الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:١٤ صباحاً

هل يصلح الدهر ما افسده العطار

الشرجبي معتصم
الجمعة ، ٢٨ اكتوبر ٢٠١١ الساعة ٠٧:٣٠ مساءً
ليس خطاءً مطبعيا ولا خلال في حفظ المقولة ونقلها , ولكني تعمدت هنا أن أتي بهذه المقولة الشهيرة في هذا السياق , الذي تقرؤونه , فالدهر نعرفه جميعاً , سنين من الفقر والجهل والمرض التي اتفقت في غير سابقة لتحدث في هذا الشعب العظيم من التنكيل ما الله به عليم , ولست هنا لأصف أو أتحدث عن الويلات والإحن التي مرت بنا , لكن لأستقي العبرة واستلهم الفكرة , واستوحي الحِكم من ذلك الدهر,واسمحوا لي أن أصفه بالغائب لأني والله أراه ماضياً ولن يعود بإذن الله , من عصارة تلك التجربة التي خاضها شعبنا العظيم والتي اختلطت فيها عقول الجائعين مع آمال البؤساء والمرضى , أتت الدروس وازدادت القناعات, , وتوالت العبر, وكما يقولون "الحاجة أم الاختراع , وأقول " المعاناة مولِد الإبداع " , أتت الرسالة واكتملت معالم الصورة , ونطق السكون ليقول : ليست القبيلة وطنا , ولا البارود يحمي حضارتنا , والعصبية أس دمارنا , أن أفواه البنادق لا تنطق إلا كفرا, وعقول بعض المشيخات لا تحمل إلا غدرا, فما بالكم بكل تلك المصائب إن اجتمعت, هل ينال المقصد , كلا ولن يبنى بها المعبد , فصدعت الحقيقة وتجلا للدرس الأول بريقه وخرج الناس وقد اجمعوا أمرهم وتعالى في الفضاء الرحب نشيدهم " سلمية ..سلمية " نبذوا الماضي واستلهموا المستقبل وبرباطة جأش دافعوا عن مطالبهم وبلا سلاح , وتكاتفوا لنيل حقوقهم وبلا عصبية,و ورسموا طريقهم بدون شيخ القبيلة.

تعالت الصيحات واختلفت بألوانها العمامات أحلال ما تدعون إليه أم أنكم ستخوضون في المحرمات , ثورتكم على الطريقة الإسلامية , شافعية هي أم حنبلية , هتافكم هل وافق مذهب الهاوية , إن كان أمر بمعروف أو نهي عن منكر فراعوا الأولوية , وإن كان خروجاً على الحكام تباً لكم خالفتم القدسية , وإن لم يكن هذا ولا ذاك فأنتم مفسدون في الأرض, أين ستذهبون من رب البرية ,, حتى وان أكل الجوع أكبادكم لا تصرخوا لا تنكروا , اصبروا واحتسبوا إن ربي أعد للصابرين جنان سرمدية , هكذا قال سفيان , وبن حبان , وقبلة شيخ الإسلام ابن تيمية , وتلميذه ابن القيم الجوزيه ,تغفر الله هل قال ربي أن نكون لهم مطية , ما سمعتم قول علي _كرم الله وجهه _ " الفقر كفر " ولو كان الفقر رجلاً لأذقته كاس المنية , ومن قبله قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه ، فقتله" حسبكم كيف غطت على عمائمكم حتى أصبحت عن الحق غبية , فشق الدرس الثاني إلى عقول الناس طريقه , إن شرائع الله عز وجل, ليست لطموحات الشعوب وأحلامهم معيقة , الدين نهج والتشريع دولة, وكفاكم لا تلبسوا الحق بالباطل , لا تسلبوا الدين بريقه .
تزايدت الكاميرات وعلى أبواب المتخمين بدماء أبنائنا ولحومهم تزاحمت القنوات فأتت أهازيج أصحاب الذوات وامتلأت صنعاء بالصوالين والحبات , ومؤيدين باعوا ضمائرهم بحق القات , لشرعية الجلادين والسفاحين مع الطغاة , يرفعون اللافتات , وبكل عجرفة يتغنون بالانتخابات , يحملون صر الزعيم تسبقها الهراوات , صدقوا كذبتهم واستباحوا الحرمات, وبداعي الحرص قتلوا الشباب ,لحفظ المنجزات , ويا لها من منجزات , حسبهم ربي يقتلون ويسفكون وينهبون , يتبجحون بشرعية الزعامات , ستلعنهم كل آهاتنا وكل الأمهات .
انسوا بأن الحق كل الحق بشرعية الثورات , وأن دستورنا قال أن الشعب مصدر كل السلطات ,سيحمل وزرهم كبيرهم و ستلهج القلوب بالدعوات , فيا رب افتح لها أبواب السماوات , حسبنا أنت ,إذا زاد فينا بطش الطغاة .

