الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٩ صباحاً

القرار فرصة تاريخية للرئيس هادي وللمعرقلين

عباس الضالعي
الجمعة ، ٢٨ فبراير ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٤٠ مساءً
قرار مجلس الامن رقم 2140 هو حديث الساعة بالنسبة لليمنيين بين مؤيد ومعارض ومتفرج ، رغم محاذير الفصل السابع الذي يندرج القرار تحت بنوده الا انه يعتبر فرصة اخرى للرئيس والحكومة لانجاز مطالب التغيير الحقيقية.

حظي الرئيس هادي بفرص لم يحظى بها أي حاكم قبله وربما كثير من الحكام ، في 21 فبراير اجمع اليمنيين عليه وتم انتخابه بالتزكية الانتخابية لتولي مهام الفترة الانتقالية لمدة عامين ، وفي 25 يناير 2013م تم الاعلان عن وثيقة الحوار الوطني التي شاركت فيها كل القوى السياسية والمجتمعية ، في 26 فبراير 2013م وافق مجلس الامن الدولي وبالاجماع على اصدار قرار يضع المعرقلين للمرحلة الحالية امام عقوبات اممية مختلفة
ثلاث فرص تعتبر تاريخية وكلها تمثل دعم كبير للرئيس هادي الذي لم يستغل هذه الفرص لفرض الية التغيير والانتقال بشكل وطني وفق اهداف التغيير ، وراء كل فرصة يلاحظ على سياسة هادي التعثر الذي قد ربما يكون له اسباب منطقية متعلقة بالتعقيدات السياسية وبعضها له علاقة برغبة شخصية من هادي بهدف اطالة الفترة ما يجعل التمديد امر طبيعي وهو ما حصل فعلا.

عقب كل فرصة من هذه الفرص يصدر هادي عددا من الوعود التي نكتشف فيما بعد انها وعود نارية للاستهلاك الاعلامي فقط ، لانه لا يمكن ارجاع اسباب الاخفاقات الى عوامل التعقيدات السياسية دون ان ادراك الجوانب الذاتية المتعلقة بقدرات ورغبات هادي اضافة الى العوامل المحيطة بدائرته القريبة التي لها صلة بتلك الاخفاقات.

يبدوا ان هادي يعاني من الخلط بين دوره كرئيس دفعت به الثورة الشبابية الى سدة الحكم وبين دوره كقائم بالاعمال نيابة عن الحاكم السابق الذي اقتلعته الثورة بكل تأكيد وهي الحقيقة المطلقة التي لا يمكن تجاهلها من احد ، هذا الخلط زاد من تعميقه في نفسية هادي الدائرة المقربة من هادي وهي التي تفرمل عزيمته من احداث نقلة نوعية للتغيير ربما لانتهاز اكبر قدر من الوقت بإعتبار الفترة فرصة قد لا تتكرر فيما بعد بالنسبة لهؤلاء.

لا يمكن انكار او تجاهل وضع الفترة الزمنية التي جاء فيها هادي الى السلطة وشدة التعقيدات الميدانية والسياسية وهو امر طبيعي امام رغبات الحاكم السابق الذي لا يزال ينظر للسلطة على انها حق خاص به وبدونه فالخراب هو البديل ، صحيح ان هذه القناعة هي التي سيطرت على الرئيس السابق وحولته الى منتقم من كل شيء.

وظيفة هادي الدستورية والواقعية المسنودة بالارادة الشعبية والمبادرة الخليجية خولته للقيام بإجراءات الانتقال السياسي لليمن وهذا الجانب هو الذي تشعب فيه هادي وتاه واخفق في كثير من جزئياته وبدا يستسلم تدريجيا لسياسة التوازن وهي السياسة التي يفشل معها التغيير الحقيقي
الفساد ، هيكلة الجيش والامن ، العدالة الانتقالية ، احلال العناصر النزيهة محل العناصر المتورطة والمشبوهة بقضايا فساد ، كل هذه الملفات وضعها هادي على طاولة التوازن رغم ان الاتفاقات المتعلقة بتنفيذ الية المبادرة الخليجية كلها تؤكد على ضرورة الانتقال السلمي وفق الارادة الثورية ومقتضيات التغيير ، لكن هادي استسلم للتوازن واقتنع ان التغيير الجذري قد يؤثر علي فترته كحاكم.

اخفاقات الفترة السابقة وعدم استغلال الفرص من قبل هادي هي التي ادت الى تبني مجلس الامن قرار يوقف المعرقلين الذين استغلوا ضعف هادي وتمادوا في ممارسة الجرائم والاعمال الارهابية الى ان وصل المجتمع الدولي الى قناعة بضرورة الاهتمام باليمن قبل ان يتحول الى بؤرة منتجة للارهاب الدولي وهو نتيجة طبيعية لغياب القانون وضعف السلطة وحصانة المخربين.

هادي امام فرصة قوية وعليه ان يستثمرها لصالح اليمن وان يعتبرها اداة قوية للتغيير ويقوم بإزاحة الفاسدين والفساد وان يقوم بإحداث نقلة نوعية للبلد ، غير ذلك فإن هذه الفرصة ستتحول الى نقمة وسيكتوي هو بنارها قبل غيره ، امامنا ايام وسنرى مالذي سيحدث من هادي ، ان .. والا العود احمد !!

