الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٧ مساءً

قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن اليمن: وصاية أم حماية؟

د . محمد نائف
الاربعاء ، ٢٦ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
يترقب اليمنيون هذا اليوم (الأربعاء 26 فبراير، 2014) قراراً تاريخياً يصدره مجلس الأمن الدولي بخصوص تشكيل لجنة عقوبات تراقب جميع معرقلي التسوية السياسية في اليمن وتوصي بفرض عقوبات على كل من يثبت تورطه في مثل هذه الأفعال التي تقوض الانتقال السلمي للسلطة والسلم المحلي والإقليمي والدولي حسب ما ورد في صيغة القرار http://www.sahafah.net/show1365893.html .

وينقسم اليمنيون بشأن هذا القرار الذي يأتي ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بين مؤيد ومعارض بحسب المعسكر الذي ينتمي إليه، وفيما يلي سنلقي نظرة سريعة على بعض الحجج التي يسوقها من يعتبر أن قرار مجلس الأمن المرتقب عبارة عن وصاية على اليمن و"مقامرة مكلفة":

1. القرار فيه تهديد للسيادة الوطنية، وسيضع اليمن تحت الوصاية الدولية شئنا أم أبينا، وسيجرد القادة اليمنيين من حرية اتخاذ القرار وسيجعلهم ينفذون أجندات أعداء اليمن واليمنيين ويضع حلم اليمنيين ببناء يمن جديد في مهب الريح وربما أكثر من ذلك بكثير http://www.sahafah.net/show1366047.html.

2. يمثل القرار استقواء بالأجنبي على مواطن يمني وهذا أمر مخزي ومعيب وغير مقبول حتى من قبل بعض ممن ساندوا وشاركوا وقدموا التضحيات بأرواحهم وفلذات أكبادهم أثناء الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي اندلعت في 11 فبراير، 2011.

3. يمثل القرار الدولي نقطة ضعف وليست قوة لكل أولئك الذين نادوا به وسيبتهجون ويحتفلون بصدوره، فالمجتمع الدولي لا تهمه لا الأطراف المتصارعة ولا المواطن اليمني المغلوب على أمره في البلد بقدر ما تهمه مصالحه التجارية والاقتصادية المتمثلة بتأمين خطوط الملاحة الدولية واستمرار تدفق النفط والغاز من منطقة الخليج إلى أوروبا وأمريكا وتدفق البضائع الاستهلاكية إلى منطقة الخليج التي تمثل سوقاً كبيرة لتلك المواد المصنعة في أوروبا وأمريكا.

في المقابل، هناك من يرى في قرار مجلس الأمن المرتقب هذا اليوم بشأن اليمن حلاً للخروج من هذه المعمعة وتدهور الأوضاع من النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والمعيشية التي تفاقمت بصورة ملفتة للنظر أثناء القترة الانتقالية بسبب المناكفات السياسية وعدم تحمل المسؤولية من الأطراف المتصارعة على السلطة والثروة لإخراج اليمن من الأزمات التي لازمته على مدى عدة عقود وجعلته يتخلف عن ركب التقدم الذي أحرزته كل الدول المجاورة في كل مناحي الحياة، وهنا نسوق بعض المبررات التي يرى من يؤيد القرار أنه يصب في إخراج اليمن من أزماته التي لن تنتهي إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن:

1. قرار مجلس الأمن المرتقب يهدف إلى حماية عملية الانتقال السلمي للسلطة التي مازلت تراوح مكانها من حيث التطبيق الفعلي منذ بدأت، وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وإيصال اليمن إلى بر الأمان فيما يتعلق بسير عملية الانتقال السلمي للسلطة والوصول إلى صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية وفقاً لما جاء في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية http://www.sahafah.net/show1366047.html.

2. القرار يستهدف ردع أولئك الذين يعرقلون الانتقال السلمي للسلطة من كافة الأطراف وحماية المواطن اليمني واليمن برمته مما قد تؤول إليه الأمور إذا استمر هؤلاء في القتل والتخريب والتدمير ودعم الأعمال الإرهابية والحروب التي تحصد الأرواح البريئة في أماكن كثيرة في اليمن http://almasdaronline.com/article/55067.

3. قرار مجلس الأمن لن ينتقص من السيادة الوطنية لأنه يأتي في زمن محدد ولغاية محددة تنتهي بانتهاء الغاية والأهداف المرجوة منه ومتى ما استطاع اليمنيون أن ينجزوا المهام المتضمنة في المبادرة الخليجية وتحقق الأمن والاستقرار في كافة مناحي الحياة في اليمن، فلن يكون هناك أي داعي لاستمرار وجود مثل هذا القرار نظراً لاختفاء وانتهاء المسببات التي استدعت وجوده في المقام الأول http://www.al-islah.net/new/view.aspx?id=5409.

4. قد يكون الغرض من القرار أيضاً حماية المصالح الدولية في هذه المنطقة من العالم، ولكن ما الضير إذا التقت مصالح الشعب اليمني مع مصالح المجتمع الدولي؟ لماذا لا يستفيد اليمن من هذه الخاصية التي تحتم على المجتمع الدولي حماية مصالحة من خلال دعم وحماية اليمن سياسياً واقتصادياً وأمنياً؟

هذه بعض المبررات والحجج التي يطرحها معارضو قرار مجلس الأمن الدولي المرتقب ومؤيدوه بناءً على ما يتردد هذه الأيام في المواقع الإخبارية على الانترنت والصحف وكذلك ما يدور من حوارات ونقاشات وسجال بين الموطنين في الشارع اليمني.

في ظل ظروف طبيعية، أعتقد أنه لا يوجد أي يمني عاقل يرضى بأن تفرض عليه أي نوع من الوصاية لأن الوصاية أياً كان نوعها لا تفرض إلا على قاصر غير راشد أو غير عاقل لا يستطيع أن يسير ويدير أمور حياته بمفرده. يبدو أن من بيدهم مقاليد الأمور في اليمن من سياسيين ورؤساء أحزاب ومثقفين ومفكرين ومنظرين سياسيين لم يغتنموا الفرصة بعد توقيع المبادرة الخليجية ويثبتوا للعالم أننا فعلاً أهل حكمة وقادرين بتسامحنا وسمونا في فوق كل جراح وآلام الماضي على وضع الحلول الناجعة لمشاكلنا بأنفسنا، والدليل على ذلك أن التسوية السياسية خلال العامين الماضين مرت بمخاضات عسيرة في كل خطوة من خطواتها واستدعت في كثير من مراحلها أيضا تدخلات دولية وحتى مخرجات الحوار الوطني، التي قد نتفق أو نختلف حول بعض منها، لم تخرج إلى حيز الوجود إلا بشق الأنفس وبضغوط خارجية والآن يتربص بها حتى أولئك الذين -ظاهرياً- وافقوا ووقعوا عليها ويعملوا كل ما في وسعهم في الخفاء على تقويضها وتشويهها ليل نهار!

للأسف الشديد، يبدو أننا أوصلنا أنفسنا إلى هذه الحالة بعنادنا وبأيدينا، ولا يستطيع المرء أن يقول، في ظل مثل هذا الحال، إلا كما يقول المثل الشعبي اليمني: "يستاهل البرد من ضيع دفاه" ولا حول ولا قوة إلا بالله، والسلام خير ختام!