الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢١ صباحاً

أين صندوق رعاية المبدعين؟

عارف الدوش
الاثنين ، ٣١ مارس ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
تفتك الأمراض بالناس والنخب ،المثقفين ،قادة الرأي ،الكتاب ،الصحفيين ،السياسيين ،القانونيين يتحسرون ويبكون ويعلنون " قهرهم ،حزنهم " ينثرون حبرهم على الورق ويسودون الصفحات الإلكترونية في مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة عندما يفتك المرض بمثقف ،صحفي ،فنان ،أي مبدع هذا ما يقدرون عليه للإسف.

آخر الراحلين من فتك به مرض السكري المبدع ،الفيلسوف، الأديب، الشاعر،الناقد ،الكاتب الصحفي وقبل ذلك العريف المحارب في صفوف قوات المظلات التي دافعت عن الثورة والنظام الجمهوري في معارك ملحمة السبعين يوماً أواخر 67 أوائل 68م، هكذا نحن نصرخ ونصيح عندما يفتك المرض بأحد مبدعينا ثم نعود ننقب عن ما كان لاحول لنا ولا قوة إلا التنقيب عن فضائل وتاريخ الراحلين.

الفقيد عبد الله علوان وقبله الفقيد عبد الرحمن سيف وقبلهما الفقيد عبد العزيز إبراهيم الفنان التشكيلي وقبلهم الشاعر الجبلي وقبلهم وقبلهم وسيأتي بعدهم وبعدهم آخرون، ألا نستطيع أن يكون لنا موقفا آخر غير البكاء والعويل على مبدعينا بعد الرحيل أو الغضب والصياح والمناشدات من أجل إنقاذهم عندما تبدأ الأمراض تهاجمهم "إيوب طارش، عبدالباسط عبسي، سونيا المريسي" وغيرهم كثيرون لا نعرفهم أو لم نهتم بهم أو هم في بيوتهم يفضلون الموت بعزة نفس على أن يشحتون من مكان إلى آخر.

أتذكر مرارات الألم عندما كان السرطان يفتك بالفنان التشكيلي عبد العزيز إبراهيم ومعاملته التي بدات في الوقت الضائع تسير كالسلحفاة من مكتب إلى أخر كتبت وصرخت في صحيفة الثورة لكن السرطان كان يفتك بجسم الفنان عبد العزيز، أما القهر والغبن هما أن تسمع أو تقرأ أن بند العلاجات والمساعدات انتهى وقد تم توزيعه وهو بند ارقامه لا تذكر.

وعندما يمرض مبدع إذا أمه دعت له يحصل على منحة علاجية فتطبل الصحف ومواقع الأخبار والتواصل الإجتماعي ويعلم الله تصل تلك المنحة العلاجية أو نصفها أو ربعها أو يعيقها " حمران العيون" فيهلك صاحبها قبل أن تنقذه تلك المنحة العلاجية من المرض

وأتذكر صديقي ورفيقي وزميلي في المهنة الفقيد الإديب ،الشاعر ،الكاتب الصحفي ،المناضل العنيد عبد الرحمن سيف إسماعيل كان قد حصل على منحة علاجية لقلبه المتعب إلى المستشفى التخصصي في الطائف بالسعودية وذاق الأمرين حتى وصل إلى الطائف في نفس يوم الموعد المخصص له فكانت الكارثة أنه من أجل أن يحظى بالعلاج كان يتطلب الأمر وصوله قبل ذلك بيوم وطارت المنحة العلاجية لأن أخذ موعداً جديداً يحتاج إلى شهور وربما سنة كاملة وعاد صديقي بقلبه المتعب ففتك به المرض ورحل ورثاه الجميع هذا الذي يقدرون عليه الرثاء والتنقيب عن فضائل الراحل فقط .
لكن ما الفائدة أن نسود الصفحات وننقب عن فضائل من يرحلون، ألا توجد طريقة أخرى نحميهم بها من الأمراض الفتالكة ،اعتقد يوجد لو أردنا، بالأمس عبد العزيز إبراهيم ،رؤوفة حسن ،عبد الرحمن سيف اسماعيل وغيرهم كثير واليوم عبد الله علوان وغداً أخرون ،اعتقد نستطيع لو شحذنا هممنا ورفعنا منسوبها نستطيع عمل شيء.

سمعت وقرأت للعزيزة أروى عثمان عندما عرفت ان السرطان بدأ يفتك بالفنان التشكيلي عبد العزيز إبراهيم بما معناه حان وقت اخراج صندوق رعاية المبدعين إلى النور وأنشغلت العزيزة والرائعة أروى عثمان وانشغلنا جميعاً والأمر ليس مهمة شخص بعينة أو اشخاص يصيحون، يكتبون وحتى يبكون، ثم ينتظرون إلى أن يبدأ المرض يفتك بمبدع آخر فيعاودون الصياح والصراخ ثم يرحل فيبكون وأحياناً يغضبون ويشتمون لكن أين العمل من أجل تحويل فكرة صندوق رعاية المبدعين إلى واقع وحشد التمويلات له؟ أين العمل وممارسة الضغوط القوية لتحويل فكرة التأمين الصحي إلى واقع عملي؟

صحيح القهر يعصر القلوب والحزن يسيل الدموع عندما يفتك مرض ما مثل السكر أو السرطان أو القلب بأحد المبدعين في البلاد دون أن يستطيع أصدقاؤه ومحبوه أن يعملوا له شيئاً، لكن إلى متى الإنتظار؟ إلى متى البكاء والنواح فقط بعد رحيل من نحبهم؟ وهم من ظلوا يقدمون لهذا الوطن دون أن يأخذوا منه شيئاً عاشوا في عزة نفس وشموخ عجيب وفتكت بهم الأمراض وهم في عزة نفس وشموخ أعجب.

وأخيراً : بعد رحيل المبدع متعدد المواهب والألقاب عبد الله علوان هناك ضرورة بأن يقوم المبدعون "مثقفون ،كتاب ،أدباء ،صحفيون، إعلاميون، فنانون ،مؤسساتهم النقابية بعمل خطوات عملية لإنشاء صندوق رعاية المبدعين والبدء بممارسة ضغوط لتنفيذ التأمين الصحي والأموال متوفرة لكن تبعثر في أشياء كثيرة فآليات وإقنية وأبواب الموازنات فيها عبث يعلم به الله والذين يضعونها والمساعدات والهبات تصرف في بنود لو كشفت للناس لاحرقوا من يقدمها ومن يصرفها.