الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٨ مساءً

دعوا الجيش فلن يستفيد من تحريكه احد

عبدالوهاب الشرفي
الأحد ، ٢٠ ابريل ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٤٠ صباحاً
ليس هناك قرار اخطر على اليمن دولة و مجتمعا من قرار الزج بالجيش في الصراعات الحاصلة في البلد الان , لان قرار كهذا سيكون اسرع القرارات التي ستستتبع مضاعفات سيئة ستودي بأطلال الدولة الباقية و ستقفز بمعاناة اليمن واليمنيين قفزة هائلة الى الاسواء .

الجيش هو جيش الوطن , وواجبه حماية اليمن وشعبه من اي اخطار تتهددهما , وكل المكونات في البلد هي جزء من الشعب اليمني , فالإصلاح جزء منه وانصار الله جزء منه والاشتراكي جزء منه والسلفي كذلك والبعثي والناصري والحراكي والليبرالي والشافعي والصوفي والزيدي واي جماعة كانت تحت اي نوع من التصنيفات ادرجت هي جزء من الشعب اليمني , وواجب الجيش هو حماية جميع تلك المكونات بلا استثناء .

اين كانت الخلافات بين هذه المكونات لا يجب ان يكون الجيش اليمني طرفا في القتال مع اي مكون منها ضد اخر و تحت اي مبرر , لأنه لا يوجد مكون يحتكر الوطنية او يجسد موقفه مصلحة اليمن وغيره هم اللاوطنية والساعين لخراب اليمن , ومن يقول بذلك هو اللاوطني وهو الساعي لخراب الوطن لأنه يجعل من نفسه المحدد للمواقف والقرارات المتعلقة ببلد وبمجتمع ليس هو كل مكوناته . وبالطبع فالمكونات الاخرى ستسعي لرفض هذه الوصاية عليها والاقصاء لها وهو ما سيدخل البلد في صراعات ومضاعفات للتشارك في الوطن وليس لحمايته .

لا يجب ان يتحدد موقف الجيش اليمني بناء على موقف طرف ما من طرف او اطراف اخرى , لان المتضرر في هذه الحالة هو الجيش والوطن نتيجة لدخول جيش الوطن في حرب مع جزء من ابناء الوطن والذي حتما هم جزء من مكونات الجيش ذاته . فدخول الجيش للقتال لجانب انصار الله ضد الاصلاحيين لا يمثل مهمة وطنية وانما مهمة عصابية فالجيش ليس جيش انصار الله , ودخول الجيش للقتال الى جانب الاصلاحيين ضد انصار الله ليس مهمة وطنية وانما مهمة عصابية فالجيش ليس جيش الاصلاح , وهذا الميزان هو ما يوزن مواقف الجيش تجاه كل مكونات الوطن .

عمليا لا قدرة للجيش ان يخوض حربا مع اي مكون من المكونات ضد مكون او مكونات اخرى , فالجيش منهك و يسوده قدرا كبيرا من التذمر وعدم الرضى وتجاربه السابقة في حروبه شمالا وجنوبا ضد بعض مكونات المجتمع لازالت راسخة في ذهنه ولن يقبل على الاطلاق المجازفة به مره اخرى اين كان الذي سيدفع به الى ذلك .

لو جاوزنا العوائق التي يواجهها من يسعون لانتزاع قرار بزج الجيش في معارك مع مكونات اخرى منافسة وافترضنا حصولهم على القرار المطلوب فلن يفرق الامر في كثير , لان القضية ليست قرار القادة بتحريك الجيش وانما في العقيدة القتالية المطلوبة ليقاتل الجيش , وهذه العقيدة لا يمكن خلقها لدى المقاتلين بقرار قيادة خصوصا بعد تجارب سابقه لهم في الزج بهم للقتال ضد مكونات وطنية اكتشفوا انهم كانوا فيها ضحيه صراع سياسي وليسوا في مهمة لحماية وطن و شعب . ويخطئ من يتصور انه لازال بإمكانه ان يستخدم الجيش بذات الاسلوب السابق ويجعل منه عامل لتفوّق او النصر في هذا النوع من الصراعات .

كلما سيحصل في حال توجيه الجيش للقتال في مهمة يعرف انها مهمة عصابية وليست وطنية هو ان الجيش سيتفكك وسينفلت تماما من السيطرة الجزئية التي لازالت لقياداته حاليا , وسيدخل الجيش في صراع ومواجهات مع مكونات المجتمع المختلفة بمن فيهم المكون الذي يسعى الى تحريكه الان كونهم ممن شاركوا في كل مظالم وماسي و عبث تم بحق الجيش في الفترات الماضية , وفي صراع ومواجهات بين وحداته المختلفة ايضا .

مقاتلي الجيش هم افراد من المجتمع وهم يتنوّعون تجاه قضايا ومكونات البلد ذات التنوع الموجود في الواقع , ولا يمكن باي حال جمعهم في موقف واحد من معركه لمكون ضد مكون اخر على الاطلاق , ولن يستفيد احد من تحريكه على الاطلاق , وفي حال تم الزج به في هذا النوع من المواجهات فذلك يعني فقط القضاء على ما تبقى للبلد من جيش , وعلى ما تبقى للبلد من امل في التشارك والتعايش اذا ما حرص الجميع على تنفيذ و الالتزام بمخرجات الحوار الوطني .

على جميع المكونات في البلد ان تتفهم حساسية وخطورة وعبثية تحريك الجيش في الصراعات بين مكونات البلد , و عليهم ان ينضجوا سياسيا ويتفهموا حقيقة معادلات القوى القائمة على الواقع , ويعملوا على تحويل صراعاتهم ومغالباتهم الى مواقف وخطوات سياسية والتوقف عن استخدام القوة المسلحة حتى الذاتية منها و الدور الوحيد الذي يمكن ان يقوم به جيش الوطن في هذا التنافس والصراع هو الفصل بين المتقاتلين في اماكن التوتر لحين التوصل الى حلول سياسية بين الاطراف المتنافسة , اما تحريكه في غير هذه المهمة فلن تكون في صالح احد ومن سيدفع باتجاهها هو اول من سيتضرر منها واول من ستلحقه الانعكاسات السلبية لهذا التحريك الخاطئ لجيش الوطن .