عندها أتت جمعة الإنذار – جمعة الكرامة- ونفض الشعب عن دستوره الغبار , دستورنا لا يقبل حاكم سفاح, يقتل شعبه في وضح النهار قتل الشباب ولم يعذر بلاطجته حتى الصغار , رباه اجعل لنا مخرجا , أنت خير من تختار.

أضاء الدرس الثالث ساحات الحرية والتغيير , لن يسلبنا قتلك حق التعبير ,سنضل نهتف " سلمية " حتى وإن أعلنت في بلاطجتك النفير ,إن دستورنا دستور حياة , ودستورك قتل وزعير , فليحيى دستور الشعب , وليمت كل دستور حقير.
اهتز الجيش بأركانه , وتساقطت من أيدي السفاح بنانه , صوت القتل أعمى أعوانه , رغم ذلك وبدم بارد قام يتلو بيانه , يهدد الشعب بالجيش يحسب أن سيقتل الشعب , سيسفك دم أبنائه وإخوانه , في سبيل ماذا ؟؟؟! في سبيل مجد أسرة شربوا دماء الشعب وابتلعوا خيراته وجنانه ..كلا, نحن من روح ودم , لسنا أداة للندم , لن نستجيب للعدم ,
ومن هنا جاء الدرس الرابع , الجيش جيش الشعب والوطن , لن يكون مطية لذوي المطامع والفتن .

انتشرت الشائعات , وكثر أصحاب القبعات بداعي الحرص يخلقون الفرقان , قاعدة وحوثي وحراك وأحزاب – المشترك - , كيف التقت بالأمس كانوا يتصارعون في الأروقة والطرقات, لم يجتمعوا إلا لتقسيم البلاد , من أجل هذا يخلقون الأزمات , أين الشباب أين الذين قدموا دمائهم , هل سلموا الأمر لأصحاب المطامع , ورضوا هم بالفتات , كيف تسرق الأحزاب ثورتهم , هم من بدءوها هم من يبذلون التضحيات , لست هنا لأحصر تلك الترهات , وبصوت واحد نقول لهم جمَعتنا المظلمات , جمَعنا إنقاذ البلاد من أيادي الجبابرة الطغاة.

وازدانت ملامح الدرس الخامس في أجمل صورة , وقد تلاحمت كل الأيادي والتقت كل الرؤى حب الوطن يجمعنا والوطن فوق كل الخلافات.,

دروس ودروس ولا تزال الدروس تترى , وكلها تصب في خانة هذا الوطن وفي رصيد هذا الشعب العظيم , الذي يزيد حبه وتمسكه بوطنه يوماً بعد يوم , ولعلي هنا لا أجد إلا أن أقول شكراً لله صاحب الفضل أولاً , ثم شكراً للدهر الذي علمنا الكثير والكثير .

وقبل أن اختم مقالي هذا أجد لزاماً علي أن كما بينت ماذا أعني بالدهر , أن أوضح ماذا اعني بالعطار , ليكتمل المثل ويستقيم المعنى , فعطارنا هنا هم قادة أحزاب اللقاء المشترك وكل تلك الشخصيات , العسكرية والقبلية , الذين لا أنقصهم حقاً إذا قلت لهم جزاكم الله خيرا , كنتم لنا عونا وسندا في ثورتنا ثورة الشعب كل الشعب .

استجبتم للمبادرة الخليجية التي كانت ستسلبنا ثورتنا وتحولها إلى أزمة , بداعي الحرص وحقن الدماء , وكسب تأييد الخارج , فكانت إرادة الله وحسمت كل شيء , واليوم نراكم تركضون وفي كل اتجاه تستلهمون قبول الخارج بثورتكم للخروج من عنق الزجاجة , وجميعنا يدرك النتيجة , ويبقى الفرق ,حجم المعاناة التي يتكبدها هذا الشعب يوم بعد يوم وهو ينتظر الحسم ويستجدي النصر الذي بات يشاهده أمام أعينهم , تقف أمامه مساعيكم السياسية التي ما زادت الطين إلا بله ,وما أحدثت في الوضع إلا احتقان , ولكن نعود من حيث كانت البداية , ونقول هل ستستجيب الأحزاب لدروس الدهر وستتعامل مع الأمور على ضوء ذلك , وهل سيكون بمقدور هذا الشعب العظيم أن يتحمل أكثر , وهل سيصلح الدهر ما أفسده العطار