الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٥ صباحاً

من السهل إيقاف الصراع سياسياً ..

أصيل القباطي
الأحد ، ١٦ مارس ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
تاه الكثيرون في توصيف الصراع الدائر شمال اليمن بين توصيفه تارةَ بالسياسي و تارةَ بالطائفي، حيث وأنه من المهم جداً إيجاد التوصيف المناسب لهذا الصراع، خصوصاً من النخبة السياسية التي توهت معها الشعب الذي يعيش في قلق مما قد تؤول إليه نتائج هذا الصراع في ظل التوصيفات المقلقة له، فحالة الإحباط التي يعيشها الساسة تولد لدى الشعب قدراً من الإحباط يساعد في تأجيج هذا الصراع بإنخراط فئات الشعب المحبطة فيه.

فمن كثر ما سمع المواطنون الشعارات المتشنجة، أصبح ألسنتهم تردد إرادياً ولا إرادياً "قارحة، قارحة، قارحة" ، "خلال يومتين بتقرح في صنعاء" وهكذا مرت يومان و ثلاثة وشهر وشهران دون أن يتحقق شيءُ من ذاك التوقع.

إن الأطراف السياسية التي تتقاتل وتبرع في خلق التبريرات المناسبة للصراع تعي جيداً أن صنعاء بمعزل عن القتال المسلح، مهما قربت بؤر الإشتباكات منها، فلا طرف مستعد لإن ينقل الصراع إلى صنعاء، فكل الأطراف تعلم أن هنالك لجنة دولية شُكلت لمراقبة الإنتقال السياسي في اليمن بموجب القرار 2140، وأن أي طرف سينقل معاركه إلى صنعاء، بإعتبارها مركز ثقل الدولة ومؤسساتها ، سيُعتبر معرقلاً وستفرض عليه عقوبات دولية، وربما لإن الصراع الدائر يُدار بتوجيهات مراكز قوى في صنعاء، وإمتداد الصراع إليها سيحرق تلك القوى قبل كل شيء، ومزاعم أن الحوثي يزحف إلى صنعاء لا تعدو عن أنها احدى الوسائل للإبتزاز السياسي.

الجميع يعرف أن تلك الأطراف المتحاربة ـ جميعها ـ لها إرتباطات بالخارج، ولها مصالح بالخارج كأرصدة وداعمين وإستثمارات، يعني بإمكان للرئيس أن يوقف هذا الصراع إن لوح، بمساعدة دولية، بتجميد أرصدة المتصارعين، و ان المجتمع الدولي سيعتبرهم معرقلين، يكفي أن يُقال لهم أن أرصدتهم التي في الخارج ستجمد، وكما يُقال، فإن القرش يلعب بحمران العيون.

بهذه السهولة يمكن إيقاف النزاع العبثي، وأراهن أنه إذ اتخذت تلك الخطوة فإنه سيتوقف لفترة طويلة و للفترة التي تكفي الدولة لتعزيز حضورها و بناء مؤسساتها الدفاعية والأمنية بالشكل الذي يمكنها من فرض وجودها على جميع من يحملون السلاح في الوقت الحالي.

بإمكاننا أن نعرف أن هذا الصراع صراع سياسي بإمتياز من إمكانية إيقافه بطرق سياسية عدة منها الطريقة سابقة الذكر، و لعلنا عندما نوصفه بالطائفي فإننا نرتكب جرماً بحق الواقع الذي يفرض معطيات تنافى و شروط الصراع الطائفي الذي يحمل في مبرراته أبعاداً سياسية ومذهبية، وأحيانا مناطقية حين تتكتل المذاهب في جغرافيا محددة ومعروفة للجميع، فهل ما يجري الأن يحمل الصبغة الطائفية ؟ و إن كان طائفياً، فإن الإندفاع الطائفي نحو المواجهة لا يمكن أن توقفه هدنة أو صلح إلا أن يفني طرفاً الطرف الأخر، فما بالك بتلك الهدنات و تلك المصالحات وتلك المبررات أيضاً التي إن حللنا حيثياتها سنكتشف أنها سياسية و إن الهدف منها غالباُ إما التوسع الجيوسياسي أو الدفاع عن مناطق نفوذ.

لذا فإن الحل سياسي قبل كل شيء، والصراع أيضاً سياسي، وكل الدعاوى التي تتحدث عن "هيبة الدولة" لا تعدو عن كونها مزايدات سياسية، يعلم أصحابها بإن الجيش لا يمكن أن يتدخل و يعلمون أنه إذا ما تدخل فإن كارثة مدمرة للدولة ستحدث، لذا فلا داعي للمزايدة تحت راية "هيبة الدولة".