الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٠ مساءً

مستقبل الشقيقة الكبرى في ظل التحولات الداخلية

أصيل القباطي
الجمعة ، ٢٨ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٦:٤٠ مساءً
قبل سنة أو أكثر قليلاً، كشف "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى"، في مقال مطول كتبه أحد باحثيه، عن أن مقرن بن عبدالعزيز هو الملك السعودي القادم. مقرن، الابن الخامس والثلاثون لعبدالعزيز أل سعود، أصبح ولياً لولي العهد ، يبدو كقرار استباقاً لإعلان خلو أحد منصبي الملك وولي العهد أو كليهما، ربما .. من يدري..؟

النظام الملكي، كما هو معروف تاريخياً، أسلوب حكم مليء بالألغام التي بإمكانها أن تنسف النظام بأسره إذا ما انفجر أحدها. المملكة العربية السعودية تسير وفق نهج هو الأسوأ بين بقية أساليب الحكم الملكي، كملكية مُطلقة تحمل اسم عائلة مالكة تتكئ على مؤسسة دينية تتمتع بنفوذ واسع، وهذا هو الأسلوب الذي نشأت السعودية على أساسه بتحالف "عبد العزيز - عبدالوهاب" وبدعم سخي من بريطانيا.

تُفتش في الخريطة عن أرض تاريخية اسمها التاريخي حتى قبالة المائة عام "نجد والحجاز"، فلا تجد لهما أثراً إلا كبقعتي زيت في محيط أحاط على أغلب أراضي الجزيرة العربية سُمي لحظة سهو تاريخي فادح بالمملكة السعودية. لقد أسقط أسلوب الحكم السعودي، لما يُقارب قرناً، هويات رسخت لتاريخ طويل وأفرغها عن محتواها لتصير هويات فرعية عن فرعية تضيع أمام لقب عائلة لا يجاوز تعداد افرادها العشرين ألفاً حسب تقديرات مُبالغ فيها.
***
هذه الفترة يتفسخ خلالها النظام السعودي أكثر من ذي قبل، وبوتيرة متسارعة ستقوده إلى فقدان صبغته التي إعتاد عليها غطاءاً يوارب به الكثير من الاستحقاقات المفروضة عليه داخلياً وخارجياً، وتتكاثر فيها العُقد التي يواجهها وستعوق كل حركة إلى الأمام أو حتى إلى الخلف قد يسعى إليها. يبدو أن العلل قد شاعت في جسد الأسرة السعودية الحاكمة، بين توحد وزهايمر ومرض الملكية، وهو الأخطر، وأُخريات.

هل وضع عبدالعزيز ال سعود ضمن أفق تخطيطه أن التزوج من 29 امرأة بغية استمالة عائلاتهن، وإنجاب سبعين ولداً وبنتاً، لنقل ست وثلاثين ولداً سعياً لتخليد ذكراه وتحصيناً لمملكته الناشئة، أن كل هذا لن يولد صراعاً بين الأبناء عندما يكبرون من يكون الخلف وبين أبناء الأبناء من يكون خلف الخلف..؟ حسناً، لقد عُديت مرحلة الخلاف بين الستة والثلاثين الإخوة، فبقي منهم أربعة عشر أخاً، يكون أصغرهم ولياً لولي العهد في حين أن من يكبره غيبوا، ولأسباب ما، عن الظهور عدا سلمان الذي غادر سريعاً قمة الكويت الأخيرة.
***
كيف لمُقرن الأصغر سناً بين أمراء الصف الأول أن يتقدم كراسي الانتظار لولاية العهد حال أصاب مكروهاً - لا قدر الله - العاهل الملك عبدالله، في حين أن الأسبقية للأكبر؟ وهل يُصدق أن هيئة البيعة هي فعلاً من تدير لعبة الكراسي..؟

مُقرن بن عبدالعزيز، أمه يمنية الأصل واسمها بركة اليمانية، كان قد أُقيل عن رئاسة الاستخبارات السعودية لصالح بندر بن سلطان، الوحيد القادر على تعديل كفة التنافس بين قطر والسعودية على بسط نفوذهما على المجموعات المسلحة في سوريا، ومثل تعيينه - مُقرن - بعدها بثلاثة أشهر نائباً لرئيس مجلس الوزراء مفاجأة بالنسبة للسديريين الذين اعتقدوا أنهم تمكنوا من التخلص من شبح أن يكون مُقرن أحد منازعيهم الحكم مستقبلاً. هل بإمكاننا أن نربط بين الأخبار التي تحدثت عن تقديم بندر بن سلطان لإستقالته
مُقرن، أخر أمراء الصف الأول، هو السدادة الأخيرة لنشوب خلاف على منصب ولي العهد، فلنتخيل إذا ما أصبح مُقرن ملكاً، لنتخيل فقط، فمن سيكون ولي عهده..؟ بالتأكيد من يبقى من أخوته لن ينالوا هذا المنصب، فلا يجوز، وفقاً للائحة الداخلية لهيئة البيعة، للأكبر سناً أن يكون ولي عهد للأصغر سناً. فابن من سيكون ولي العهد..؟

آنذاك، ستتفجر نزعات الـ(دي إن أيه) لدى أمراء الجيل الجديد في عائلة آل سعود، فأحفاد حصة السديري سيتكتلون معاً لئلا تخرج الولايةُ عنهم فجدتهم كانت الأحب إلى قلب المؤسس، وأحفاد طرفة هم أبناء الملك فيصل ذي الانجازات فكيف تترك الولاية بعيدة عنهم؟، وأحفاد فهدة أم عبدالله لن يتنازلوا عن إرث والدهم أو عمهم، وأما أحفاد لولوة وموضي وهيا وبزة وفطيمة ووضحى وطرفة فلن يبقوا مكتوفي الأيدي وهم يرون إرث جدهم يتقاسمه الأخرون بمنأى عنهم، فقد حان موعد استعادة الحق! حينها هيئة البيعة ستركن للصمت.
كل هذه مجرد سيناريوهات لما قد يؤول إليه الوضع في مملكة آل سعود، وإلا فما زال هنالك ملك وولي عهد ووليُ ولي عهد، وليُطل الله بعمر الملك عبدالله ما شاء له أن يُطيل.