الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٥ مساءً

ما قاله الجندي لم يكن زلة لسان

طارق عثمان
الأحد ، ١٦ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٧:١٩ صباحاً

عندما خرج عبده الجندي من بياته الشتوي الطويل ليعقد مؤتمرا صحفيا ويشير فيه إلى تحالف المؤتمر مع الحوثي لم يكن ذلك زلة لسان منه ولا هي هفوة من هفواته ولا هي حالة من حالات التوهان التي تعتري البعض فيقول كلاما يضمر معانيه فيجري على لسانه دون قصد .
بل خرج الرجل ليقول هذه الجزئية بالتحديد وعلى وجه الخصوص ثم يعود إلى بياته مرة أخرى .

خرج ليقولها بالتزامن مع إخراج ياسر العواضي لصورة قديمة من ألبومه المنتفخ بالصور عمرها سنوات تجمع بينه وبين أهم قياديين حوثيين ، المداني وأبو علي الحاكم ليسطر أعلا الصورة (من أفضل الرجال، وأنبلهم، وأوفاهم ) .
عندما يتكلم هذان الشخصان فكأنما صالح شخصيا يتكلم فهما أبرز ألسنته المشقوقة .

لم يكن كلام الشخصين بمعزل عن حركة تروس الماكنة الإعلامية لصالح التي تحتوي صحف ومواقع و قنوات و التي اشتغلت جميعها خلال الأيام السابقة لتصبح أبواق يلتقمها الحوثي و يعوض بضجيجهما خفوت آلته الإعلامية التي يعلوها الصدأ بسبب خطابها الماضوي الموغل في القدم .

والسؤال الذي يطرح نفسها ولماذا يظهر هذا الإشهار الكرنفالي للزواج العرفي الذي ظل فترة طويلة طي الكتمان
أما الجواب فهو بعض أو كل ما يلي :-

1- هذا الإشهار لطمأنة المحيط الإقليمي من الحركة الحوثية وإنها في بيت الطاعة العفاشية ولا تستحق أن تكون في قائمة الإرهاب ، فهي في مخدع الحليف القديم الجديد للأنظمة الخليجية ولا داعي للقلق منها و إن تحالفه معها هو شهادة حسن سيرة وسلوك وأنها يجب أن تكون من المحصنات كما هو محصن وإن تأثيره عليها يفوق التأثير الإيراني وهو الضامن لها في أنها لن تكون مصدر إقلاق لدول الإقليم بل ستكون منفذة لأجندتهم عبر حليفهم وو لي أمرها أو حليفها و على هذه الأنظمة أن تستمر في دعمها السخي دون أي هاجس .

2- إبراز ثنائي قوي قادر على مواجهة الإرادة الدولية بعرقلة المسار السلمي و في الطرف الآخر تقديمه للإقليم كقوة قادرة على كبح الربيع وسحق أزهاره و منع أي تقدم للتيار المحسوب فكريا على الإخوان .

3- الإبتزاز السياسي للحكومة الحالية للحصول على أقصى إستفادة ممكنة ولتحسب ألف حساب لكل خطوة قد تقدم عليها من شأنها إحداث تغيير في خارطة المصالح ويخل بمعادلة التوازنات في شكلها الحالي التي تميل لصالح النظام القديم تمهيد لمزيد من المكاسب لصالح الثنائي في مقابل الإقصاء التام لممثلي الثورة .

4- رسالة إلى كل أتباع الطرفين للتخلي عن كل عداواتهم السابقة إن كانت لدى البعض عداوات فنحن حلفاء وحلفاء أوفياء و ضد طرف محدد تلتقي مصالحنا كثنائي ومصالح الإقليم في التصدي له ، ولذلك من الأفضل أن يعمل كل شخص من موقعه لخدمة هذا التحالف بما في ذلك دفع بعض المشايخ لمراسلة ملوك وأمراء المنطقة لتحريضهم على هذا الطرف . و كذلك تنسيق المواقف الميدانية بالتحرك المشترك لإسقاط المناطق تمهيد للإجهاز على صنعاء .

5- إضعاف موقف الرئيس هادي ومحاولة إشعاره بالعزلة و أنه في الطرف الخاسر و إن استمراره في تصلبه في بعض القضايا لن يقوده إلا إلى الخسران كما خسر كل من وقف مع هذا الطرف كما يحاولون الترويج .

6- إستقطاب القوى التي اعتادت أن تعيش كطفيليات تلتصق بأجساد الكائنات الضخمة لتعيش حياتها والتي سيجذبها هذا الكائن الجديد العملاق الذي بدأ يتشكل .

و في سياق يبدو مغايرا تأتي تصريحات ضاحي خلفان التي يقول فيها أن الحرس الثوري الإيراني هو من حارب أولاد الأحمر في حاشد ، مما قد يوحي بأن من يمثلهم ضاحي يقفون في مفترق طرق وأنهم يحسون بالخطر ولذا جاءت تصريحاته هذه و التي رافقتها شحنة من الديزل كمعونة لليمن .
لكن الحقيقة تقول أن ضاحي على اتصال شبه يومي مع السفير أحمد علي المقرب من الحوثيين منذ ظهر على السطح و هو يدرك أن صديقه وحلفاءه يسيرون وفق خطة مرسومة وإن هذه التصريحات ما هي إلا قنابل دخانية لإخفاء الموقف الحقيقي الداعم للتحالف الثنائي .
لا داعي للقول أن هذا وقوع تحت تأثير نظرية المؤامرة
فالذين قالوا أن الثورات العربية كانت مؤامرة أصبحوا يهاجمون من يقول أن الثورات المضادة هي المؤامرة الحقيقية وأن ما يحدث لا يحدث بعفوية .

ما يفوت هؤلاء هو إدراك أنهم يقفون في المربع الخاطىء بغض النظر عن موازين القوى الظاهرة ، هم يقفون في معاداة الشعب ويعيقون تقدمه ويعملون على إقلاق سلمه و يزعزعون إستقراره ولذا فهو من سيتصدى لهم مسنودا بكل القوى الخيرة في الوطن والعالم و فوق ذلك إرادة الله الغلابة