الزائفة الطاغية ويصنع التأريخ بكل هدؤ وسلاسة بنور العقل وحجة المنطق وقوة الإدراك, وليس بالتبعية العمياء الصمّاء.

مشكلتك عزيزي المروان انك حينما تسبح في بحر الثقافة الغربية- الجديده والغير مألوفة عليك- كما يبدو انك تعاني من صدمة حضارية افقدتك عقلك وهويتك وتوازنك معا , و لم تكن محصناً بمافيه الكفايه دينيا و ثقافيا واجتماعيا لمواجهة موجة الإغتراب الفكري في بحر متلاطم لا تقوى عليه, ولم تكن ثقافتك العربية بلغت النضج الكافي بعد عبر الثقافة الاسلامية الخصبة بعلومها وآدابها وفنونها المتنوعة وهذا ما يفسره تقلبك من احضان الاصلاح الى الماركسية ثم الانعتاق الى الليبرالية الغربية , وبذا كنت ضحية التقلبات اللوجستيه التي سايرت ورافقت حياتك من الشرق الى الغرب دون فتور ودون ادنى وازع يحميك.

وكاتب هذا المقال وان قضيت حتى الان اكثر من نصف حياتي الشابة في الغرب مؤثرا ومتأثرا بشكل ايجابي دون انسلاخ عن الثقافة الأم والتنكر لها ولروادها ودون اظهار التعالي على ابناء جيلي ووطني.ورغم اني احمل جنسيتها الا ان لي الفخر بيمنيتي وهويتي الحقة وليس المستعاره.
فلا عجب ان تكون المدرسة التي انجبتك وانجبت توكل كرمان و الآنسي وغيرهما من أدعياء التطرف والإرهاب والدونيه المقيته , بمثابة وصمة عار في جبين الأمة , فكلما ازداد الإنتقاد لإصلاح الإعوجاج توهموه شرفا وفخرا (يحسبون كل صيحة عليهم) دليلا على افلاسهم وتمردهم .. لعله يذكرك حتما هذه المرة برواية ( التمرد و المتمرد) لكامو ألبير ايضا.هل قرأتها اشك في ذلك ؟ فأنت وامثالك ممن اضاعوا البلاد في اتون الشر عبر الانانية المفرطة في الطرح والوجوم الذي ينم عن غباء مستفحل , وليتك حينها لم تفرط من قراءة الروايات البوليسية لآغاثا كريستي لابتعدت قليلا عن( نظرية المؤامرة) التي تفوح منها كتاباتك الطائشة, فالوطن للجميع وليس حكرا على فئة معينه وان لم ترق لك الحياة في ربوع السعيده وفي احضان تعز وعلى سفوح إب الخضراء وان لم يعجبك اهل صعده وسمو ونبل رجالاتها الكرماء فانصحك بالاستمرار في شرب البيرة الالمانية كما انت عليه و -من غير كحول طبعا- في حانات برلين لعلها تخفف عنك الشئ الكثير من انفصام الشخصية وضياع الذات في تقلبات الثقافة مع غياب المرونة والاساس الصحيح لتقبل الغير وتعلم فن التعايش السلمي, والرجوع الى أحضان الثقافة العربية الام والانتهال من مناهلها ودراسة ابجدياتها كما مجدها واعترف بفضلها اكثر الفلاسفة والشعراء الغربيين .

واليك درس جديد في التأريخ وتعلم فنون الحوار الحضاري الذي تفتقده مع ابناء وطنك , فهاهو الشاعر الألماني غوتا يمتدح ويبجل الليلة التي نزل فيها الوحي على سيد البشريه ويتغني بكرم حاتم الطائي وفراسة وبلاغة امرؤ القيس وشفافية المتنبي وتصوير لبيد ومجونية ابي تمام ليتك تصفحت قصيدة (الهجير) له نسبة الى الهجرة من سفر (مغني نامه) كتاب المغني الذي يدعو فيها للهجرة من الشرق الى الغرب مهد الأنبياء والرسل وكما يحب التراث العربي مثال كتاب زليخه نامه و كما دل في قصيدته مدح محمد, ولكن للأسف نجدك تستشهد غير عابء في اكثر اطروحاتك بشعراء من الأدب الفرنسي أمثال باسكال وفولتير وهم قد احتقروا الإسلام و رسولة محمد ولم يشذ سوى البعض منهم، امثال (جان بودان) الذي افتتن بالفكر الإسلامي و(جيوم بوستيل).

لعل تأثير دراستك للطب لم يخف مدى التراكم القسري والقهري الذي تعانية حين تدمج مصطلحات طبية لا تمت للادب بصلة في مقالاتك وكانك توهم القارئ انك طبيب ماهر محترف يتقن عملة بشدة لدرجة انه يقوم بدمج المصطلحات الطبية في مقالات ادبية بحته او سياسة محضة وهذا هو الافلاس الحقيقي بذاته يا صديقي .

نصيحة أخيرة .. قل ما شئت... وافعل ماشئت... وكن ماشئت ... هذه حريتك الشخصية .. لكن ان تلوث الوسط اليمني الصحيح السليم المعافي وتنخر في ثفافته وتشكك في اصالته وتتطاول على علماءة ومفكرية ومخلصيه فهذا ما لا يسمح به..واذهب بداءك وعلاتك وامراضك بعيدا عنا فاليمن فيه ما يكفيه من اوجاع لن تضيف عليه سمومك الا المزيد من الألم والترهل والدرن.