الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٢٩ صباحاً

عن توكل كرمان: الطفلة التي تلهو بجائزة نوبل!

عبدالواسع السقاف
الاربعاء ، ١٩ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٧:٤٠ مساءً
عندما تأملت مقال المستشار أحمد المسلماني (مستشار الرئيس المصري الإعلامي) بعنوان "طفلة تلهو بجائزة نوبل" والذي تحدث فيه عن جائزة نوبل للسلام التي فقدت الهيبة وأصبحت عبئًا على جوائز نوبل الأخرى، وعن خطورة ما تضمنته وثائق الجائزة من أن جانبًا من أهدافها هو "إلغاء الجيوش" تحت دعوى "إلغاء الحروب"، وكيف أن توكل كرمان التي حازت على جائزة نوبل للسلام صعدت من الصفر إلى الصفر في زمن محدود، وإنه لا يوجد ما هو معروف من سيرتها الذاتية سوى أنها عضوة في جماعة الإخوان المسلمين باليمن، وأنها (أي توكل) لا تفقه عن مشاكل اليمن الحقيقية والاقتصادية شيء، وجدت غصة ومرارة حيث وأن المقال يحمل الكثير من المصداقية التي فُقدت حقيقةً في زمن الكذب الإعلامي وتزييف الحقائق! فما قاله المستشار لا يخرج عن الحقيقة!! مالذي فعلته توكل كرمان لليمن بحصولها على جائزة نوبل! وماهو الفكر الثوري الذي نشرته! وما الذي حققته للمرأة والذي بسببه أستحقت عليه الجائزة (كما جاء في حيثيات منح الجائزة لها)! ولكن ما أغصني أكثر ردها بتغريدة قالت فيها "حين يكتب ضدك المستشار الإعلامي للرئيس المعين من قبل الانقلاب العسكري الفاشي في مصر، الذي اطاح بمكتسبات ثورة مصر العظيمة وديمقراطيتها الناشئة فهذا فقط دليل على أنك في الجانب الصحيح من التاريخ"!!

هكذا ردت "الطفلة" على نقد المستشار بكل غرور! توكل كرمان الشخصية التلقائية أو كما وصفها المستشار "بالطفلة" تظهر في مواقف لا تليق بحامل جائزة بحجم نوبل، وتصول وتجول بعبارات على مواقع التواصل الاجتماعي لا تمت تلك العبارات بصلة للسلام الذي منحها الجائزة! حتى أنها خاضت في الدين والشريعة وقالت أن الدين الإسلامي مصدر إلهام وليس مصدر تشريع وغيرها من اللغو! عندما ظهرت في برنامج بلا حدود للمذيع "الداهية" أحمد منصور لم تستطع إقناع المشاهد العربي بكل بساطة لماذا مُنحت هذه الجائزة، وظهرت في البرنامج "طفلة" سعيدة جداً بما حققته، ولكنها بالوقت ذاته تهدد وتتوعد وكأنها "الرئيس الأمريكي" شخصياً، وتناست أنَّ الجائزة جائزة سلام لا جائزة حرب! قالت في ردها لسؤال "ماذا حققتي للمرأة اليمنية؟ بأنها عملت ندوات عن الزواج المبكر وتمكين المرأة"! ولو كانت الجائزة تُمنح فقط لهذه النشاطات لكانت رمزية الأرياني رحمها الله، ورؤفة حسن وبحرية ورضية شمشير وغيرهن من الناشطات في مجال تمكين المرأة واللاتي أفنين أعمارهن في خدمة المرأة اليمنية أحق منها بكثير بهذه الجائزة! وكما قال المستشار لم تستثمر "الجائزة الخطأ" في "العمل الصواب"، فلم تقدم لليمن أي شيء من خلال حصولها على الجائزة، سوى حضورها مؤتمرات وسفرياتها في الداخل والخارج!

وحتى لا يفهم القارئ أن المقال تحامل على شخص توكل كرمان، فالأخيرة لا تعنيني في شيء إلا أن أقول لها صراحة كلمة حق علها تستيقظ من أوهام العظمة والتقديس التي تعيش فيها: إنَّ جائزة نوبل كانت إضافة لليمن وحصول أي يمني على الجائزة يُعد فخراً لليمنيين، وأننا فرحنا بحصول توكل كرمان عليها ولكن ماذا فعلت بهذا التشريف! أقول لتوكل كرمان "الطفلة" الثورية: ماذا فعلتي لأسر شهداء جمعة الكرامة في ذكراها الثالثة التي صادفت يوم أمس! ماذا فعلتي لأسر الشهداء الذين لحقوا بك ذلك اليوم المشئوم لقرب مبنى رئاسة الوزراء خوفاً عليك، فقُتلوا! ماذا فعلتي لمعتقلي الثورة الذين مازالوا في السجون حتى يومنا هذا! ماذا فعلتي لجرحى الثورة الذين لم يستطيعوا العلاج! ماذا فعلتي لتحسين صورة اليمن في الأمم المتحدة حتى تحصل على نصيبها من الدعم الأممي للأستقرار والتنمية! هل يا تُراك تعلمين عن مشاكل اليمنيين الذين صعدتي على أعناقهم وماهم فيه من فاقة ومرض وما يستدعي تدخل ودعم أكبر من هيئات الأمم المتحدة والمانحين! أين مواقفك مما يحدث الأن من صراعات ونزاعات وقتل يا صاحبة "جائزة السلام"! هل مازلتي تشاهدين القنوات اليمنية وتتابعين مايحدث على الأرض، أم أن الجائزة أخذتك بعيداً إلى لغات وكيانات أخرى لا تمُت لواقع اليمنيين بصلة!

بدلاً من أن تأخُذك العزة بالأثم وتردي على كل من لفت أنتباهك لحقيقة مُرة وواقع أليم بكلام الأطفال "بأنك في الجانب الصحيح من التاريخ "، عليك أن تقرأي التاريخ أكثر وتفهميه أكثر، فالتاريخ لا يخلد الجوائز ولا الشهادات، بل يُخلد الأعمال التي يقوم بها من يستحقون أن يكتب التاريخ عنهم، فغاندي كما قال المسلماني لم يحصل على جائزة نوبل، ولكن التاريخ والعالم يذكر من هو مهاتما غندي وما حققه لبلاده!