امام الرئيس هادي فرصة جديدة اذا كانت نواياه صادقة ومخلصة لاصلاح الوضع ، فهذه هي الفرصة الثالثة التي تمنح له ولديه الان الدعم الاممي وعليه ان يستغل هذا الدعم للبناء والتغيير ، ليس للرئيس هادي أي اعذار ولا داعي بعد هذا القرار للتأتأه والشكى والتحجج
القرار يعتبر عصى بيد هادي فلا يستخدمها في غير محلها وعليه ان يستخدمها لبناء البلد ان كان صادق الوعد مثلما يقول
الان وبعد كل هذه الاخفاقات ، اليمن والمعرقلين وكل القوى امام امر واقع لا يمكن التنصل عن التعامل معه بإيجابية ، وهذا ما يجب ان يفهمه الرئيس السابق والتشكيلات التي يعتمد عليها ، وبنفس المستوى والاهمية يجب ان يفهم الرئيس هادي والقوى السياسية التي ساهمت بالثورة ودعمها ان المرحلة تتطلب انجازات وتتطلب استكمال الملفات والقضايا المعلقة والسير بجدية نحو انهاء المرحلة الانقالية وبموجب القرار فإن وثيقة مخرجات الحوار هي خارطة طريق واضحة.

عمليا وسياسيا هذا منطقي لان الوثيقة شارك في صياغتها كل القوى السياسية والمجتعية والتنصل لهذه المخرجات هو هروب من الاستحقاقات والالتزمات المطلوب تنفيذها ، يلاحظ ان بعض القوى السياسية تتعامل مع وثيقة الحوار بإزدواجية وانتهازية واضحة فمن ناحية شاركت بعض القوى على صياغة بنود الوثيقة ووقعت عليها ومن ناحية اخرى ترفض الالتزام بها وتنفيذها اما بصورة مباشرة او غير مباشرة وهذا ناتج عن ضعف هادي وسيطرة فكرة التوازنات على حركته العملية.

المعرقلين لا خيار امامهم سوى الالتزام بقواعد المرحلة ومتطلبات التغيير وبدون ذلك فهم اعداء للوطن لان العرقلة في اليمن لم تتوقف عند التجاذبات والحرب الاعلامية اوممارسة الاعتراض بالوسائل السلمية ، فالعرقلة في اليمن طالت النفس والمال والعرض واصبحت العرقلة عنوان لممارسة الفوضى والارهاب وهو الذي لم يعد يتحمله المواطن.

علي عبد الله صالح وتشكيلاته ( الحوثي والحراك المسلح والقاعدة المحلية وسياسة دعم الفاسدين ) وعلي سالم البيض وفرق القتل والفوضى الممثلة بالحراك وتشكيلاتة المناطقية لم يعد امام هؤلاء جميعا الا الالتزام او مواجهة الشعب والمجتمع الدولي وهنا سيكون الخاسر هو الوطن الذي يتذرعون بالعمل لأجله.

هادي بموجب الفرصة القوية المدعومة بالقرار 1240 عليه ان يغير من اسلوب ادارته وان يبني على اسس سليمة وعليه الابتعاد عن سياسة التوازنات والتغيير وفق قاعدة لعبة الشطرنج التي كان يمشي عليها صالح وتسببت بقلعة من الحكم بثورة شعبية
على الرئيس السابق الايمان بأن التغيير سنة وان العودة الى السلطة عبر التفجيرات وقطع الكهرباء واستخدام القاعدة للقتل والاهاب ودعم الفوضى ونشر الاشاعة والاعتماد على التظليل والعمل كطاهرين وابرياء وان كل هدفهم هو ممارسة الزهد ، كل هذه امور مفضوحة ومكشوفة ولا تقنع حتى من يقومون بتنفيذها.

علي صالح حكم وافسد وعليه ان يعي انه امام ارادة شعبية ودولية وان اللعب على المتناقضات لن ينتج عنه سوى اهلاك اليمن الذي نأمل ان يكون حريصا عليها والحفاظ على تاريخ!!! 33 عام من الحكم.

عليه ان يعي متطلبات المرحلة بعيدا عن العاطفة وضرورات الحقد والانتقام وعليه ان يفهم ان من يزينون له اعماله ويشبعون رغباته هم اول الفارين من حوله ، عليه ان يفهم ان الاخونة وهم وكذبة هو من صنعها وان القاعدة والحوثي وكل بؤر الشر لن تؤتي له الثمار الطيبة
استعادة الاموال المنهوبة قضية وطنية ولا يجب ان يقنع صالح نفسه زورا انه حكم اليمن على نهج عمر بن عبد العزيز ، عليه ان يعي ويعرف مثلما الشعب يعرف ان فترة حكمه كانت عبارة عن استباحة لكل الثروات دون أي رادع ، عليه ان يعي ان جزاء ممارسة الجرائم منتظرة ولن يفلت منها
عليه ( صالح ) ان يبادر .. وعلى الكل ان يتعامل مع القرار كفرصة اخيرة سواء للبناء او لمقتضياته .. كتبت هذا من باب اعطاء الفرصة رغم ان تفاؤلي ضئيل !!